\r\n قال هنري فورد، قطب صناعة السيارات الأميركي الكبير ذات مرة \" إن التاريخ هراء \" وهو كان محقا في أنه نادرا ما يعيد نفسه، من وجهة نظره. ولكننا مازال يمكنا أن نتعلم دروساً قيمةً منه، وأحداث ثمانين سنة مضت تحتاج إلى أن تكون في أذهان الساسة وهم يكافحون أزمة مالية تهدد بالتحول إلى تباطؤ وانكماش اقتصادي على مستوى العالم. \r\n والنقطة الحاسمة هي أنه حتى بالرغم من أن المؤرخين يتجادلون ويتحاجون حول الأسباب المعقدة ل\" الكساد العظيم \"، فإنهم يتفقون عموما على أن الأمر لم يكن انهيار \" وول ستريت \" نفسه. كان الهلع والفزع الذي انهارت بسببه أسهم الشركات وقفز الممولون من نوافذ ناطحات السحاب شأنا قصير الأجل إلى حد ما، برغم كونه دراماتيكيا. وبحلول مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، عادت الرأسمالية الأميركية في التجارة والأعمال وتقدمت مرة أخرى. وقد عانى \" وول ستريت \"، على أية حال، من اهتزازات مماثلة كل 20 سنة أو ما شابه منذ الأربعينيات من القرن الماضي. \r\n وأحد الأسباب الكبرى التي حولت الأزمة المالية الأميركية في عام 1929 إلى تباطؤ وانكماش اقتصادي عالمي كان صنع السياسة قصير النظر، أولا من قبل الكونجرس الأميركي ثم من قبل شركاء أميركا التجاريين الرئيسيين. فقد تسببت تعرفة \" سموت-هاولي \" التجارية المُقدمة في عام 1930 من قبل سيناتور جمهوري من أوتا وزميله السناتور الجمهوري من أوريجون لحماية الولاياتالمتحدة من كل من الواردات الزراعية والصناعية، تسببت في حربٍ تجاريةٍ عالمية. فقد ردت بريطانيا بنظامها الخاص بالتفضيلات والامتيازات الإمبريالية. وتسببت الحِمائية ( مذهب حماية الانتاج الوطني بفرض رسوم جمركيّة عالية على السّلَع المستوردة) التي انتشرت بسرعة، تسببت في جعل عشرات الملايين من الناس بلا وظيفة ومشردين وجوعى عبر المعمورة. \r\n وسرعان ما تم الشعور بقانون العواقب غير المقصودة، مع إصابة وتضرر الولاياتالمتحدة بشدة جراء سياستها المضللة غير الموجهة. فقد أقرضت البنوك الأميركية بسخاء الصناعات الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى، وعندما أُنكرت على الأخيرة مكاسبها من الصاردات الأميركية لم تعد تستطيع أن تخدم ديونها. وبحلول عام 1933، كان حوالي 9000 بنك أميركي قد فشل. \r\n والآن أكثر مما مضى، وبفضل العولمة، تصبح التجارة الدولية هي المفتاح للصحة الاقتصادية في كل مكان. إن فشل جولة التنمية بالدوحة في هذا الصيف والخاصة بمفاوضات تحرير التجارة بين 153 دولة في منظمة التجارة العالمية يمكن أن تؤشر إلى بداية دورة جديدة من الحمائية. وإذا بدأت الدول التجارية الكبرى في العالم في نصب حواجز أمام سلع وخدمات بعضها البعض، فإنها ستلحق ضررا أكثر بكثير بالاقتصاد العالمي أكثر مما يمكن أن تلحقه أي أزمة مالية، برغم ضخامة الخسائر الحالية في البنوك وشركات الاستثمار. \r\n إذا كان هناك استئناف للحمائية على نظام واحدة بواحدة (أي الرد والثأر المماثل بين الدول في الحمائية التجارية )، فإن علامات ذلك هي ما سيبدأ في الولاياتالمتحدة. إن الشعور السائد بين كثير من الناخبين الأميركيين هو أن المنافسة \" غير النزيهة وغير العادلة \" من الدول ذات الأجور المنخفضة في آسيا تسلب الولاياتالمتحدة من وظائفها. ومشاعر الكراهية المماثلة في أوروبا شهدت مؤخرا لجوء الاتحاد الأوروبي إلى إجراءات مناهضة الإغراق ضد ما قيل من الممارسات السرية في الصين وفيتنام. \r\n وبذور الجولة الجديدة من الحمائية يمكن أن تكون مزروعة بالفعل، غير أن لا اقتصادات تستفيد من تجارة دولية رائجة أكثر من اقتصادات الدول الغنية. وتشتكي اتحادات العمال الأميركية من فقدان 7 ملايين وظيفة كل عام أمام المنافسة الأجنبية، ولكن في الحقيقة شهدت الاثنتا عشرة سنة الأخيرة مكسبا صافيا في الوظائف في الولاياتالمتحدة بتشغيل 23 مليون شخص إضافيين. \r\n والسبب ليس صعبا في إيجاده. فأميركا وأوروبا لديهما المعرفة والتقينة وأسواق التجزئة التي هي المُوجهات الرئيسة للمشروعات الصناعية الجديدة المربحة مثل مشروعات الصين. وفي المتوسط، يمكث 15 سنتا فقط في كل دولار من القيمة المضافة للصادرات الصينية، يمكث في الصين، وبالنسبة للسلع والبضائع مثل الحواسيب المحمولة والأجهزة الإليكترونية الأخرى فإن ذلك النصيب يمكن أن ينخفض بنسبة من 3 % إلى 4 %. \r\n ويتحدث الخبراء عن ما يُسمى ب\" منحنى الابتسام \" والذي تكون فيه الأجزاء العليا من البسمة هي تكلفة تصميم المنتج وقيمة العلامة التجارية وربح البيع بالتجزئة و يكون القسم الأدنى من المنحنى هو عملية الإنتاج الفعلية. \r\n ومع وجود حظ، ستشهد الأسابيع والشهور القادمة احتواءً للهلع والفزع الذي يجعل الأسواق المالية العالمية خطيرة جدا ولا يمكن التنبؤ بها. ومازال مزيد من الحظ وكذلك حكم وتقدير جيد سيكون لازما لوقف انتشار وامتداد الأزمة إلى التجارة العالمية. دعونا نأمل أن يكون صانعو السياسة قد تعلموا دروسا من \" ثلاثينيات الجوع \" من القرن الماضي في أميركا. \r\n \r\n جيلز ميريت \r\n الأمين العام لمنظمة \" أصدقاء أوروبا \" البحثية في بروكسل ومحرر الدورية السياسية \" عالم أوروبا \" \r\n خدمة \" إنترناشيونال هيرالد تريبيون \" - خاص ب\" الوطن \" \r\n