وقد حصلنا أيضاً على قوة دفع في مجال تخطيط حالات الطوارئ المدنية ويتعاون علماؤنا بنجاح مع شركاء حلف الناتو من أجل الوصول لآليات لمكافحة الإرهاب. \r\n ولكن هذه النجاحات ألقت بظلالها إلى حد كبير على التناقضات في مسألة أخرى -- وهي توسيع عضوية حلف الناتو ودخول أوكرانيا وجورجيا إلى عضوية الحلف. وبوصفي المندوب الرسمي لروسيا لدى حلف الناتو، يتعين عليّ أن أتعامل مع ما يقدمه مندوبو الحلف من حجج، والتي هي في الحقيقة دعاية بلاغية رجعية لأفكار الحرب الباردة. وتهدد هذه الأفكار كلا من التقدم الحاصل في روسيا وعلاقات حلف الناتو مع موسكو وقضايا الأمن العالمي وعملية تعزيز الديمقراطية في روسيا. \r\n المبدأ الأول: حلف الناتو هو إتحاد من الدول الديمقراطية ولا تحارب الدول الديمقراطية من أجل ديمقراطيات أخرى. \r\n هذا الأمر لا معنى له تماماً. وعندما انتقد الأمين العام لحلف الناتو الإنتخابات البرلمانية التي أجريت في بلادي، أعتقد أنه بهذا التصرف يكون قد تجاوز صلاحياته. وعند الجمع بين تقييمه للديمقراطية الروسية مع الفكرة القائلة بأن حلف الناتو لا يحارب الدول الديمقراطية - ولا يحارب الدول غير الديمقراطية بشكل عكسي، فإن كلماته يمكن أن تفسر على أنها تمثل تهديداً لروسيا. \r\n المبدأ الثاني: \"روسيا وحلف الناتو ليسوا أعداء ولكن شركاء\" -- هذا المبدأ يترك صدى غير عقلاني. وتقدم الوثيقة الأخيرة لقمة حلف الناتو التي عقدت في العاصمة الرومانية بوخارست خلال شهر أبريل الماضي وعداً لأوكرانيا وجورجيا بأن هاتين الدولتين سوف تصبحان عضوتين في حلف الناتو. وهذا الأمر يمثل إهانة واضحة لأي رؤية شراكة أو ديمقراطية. ولا يوجد تأييد شعبي كامل في كل من جورجيا أو أوكرانيا لفكرة إنضمام هاتين الدولتين إلى عضوية الحلف. وفيما يتعلق بأوكرانيا، يتركز خمس سكان هذه الدولة فقط بشكل أساسي في المقاطعات الغربية التي تؤيد فكرة الإنضمام إلى حلف الناتو. وعلى الرغم من ذلك، فإن \"إتحاد الديمقراطيات\" أن يسحب بقية الدولة إلى ثكناته، وإنشاء خطوط جديدة من الإنقسام ليس فقط داخل أوروبا ولكن أيضاً بين الدول التي تمتلك أكثر من ألف عام من التاريخ المشترك. \r\n المبدأ الثالث: الدول التي انضمت إلى حلف الناتو حسنت من علاقاتها مع روسيا. والحقيقة هي العكس. وبمجرد حصول هذه الدول على عضوية الحلف، يضغط الأعضاء الجدد في حلف الناتو من أجل عولمة هياكلهم، ويجرون شركاءهم الجدد إلى \"حرب هيكلية\" مع روسيا. وهذا التسويق المخزي لم يحقق نجاحاً ولم يترك أي أثر على العلاقات الروسية مع الإتحاد الأوروبي، ولم يحصل بالمثل على قدر كبير من الإهتمام. \r\n وقد دمرت إستونيا، التي تعتمد بوضوح على حماية شركائها في حلف الناتو، بشكل مجدف نصبا تذكاريا شيوعيا للجنود الذين ماتوا أثناء تحرير مدينة تالين من القوات النازية وأزالوا النصب التذكاري للجنود الذين حاربوا الفاشيين. ومثل غياب الوقفة المحددة داخل الدول الغربية تجاه هذه التصرفات استجابة قاصرة حتى بالنسبة لمعظم السياسيين المؤيدين للغرب في روسيا. \r\n المبدأ الرابع يشبه الدعاية القائلة بأن حلف الناتو يتبنى \"سياسة الباب المفتوح\". ولا يمكن لروسيا أن تدخل من هذه الأبواب، على النقيض من ألبانيا أو كرواتيا مثلاً. وهذا يعني أن توسيع حلف الناتو يقلل من الوزن السياسي للديمقراطيات الأوروبية