\r\n ومن ثم فإذا كان لديك لبس بشأن ما يحدث في هذا الفصل الاحدث من فصول كتاب العراق فدعني اوضح لك الامر بقدر ما استطيع. حيث ان هذه الزيادة المفاجئة في العنف والتي تأتي قبل أقل من أسبوعين من شهادة الجنرال ديفيد بتريوس والسفير الأميركي ريان كروكر المقررة أمام الكونجرس يمكن ان تكون في الواقع لحظة حاسمة. والسؤال الكئيب هو ما اذا كانت ستحسم الامور للافضل ام للاسوء. \r\n بدأت الأزمة عندما شن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو شيعي هجوما عسكريا كان يهدف حسبما هو مفترض له ان يقضي على العصابات والميليشيات المسلحة في البصرة. تنتج محافظة البصرة أغلب نفط العراق؛ ومدينة البصرة هي الميناء الوحيد للعراق والذي يتم من خلاله تصدير أغلب النفط. كما ان المدينة منطقة لا تخضع لسيطرة القانون بشكل كارثي ويتنافس فيها ثلاث ميليشيات شيعية مسلحة على السلطة والسيطرة على صادرات النفط؛ وهم يبددون ما يقدر بحوالي 300 الف برميل من النفط في كل شهر. \r\n كان البريطانيون يسيطرون على البصرة لكنهم سمحوا للميليشيات بالانتعاش واختراق قوات الشرطة. وفي سبتمبر الماضي سحبت بريطانيا قواتها من المدينة ولديها الان حوالي 4 آلاف جندي يتجمعون في المطار. ولا يريدون القيام بأي قتال. \r\n ربما تكون البصرة تمثل الصورة السيئة لما يمكن أن يحدث حال سحب الرئيس الاميركي المقبل القوات الاميركية من بغداد بسرعة كبيرة- انهيار المؤسسات الحكومية الضعيفة والاقتتال بين الفصائل العراقية مع عدم وجود قوات أجنبية تفصل بينها. \r\n ومن ثم فإنه من حيث المبدأ لعله لم يكن بالأمر السيء بالنسبة للمالكي أن يعمل على إعادة ترسيخ القانون والنظام في البصرة. فهذا يمكن ان يشير الى ثلاثة أمور إيجابية وهي ان حكومة المالكي الضعيفة والعاجزة يمكن ان تحقق شيئا ما بالفعل وان قوات الامن العراقية قادرة على العمل وحدها وان المالكي كان يريد الضرب بيد من حديد على الميليشيات من طائفته الشيعية(كما امتدحه الرئيس بوش على ذلك). \r\n لكن ها هو فحص حقيقي للصورة الوردية لبوش فيما يحدث. \r\n اولا، تبلغني مصادر في بغداد ان المالكي خطط لهذه العملية بدون تشاور مسبق مع الاميركيين. وإن الرئيس حاول نسج ذلك بوصفه شيء جيد وهو ان العراقيين اخيرا يمسكون بزمام المبادرة. وكان ذلك يمكن ان يكون حقيقيا لو ان رئيس الوزراء العراقي كان يدرك ما يفعله. \r\n غير ان المالكي غير الكفؤ يبدو انه تصرف بحماقة. حيث اكتنف تحركه المتهور مخاطر كبيرة بالنسبة للسياسة الاميركية ولم يكن التوقيت صائبا حيث يأتي ذلك في الوقت الذي يغادر فيه بتريوس وكروكر متجهين الى الولاياتالمتحدة. \r\n وكان المالكي قد قام بزيارة خاطقة للبصرة مؤخرا وحدد يوم الجمعة الماضي بصفته موعد نهائي لاستسلام المسلحين الامر الذي تجاهلوه. ولم تحقق قواته تقدما كبيرا وكانت في وضع حرج. وفي هذه الاثناء تفجر القتال في الاحياء االشيعية التي كانت تشهد هدوءا في بغداد. \r\n ثانيا، فإن هجوم البصرة وبغض النظر عن كونه محاولة قمع نزيهة لميليشيات شيعية الا انه يبدو انه كان يستهدف جهة بعينها وهي ما يطلق عليها جيش المهدي الذي يتزعمه الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر. ويعتقد الكثيرون ان الهجوم قصد به التأثير على مجريات الانتخابات المحلية المقبلة المقرر إجرائها في اكتوبر المقبل لصالح تحالف المالكي. \r\n \r\n أغلب الحكومات المحلية يسيطر عليها الآن الحزب الشيعي الأكبر وهو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي يدعم المالكي والذي له ميليشيا في البصرة. وكان من المتوقع أن تهزم مجموعة الصدر المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق في عدة محافظات ومن ثم فإن عملية المالكي ربما تكون هجوما استباقيا على قوات الصدر. \r\n مرة اخرى، لو استطاع المالكي تأكيد القانون والنظام في البصرة، ربما لابتهج كثير من العراقيين على الرغم من أن ذلك لن يحقق اي شيء فيما يتعلق بالعدالة التي يتحدث عنها بوش. ومع ذلك فإن معركة البصرة يمكن ان تأتي بالنتيجة العكسية وهي زيادة الخروج على القانون والعنف. كما ان ذلك يهدد بتقويض المكاسب التي تحققت بصعوبة جراء الزيادة الاضافية في القوات الاميركية في العراق في الاشهر القليلة الماضية. \r\n احد الاسباب الرئيسية لانخفاض الضحايا الاميركيين والعراقيين في هذا العام هو احتفاظ قوات الصدر بوقف اطلاق النار طيلة الاشهر السبعة الماضية. حيث توقف جيش المهدي في الغالب عن قتل السنة والقوات الاميركية. ويحمل القادة الاميركيين على \"العناصر المارقة\" من جيش المهدي لكن دون اي رغبة في الانجرار الى معركة كبيرة مع الصدر نيابة عن المالكي. فمثل هذه المعركة كان يمكن ان تعرض الهدنة للخطر وكان يمكن لها ان تصرف الاهتمام عن الجهود المستمرة في شمال البلد من اجل القضاء على فلول تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. \r\n اذا انهى الصدر هدنته فإن بغداد يمكن ان يهزها العنف بشكل كبير مرة اخرى. ويمكن ان تقوم عصابات تابعة للصدر بتجديد عملياتها في التطهير العرقي للسنة في المناطق المختلطة الباقية في المدينة؛ ويمكن ان يعود المسلحون السنة المتحالفين الآن مع القوات الاميركية الى الصراع الطائفي.ويمكن للامال بسحب مزيد من القوات الاميركية هذا العام ان تتبدد. (وبالمناسبة فان القوات الاميركية المنسحبة سيكون عليها المرور عبر الطرق العراقية الجنوبية التي تتمركز فيها قوات الصدر.) \r\n يمكن للمالكي ان يتراجع ويستقر الوضع على نسخة اقل استقرارا من رهان الوضع الحالي. وما هو غير محتمل ان يكون التحرك المتهور للزعيم العراقي هو الحظة الحاسمة التي تخيلها الرئيس الاميركي. دعونا نأمل الا يقوض ذلك المكاسب الهشة التي كانت قد اعطت العراقيين بعض الامل بان الكابوس الذي يعيشون يمكن ان ينتهي في النهاية. \r\n \r\n ترودي روبين \r\n كاتبة عمود وعضو هيئة التحرير في فيلادلفيا انكويرر.خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن).