\r\n اقول الاحتفاء رغم علمي بان صربيا سوف تتميز غيظا ضد ما دعاه رئيس وزرائها \"بالدولة المصطنعة على الارض الصربية\" كما ان الدب الروسي سوف يعض على نواجذه, وتتأجج نيران التوترات البلقانية لبعض الوقت, وينهمك المحامون في البحث عن سابقة مماثلة. \r\n \r\n \r\n اما الحقيقة فهي ان استقلال كوسوفو امر مبرر وفريد ولا يمكن تجنبه. اذ ما من طريقة اخرى سواه. وقد خسرت صربيا مقامرتها الوطنية على كوسوفو منذ وقت طويل ولا سبيل لجسر الخلافات الناشئة عن تلك المقامرة. وأي تأجيل لما لا مفر منه لا يؤدي الا الى احداث الضرر في المنطقة. \r\n \r\n وهكذا, اعلنت كوسوفو استقلالها, وفي الايام القليلة التالية ستعلن الدول الكبرى بما فيها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والمانيا اعترافها بالدولة الجديدة. \r\n \r\n ومن المرجح جدا ان يتفق وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الذين يجتمعون الاثنين على بيان يعلن ان الشروط اللازمة للاعتراف بالدولة الجديدة قد توفرت. بعدها يصبح من المتوقع ان تقدم غالبية الدول السبع والعشرين المنضوية تحت لواء الاتحاد الاوروبي \"وبينها 20 دولة مؤكدة\" على اعلان اعترافها في وقت قصير. \r\n \r\n سوف تتزعم قبرص, التي يستقل القبارصة الاتراك في شمالها, معسكر الممتنعين عن الاعتراف بالدولة الجديدة. والى جانبها ستمتنع دول اخرى اعضاء في الاتحاد الاوروبي مثل اسبانيا ورومانيا وسلوفاكيا واليونان وبلغاريا بدافع قلقها من الاقليات الانفصالية. \r\n \r\n لا شك ان الاجماع امر جيد, ولكن الاتفاق الموسع يكفي في هذا المجال, والاتحاد الاوروبي سيكون موحدا بدرجة مقبولة ازاء كوسوفو كما ان المناسبة ستكون واحدة من المناسبات القليلة التي تتناغم فيها الخطى الامريكية والاوروبية. \r\n \r\n فرانك ويزنر, السفير الامريكي السابق في الهند الذي عمل عبثا مع ولفغانغ ايشنغر سفير المانيا في بريطانيا العام الماضي على التقريب بين كوسوفو وصربيا, يقول \"لقد كان هذا مسعى مشتركا يبين الطريقة التي ينبغي علينا ان نعمل سوية بموجبها مع اوروبا\" ويعقب ويزنر قائلا \"لم تكن هناك ابدا اية محاولة من جانب اي كان في بلغراد للتواصل مع اي من مواطني كوسوفو الالبان\". \r\n \r\n لم يكن التواصل مع كوسوفو شأنا صربيا خلال العقود القريبة الماضية, فقد اطلق سلوبودان ميلوسيفيتش, دكتاتور صربيا الراحل, موجة من المد القومي القاتل في 24 نيسان 1987 عندما ذهب الى كوسوفو ليعلن من هناك ان اسلاف الصرب سوف يدنسون\" في حال حصول البان كوسوفو على مبتغاهم. \r\n \r\n ليس بوسع البان كوسوفو الذين يشكلون 95 بالمئة من سكان الاقليم البالغ عددهم 2.1 مليون ان يتصالحوا مع صربيا التي اضطهدتهم وشردتهم وقتلتهم لحين قيام قوات الناتو بالتدخل عام .1999 \r\n \r\n لكن الصرب في بحثهم الاعمى عن اثبات التعادل غير القائم بينهم وبين الصرب يؤكدون ان جيش تحرير كوسوفو لم يكن جماعة من القطط المغمضة. كما ان الجيش البوسني الذي ظهر الى الوجود بعد عمليات الابادة التي مارسها الصرب بحق المسلمين البوسنيين ما بين نيسان وايلول عام 1992 لم يكن حمامة سلام هو الاخر وهذا صحيح لان القاعدة السارية تقول: \"ما ان تضطهد شعبا بوحشية حتى ينتهي به الامر الى ان يتوحد وينهض ويحارب وينال مبتغاه\". \r\n \r\n فما الذي ستفعله صربيا الان? \r\n \r\n يقول فويتسلاف كوستونيتشا, رئيس الوزراء الصربي ذو التوجهات القومية, انه لن يسمح لمثل \"هذا المسخ بالحياة ولو لدقيقة واحدة\". \r\n \r\n وقد كان هذا هو التوجه الصربي النهليستي الذي لم ينقطع عن التكرار منذ صدور قرار الاممالمتحدة رقم 1244 عام 1999 بان حكما ذاتيا سيقوم في كوسوفو تحت اشراف الاممالمتحدة وحماية قوات الناتو لحين التوصل الى \"تسوية نهائية\" لكن بلغراد لم ترغب ابدا في التوصل الى اية تسوية. \r\n \r\n اتوقع من صربيا ان تثير متاعب محدودة لكنها لن تقدم على استخدام العنف او قطع التيار الكهربائي عن كوسوفو وقد يرحل البعض من الصرب الذين يعيشون في كوسوفو والبالغ عددهم 120 الفا كما ان من المحتمل ان يتشجع الصرب في الجيب الشمالي في ميتروفيتشا على المطالبة بالتقسيم. \r\n \r\n لكن انتخاب بوريس تاديتش الموالي للغرب رئيسا لصربيا في الانتخابات الاخيرة سيكون عامل ردع, مثله مثل الضغوط الامريكية والاوروبية المسلطة على الالبان, وقد صدرت عن هاشم ثاتشي, رئيس وزراء كوسوفو, علامات تقرب من الصرب وهو امر ايجابي. \r\n \r\n روسيا, من جانبها, سوف تدعو الى عقد اجتماع طارئ لمجلس الامن الدولي, وسوف تنفعل وتزعق. لكنها ستكون بذلك قد اختارت الوقوف وراء الحصان الخاسر, اما اوروبا فهي محقة في رفضها الخضوع لضغوطات موسكو. لان صربيا, في نهاية المطاف, سائرة باتجاه الالتحاق بالاتحاد الاوروبي. \r\n \r\n ان كوسوفو ليست انجازيا او ترانسد نيستريا او اوسيتشيا الجنوبية. فهي بقية تاريخية من دولة كان اسمها يوغسلافيا اصبحت فيما بعد مقاطعة خاضعة لادارة الاممالمتحدة على مدى ثماني سنوات بانتظار تسوية مستحيلة ضمن اطار صربيا. وقد لعب ميلوسيفيتش على حصان الابادة العرقية وخسر. \r\n \r\n اعتقد ان هذا الحدث سوف يأتي بمردودات ايجابية لصربيا على المدى البعيد. فبدلا من العيش في اوهام المعارك القروسطية, ورمزية النصر والهزيمة والتركيز على الحدود التي ما فتئت تنكمش واشاعة ثقافة المظلومية, ستبدأ صربيا بتفحص ما جنته تلك العوامل وسوف تأخذ في التطلع الى امام - باتجاه الغرب لا الشرق. \r\n