لا شك في أن ماكين سياسي شديد الموقف يحظى بسمعة سيئة في روسيا. خاصة بعد أن سمعناه يدعو لإبعاد روسيا من مجموعة «الدول الثماني الكبرى»، وأنه لم ير في عيني الرئيس بوتين سوى ثلاثة حروف هي «كي جي بي»، وقال إجابة عن سؤال «هل ستحاربون روسيا؟» أجاب: «الأمر غير مستبعد ويتوقف هذا على سلوكها وسياستها». \r\n \r\n \r\n ولكن رغم هذا فإن الواقع والتاريخ بين موسكووواشنطن يكشف أنه عادة كان من السهل على السياسيين الروس التفاهم مع الجمهوريين أكثر مما هو مع الديمقراطيين، بل إن البعض يرى أن أسلوب الجمهوريين المتشدد وخاصة منهم الصقور المحافظين كان دائما يروق للقادة الروس. وينطبق ذلك على العلاقات بين خروشوف وأيزنهاور عندما قام الزعيم السوفييتي بأول زيارة لأميركا، أو بين بريجنيف ونيكسون عندما تم التوقيع على الوثائق الأساسية التي أتاحت كبح جماح سباق التسلح، وبين غورباتشوف وريغان عندما انتهت «الحرب الباردة». \r\n \r\n \r\n أما في عهد بوش الأب فقد اكتسبت العلاقات الروسية - الأميركية حرارة غير مسبوقة، وأمامنا الآن نموذج واضح لهذه الحقيقة وهي العلاقات الودية والطيبة للغاية بين الرئيس بوش الابن وبين الرئيس السابق بوتين والحالي ميدفيديف، هذه العلاقة التي انتقد فيها الديمقراطيون كثيرا الرئيس بوش الابن، واتهموه بالضعف أمام بوتين وأنه يجامل روسيا كثيرا على حساب المصالح الأميركية. \r\n \r\n \r\n من ناحية أخرى كان التعامل مع رؤساء أميركا الديمقراطيين أصعب دائما على الزعماء السوفييت والروس. فقد كان الديمقراطي كارتر عندما يخص الأمر موسكو يبالغ كثيرا في التشدق بحقوق الإنسان وبالقيم الأخلاقية، وفي عهده اصطدم أولمبياد موسكو بمقاطعة من جانب نصف العالم. أما كلينتون فغلب يلتسين في الدهاء. \r\n \r\n \r\n علما أنه أثناء فترة ولايته بالذات تمت «برمجة» الحل الراهن لقضية صربيا وكوسوفو والذي ضرب إسفينا بين روسيا وبين الغرب أعمق من ذي قبل. \r\n \r\n \r\n و ربما يؤكد لنا وجهة النظر هذه المرشح الديمقراطي للرئاسة عام 2004 جون كيري الذي ركز في حملته الانتخابية كثيرا على الهجوم على روسيا معتبرها العدو الدائم للمصالح الأميركية. \r\n \r\n \r\n ويعتبر بعض علماء السياسة الروس أن فوز باراك أوباما الذي كثيرا ما يشبه في الولاياتالمتحدة بجون كينيدي، سيكون أفضل بالنسبة لروسيا لأنه يستطيع، حسب الزعم، أن يجدد السياسة الأميركية ويبعث الأمل بالمستقبل. \r\n \r\n \r\n ولكن «بعث الأمل» على الطريقة الأميركية قد يطرح أمامنا جملة من التحديات الضخمة. فلنتذكر أنه في عهد كينيدي بالذات تأسس «فيلق السلام» كأداة لترويج المثل الأميركية في أنحاء العالم، وأطلق برنامج لاستكشاف القمر ونشبت الحرب في فيتنام. وفي ظل حكم الديمقراطي كنيدي اقترب الاتحاد السوفييتي والولاياتالمتحدة أكثر من أي وقت مضى من حافة الحرب النووية - أثناء أزمة البحر الكاريبي. \r\n \r\n \r\n المشكلة أو الفارق بين الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن في السياسة الخارجية أن الجمهوريين، وخاصة الصقور المتشددة منهم، أصحاب مصالح خاصة تتعلق بعالم النفط والمال وتجارة السلاح، ولهذا فإن صدامهم مع روسيا قد يكون أقل بكثير من الديمقراطيين الذين تستهويهم فكرة أميركا العظمى ونفوذها السياسي في العالم، ربما لهذا لم تعر إدارة بوش الابن اهتماما كبيرا لحلفاء أميركا الأوروبيين ووصفتهم بأوروبا العجوز، ولم يعيروا اهتماما بنهوض قوى اقتصادية جديدة مثل روسيا والصين والهند، بل ذهبوا يركزون اهتمامهم على الشرق الأوسط فقط حيث النفط، وهذا في حد ذاته ساعد روسيا كثيرا في النهوض خلال الأعوام الثمانية الماضية. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي روسي \r\n \r\n \r\n