القديمة لمصلحة الولاياتالمتحدة والإضرار بالبيئة الأمنية في أوروبا التي قد تتعامل مع التهديدات الحقيقية. \r\n وفي مسألة الخطط الأميركية الرامية لنشر عناصر الدفاع الصاروخي الإستراتيجي في بولندا وجمهورية التشيك: فإننا نتلقى تأكيدات متجددة بأن \"روسيا ليست عدونا\" وأن الدفاع الصاروخي هو مظلة للحماية من الأشخاص الأشرار في إيران الذين يهددون الأشخاص الجيدين في أميركا وإسرائيل\". وفي الحقيقة، فإنه ليس هناك من شيء يعزز ويتوصل إلى تسوية مع المعارضة أفضل من العدو الخارجي. وبصفتي أحد الأشخاص الذين عاشوا جزءا كبيراً من حياتهم تحت الحكم السوفيتي، دعوني أخبركم بأنه لولا الحرب الباردة، فإن الممارسة الديمقراطية لم تكن لتبدأ في الإتحاد السوفيتي إلا بعد عدة قرون لاحقة. \r\n وثانياً؛ فإن الخطط الرامية لإعتراض الصواريخ الإيرانية فوق أراضي جمهورية التشيك وبولندا هي مجرد مزحة. وحتى إذا إفترضنا أن إيران مستعدة لإنتاج هذه الصواريخ، ألن يكون من المنطقي بشكل أكبر نشر الدرع الصاروخية والدفاعات الجوية في تركيا وبلغاريا أو العراق؟ ولكن واشنطن تستمر في تكرار هذه الحجج التي تمنحنا أرضيات لكي نؤمن بأننا لم نسمع الحقيقة الكاملة. وبعد ذلك، هناك إشارات إلى الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والدعاوي الأخرى القائلة بأن روسيا أصبحت أكثر عدوانية. ولكن هل نشر بوتين بعض الأسرار السوداء؟ ويكمن السر في أن حلف الناتو يتوسع ويفتح قواعد عسكرية جديدة وينشئ خطوط تقسيم في أوروبا؟ وهل هناك من سر في أن حلف الناتو كان يتحدى منظمة الأممالمتحدة ويغفل القانون الدولي؟ \r\n وتكمن المشكلة فقط في أن بوتين ذكر هذه الأشياء بأسلوب واضح وأمين لكي يكون على قدر إجتماع قائد مع زملائه الأجانب وأن يحثهم على تبادل أوجه القلق والمخاوف. وقد مررنا أيضاً بأوقات عصيبة عند سعينا لفهم الأمور التي دفعت الولاياتالمتحدة إلى تقسيم صربيا وإنشاء دولة إجرامية تحت السيطرة الفعلية لمافيا المخدرات. ووفقاً لخبراء الأممالمتحدة، فإن كوسوفو تهرب ما يقرب من 75% من الهيروين الذي يتم استهلاكه في قارة أوروبا. \r\n لذا، أين هذه العدوانية الروسية المزعومة؟ هل تكمن في محاولة إقناع الشركاء بعدم إرتكاب أخطاء فادحة؟ أم أنها تكمن في تصريحنا بشكل واضح بأن مصطلح \"ردع روسيا\" هو أمر عديم الجدوى وأن توسيع عضوية حلف الناتو لا يحل المشاكل الأمنية الأوروبية، ولكن على المقابل يخلق وهم الأمن ويترك أوروبا عرضة لتهديدات جديدة مثل الإرهاب والتطرف الديني والهجرة غير الشرعية؟ \r\n وتحتم التهديدات الجديدة التوصل إلى رؤية جديدة لشراكة روسيا مع حلف الناتو التي حددها الرئيس ديمتري ميدفيديف في \"وحدة كل المساحة الأوروبية الأطلسية\" من فانكوفر إلى فلاديفوستوك\". \r\n وتشكل العلاقات الروسية مع حلف الناتو أساس الأمن العالمي. واليوم، يعتبر هذا هو الشرط الوحيد لتطوير علاقاتنا. وتمتلك كل من روسيا وأوروبا تاريخا وقيما وثقافة مشتركة. وسوف يكون مستقبلنا أيضاً مشتركا إذا ملأناه بروح الثقة والشراكة الصحيحة. وبالنسبة للمخططات الدعائية، فإنها يجب أن تلقى في مرحاض الحرب الباردة. \r\n \r\n ديمتري روجوزين \r\n السفير الروسي لدى حلف شمال الأطلنطي (الناتو) \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون، خاص ب (الوطن)