\r\n وفي كلمة ألقاها يوشينكو إثر التوقيع على الاتفاق الوطني المذكور, قال \"إن أمامنا فرصة فريدة الآن لتوحيد شطي نهر دنيبر المنقسمين على بعضهما\". وفي تلك العبارة إشارة ذكية وتورية لذلك المعلم الجغرافي الذي يفصل أوكرانيا إلى قسمين ثقافيين عرقيين, أحدهما وطني أوكراني النزعة والانتماء, والآخر روسي الهوى والمزاج. \r\n وعلى أية حال, فقد أضحى رئيس الوزراء الجديد المرتقب يانوكوفيتش, الذي شهد فوزه في انتخابات عام 2004 اندلاع مظاهرات شعبية واسعة, تمكنت من قلب تلك النتيجة والإطاحة به, أضحى مرشحاً لعودة سياسية قوية في منصب رئيس للوزراء. غير أن ترشيحه هذا جرى تأجيله إلى حين التوصل إلى صياغة نهائية لما يكون عليه \"التحالف العريض\" الناتج عن اتفاق الوحدة الوطنية الشاملة آنف الذكر. يذكر أن حزب \"يانكوفيتش\" كان قد فاز بأغلبية المقاعد البرلمانية في انتخابات مارس المشار إليها (186 مقعداً من جملة 450 مقعداً), غير أنه فشل في تشكيل كتلة أغلبية برلمانية حينها, إلى أن تحققت له هذه الخطوة المهمة في الشهر الماضي, إثر انشقاق الحزب الاشتراكي المؤيد ليوشينكو من قبل. ونتيجة لهذا الانقسام في صفوف مؤيديه, لم يكن للرئيس بد من الإذعان والتسليم بواقع الأمر, على الرغم من أنه لم يفعل إلا بعد انقضاء مهلة قانونية لا سبيل لتجاوزها. وعليه فقد أعلن في الساعات المتأخرة من يوم الخميس الماضي تأييده لخصمه \"يانوكفيتش\". والآن وبفعل تأييد الحزب الشيوعي له, فقد أصبح \"يانوكوفيتش\" في موقف سياسي متقدم, يؤمن له تسلم مسؤوليات رئاسة الوزراء, مع العلم أنه المنصب الذي كان فيه لحظة مواجهته لغريمه \"يوشينكو\" في انتخابات عام 2004 الرئاسية الشهيرة. وعلى إثر الإعلان عن نتائج تلك الجولة الانتخابية العاصفة, كان قد خرج آلاف المتظاهرين واحتشدوا في شوارع العاصمة كييف, مشعلين بذلك \"ثورتهم البرتقالية\" التي عصفت ب\"يانوكوفيتش\". \r\n وعلى الرغم من نجاح الاتفاق في تغطية عدة قضايا وهموم أوكرانية رئيسية, فإنه أخفق في حسم مسائل خلافية كبيرة لا تزال قائمة بين \"يوشينكو\" ورئيس وزرائه المرتقب. والمعروف عن الأخير أن مواقفه تميل أكثر إلى تعزيز العلاقات السياسية والتجارية بين بلاده وموسكو. ولهذا السبب فقد اتهم تأييد \"يوشينكو\" له بأنه خيانة لأهم المبادئ التي قامت من أجلها \"ثورة البرتقال\". ومما يؤخذ على رئيس الوزراء الجديد فيما يتصل بسياساته الموالية لروسيا, تأييده لفكرة انضمام أوكرانيا لعضوية حلف \"الناتو\". بيد أنه يشرط هذا التأييد بإجراء استفتاء شعبي على فكرة الانضمام هذه. ومن الأمثلة أيضاً تأييد \"يانوكوفيتش\" لخطوة الإعلان عن اللغة الأوكرانية لغة رسمية للبلاد. لكنه يردف هذا التأييد بإضافة أخرى تنص على حرية المواطنين الأوكرانيين في التخاطب باللغة الروسية إن شاءوا. وبالنظر إلى حساسية وعاطفية هذه الدعوة, فقد عمد مؤيدو \"يانوكوفيتش\" إلى الترويج والدفع بها في مختلف المناطق والمدن الأوكرانية, قبل أشهر عديدة سبقت الانتخابات. \r\n وعلى المستوى النظري, فإن في مقدور التحالف السياسي الجديد, السيطرة على حوالي 323 مقعداً من مقاعد البرلمان. أما على الصعيد العملي, فقد تواترت الأخبار والتقارير مؤخراً عن رفض عدد من مؤيدي \"يوشينكو\" في البرلمان للتحالف الناشئ للتو. ومن بين هذه الأحزاب فقد طلب الحزب المعارض الجديد بقيادة\" يوليا تايموشنكو\", طلب من مؤيديه معارضة التحالف الجديد. وكانت السيدة \"تايموشنكو\" التي عملت رئيسة وزراء للسيد يوشينكو لمدة ثمانية أشهر إلى أن أقالها من منصبها في شهر سبتمبر الماضي, قد وصفت اتفاق الخميس الماضي بأنه \"استسلام سياسي\" بينما رفض مؤيدوها التوقيع عليه, إلى جانب مواصلة رفضهم للإجراءات البرلمانية المترتبة عليه. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n