\r\n وخطر الإرهاب البيولوجي على الأمن القومي ليس له مثيل. والشيء الذي يجعل الدفاع ضد هذا الخطر يمثل تحديا بالغا هو ذلك الخط الضبابي الفاصل بين البحث النافع والمقاصد المدمرة. وعلى سبيل المثال فإن بعض من يتوفر لديهم المعرفة والمعدات اعتادوا على صنع انواع جديدة من العقاقير التي تسهم في انقاذ الحياة غير أنهم يمكن أن يتسببوا في الوقت نفسه في الإيقاع بأعداد كبيرة من الخسائر البشرية على يد الإرهاب البيولوجي. ولما كانت العولمة قد ساهمت في نشر تلك التقنيات البيولوجية في أنحاء العالم دعما لتحسين الصحة العامة فقد باتت معرفة تنطوي على مخاطر جسيمة في متناول عدد أكبر من الأشخاص في دول أكثر مما كانت عليه في السابق. \r\n وكما كشفت عنه هجمات الجمرة الخبيثة في 2001 فالمشكلة التي قال الإف بي آي أن وراءها باحثا في فورت ديتريك من ميريلاند قد تكون محلية. ومنذ عام 2001 أنفقت إحدى عشرة وكالة حكومية أميركية مبالغ وصلت الى 50 مليار دولار لمواجهة تهديد الاسلحة البيولوجية وكانت نتيجة ذلك ما شهدناه من نمو سريع في عدد المنظمات البحثية في القطاعين العام والخاص والتي تقوم بالتعامل مع المكونات البيولوجية الخطرة. بيد أن إخفاق مرفق الأمن العسكري في منع انتشار الجمرة الخبيثة يسلط الضوء على التعقيدات العملية التي تكتنف الرقابة على كميات وإن كانت قليلة إلا أنها قاتلة من مسببات الأمراض والسموم. وقد تفاقمت المشكلة عدة مرات على الصعيد الدولي. ووفقا لمصادر حكومية أميركية فالقاعدة وعدد غير معروف من المنظمات الارهابية وكذا دول مثل ايران وسوريا وكوريا الشمالية وتسع دول أخرى تواصل العمل في برامج انتاج اسلحة بيولوجية هجومية. وفي كثير من الحالات ترتبط محاولاتهم وتكتسب غطاء ببرامج مدنية بدعوى أنها لأغراض سلمية. \r\n وقد حفزت ثورة التكنولوجيا الحيوية نموا كبيرا في البحوث البيولوجية وتطوير المستحضرات الطبية في أنحاء العالم. وعلى سبيل المثال في عام 2006 وصل سوق الدواء والمستحضرات الطبية في ايران إلى 1.58 مليار دولار ومن المتوقع أن يشهد نموا بنسبة 50% بحلول عام 2011. وكجزء من استراتيجية التنمية الوطنية تبذل ايران جهودا مضاعفة لتشجيع شركات انتاج الدواء الأجنبية على الدخول إلى السوق الايراني وتقديم التقنيات الجديدة والإمكانيات المختلفة إلى ايران لخدمة احتياجات الصحة العامة. بيد أن بعض الخبراء يزعمون ان ايران يمكن ان تستخدم تلك الإمكانيات نفسها لإنتاج كميات صغيرة من مكونات الاسلحة البيولوجية مثل الريسين والطاعون وفيروس الجدري. \r\n كما أن ايران قد فتحت أبوابها أيضا لشركة ادوية بريطانية لإجراء تجارب سريرية على منتج يحتوي على توكسين البلوتنيوم. وربما كان قرار الشركة بإجراء التجارب ينطوي على اتفاق ضمني على المشاركة بمعلومات ذات استخدام مزدوج. ومثل تلك الرغبة من شركات أجنبية في المشاركة بمعلومات ذات طابع حساس مع دولة راعية للارهاب يثير أسئلة خطيرة حول مدى قدرتنا في السيطرة على المكونات البيولوجية الحساسة والسامة وكذا على الدراية الفنية بها. \r\n ومن ناحية فنحن لسنا أكثر أمنا منذ 11 سبتمبر وذلك لعدم قدرة الحكومة على التنافس بشكل فعال في مواجهة الوتيرة السريعة للتكنولوجيا الحيوية الناشئة وعلى وجه الخصوص في الفصل بين الاستخدامات المحتملة السلمية او العدوانية. وهذا التحدي لا يمكن معالجته فقط عن طريق زيادة التمويل الحكومي ، فحجم التهديد اليوم آخذ في الانتشار وعلى نطاق متباين ومتفاوت من مجرد خلية ارهابية ذات قدرات محدودة إلى شركات أدوية بيولوجية ربما تشارك عن غير قصد في تقديم العمليات أو المواد اللازمة لاستخدام أبحاث الأسلحة البيولوجية الهجومية. \r\n وربما يسلط ذلك الضوء على مدى الحاجة إلى تعاون أكبر بين القطاعين العام والخاص في مجالات الصحة العامة والأمن الوطني. ونحن بحاجة إلى دمج الصناعة والحكومة في استراتيجية منسقة لرصد وتنظيم انتشار التقنيات البيولوجية الأكثر حساسية. وهذا يعني ان إدارة الغذاء والدواء وباقي أجهزة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية عليهم أن يدركوا ان القرارات التي يتم اتخاذها باسم الصحة العامة من الممكن ان يطال تأثيرها الامن القومي الأميركي. \r\n ومثال على ذلك فإدارة الغذاء والدواء تدرس منح الموافقات على العقاقير ذات الاستخدام المزدوج للشركات الأجنبية على أسس الأمن الوطني. وكذا فصناعات التقنية الحيوية وكذا الصناعات الدوائية يجب ان تضع في حسبانها ان عليها التزاما في منع انتشار التقنيات المزدوجة الاستخدام لأسباب تتعلق بالأمن القومي بالتأكيد وكذا لما لها من تأثير على أسس تقنياتهم واحتمال تعرضها للمخاطر. \r\n فجميع الأطراف إذا في حاجة ماسة إلى بدء ممارسة رقابة أكثر صرامة على تكنولوجياتها وغرس الشواغل الأمنية في عملياتها الخاصة بصنع القرار من خلال أخذ تهديد الأسلحة البيولوجية بنفس الجدية التي يؤخذ بها تهديد الأسلحة النووي. وإلا أن يحدث ذلك سنظل أكثر عرضة لهجوم ارهابي بيولوجي قادم. \r\n \r\n بريان فينلاي \r\n مساعد بارز في مركز هنري ستيمسون في واشنطن وخبير في منع انتشار أسلحة الدمار الشامل. \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز خاص ب (الوطن)