\r\n وفي هذا الإطار، يقول \"أوليفر إيفانوفيتش\"، وهو سياسي صربي معتدل، محذراً: \"إن شمال كوسوفو سينفصل\"، مضيفاً أنه عمل على تحذير الأممالمتحدة و\"الناتو\" والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من أنه من السابق لأوانه، بعد ثماني سنوات تقريباً على حملة القصف التي شنها \"الناتو\" وأجبر خلالها القوات الصربية وقوات أخرى على مغادرة كوسوفو، تسوية وضع الإقليم المتنازع بشأنه على اعتبار أن \"استقلال كوسوفو لن يترك أي مجال لتحرك المعتدلين\". \r\n \r\n كما يحذر الصرب والألبان على حد سواء من أن انفصال الصرب الشماليين عن كوسوفو من شأنه أن يتسبب في ردود فعل انتقامية من قبل الألبان ضد المناطق الصربية في مناطق أخرى من كوسوفو، وأن يزعزع استقرار المنطقة التي مازالت هشة. \r\n \r\n كوسوفو، التي يمثل فيها الألبان أكثر من 90 في المئة من السكان، ناضلت منذ مطلع القرن العشرين من أجل التخلص من هيمنة بلغراد. ومع تفكك يوغوسلافيا مطلع التسعينيات، تجدد القتال؛ غير أن صربيا قاومت باستماتة. وقد تميزت الحرب بحدوث فظاعات في كلا الجانبين وعمليات \"تطهير عرقي\"، في وقت انفصل فيها السكان الصرب والألبان عن بعضهم بعضاً بعد أن كانوا يعيشون جنباً إلى جنب. فأسفرت الحرب عن مقتل نحو 10000 ألباني إلى جانب الكثير من الصرب، فيما مازال عدة آلاف، ومعظمهم من الألبان، في عداد المفقودين، قبل أن ينتهي الاقتتال بتدخل \"الناتو\" عام 1999، ليوضع الإقليم تحت إدارة الأممالمتحدة منذ ذلك الوقت. \r\n \r\n وقد قدم مبعوث الأممالمتحدة \"مارتي أتيساري\" للمسؤولين في بلجراد وبريشتينا يوم الجمعة مقترحاته بشأن الوضع النهائي لكوسوفو، غير أن مواقف الجانبين ما تزال متباعدة؛ حيث رفض الرئيس الصربي بوريس تاديتش المقترحات، واصفاً إياها بأنها تمهيد للاستقلال، في حين رحب بها ألبان كوسوفو -الذين يقولون، بمباركة الولاياتالمتحدة، إنهم لن يقبلوا بأقل من الاستقلال. والواقع أن تواصل التوتر ربما يكون مؤشراً على أن النهاية ستكون بدلاً من ذلك مقدمة لفصل صعب جديد من تاريخ مضطرب. \r\n \r\n فمعظم صرب كوسوفو يشددون على أنهم لن يقبلوا أبداً باستقلال كوسوفو، قائلين إنه حتى في حال رفعت الحكومة في بريشتينا علماً وطنياً جديداً، فإنهم سيحاربون من أجل استعادة الإقليم الذي مازال الصرب يعتبرونه مركزهم الثقافي -مهد إمبراطوريتهم العظمى، وقبرها عام 1389 على يد الأتراك. وفي هذا السياق، يقول ميلان إيفانوفيتش، الطبيب بمستشفى ميتروفيتشا ورئيس \"المجلس الوطني الصربي\" المتشدد في كوسوفو: \"إن من شأن ذلك أن يخلق هنا في صربيا وضعاً شبيهاً بالعراق أو لبنان\"، مشيراً في هذا السياق إلى نموذجي استرجاع المسيحيين للأندلس من المسلمين، واستعادة فرنسا لمنطقة \"الألزاس- واللورين\" من ألمانيا. وقال \"سنحارب جميعاً لاسترجاع كوسوفو بكل الوسائل المشروعة\". \r\n \r\n أما ألبان كوسوفو ومؤيدوهم الدوليون فيأملون أن يُقنع المستوى العالي من الحكم الذاتي الذي يقترحونه في المناطق الصربية من الإقليم، إضافة إلى جملة ضمانات لحماية الحقوق الصربية وإشراف دولي صارم، الصرب في الإقليم على قبول حكومة بقيادة الألبان في بريشتينا. وفي هذا الإطار، يقول محمد حميدي، وهو أحد مستشاري رئيس كوسوفو فاتمير سيديو: \"نأمل أن تصعد، مع إعلان الاستقلال، زعامة صربية محلية تعمل على معالجة احتياجات الصرب داخل نظام كوسوفو\". والحقيقة أن بعض الساسة الصرب المعتدلين مستعدون للعمل في إطار نظام وطني لكوسوفو، وإن كان تأييد السكان الصرب لهم غير قوي. \r\n \r\n المناطق الصربية، ولاسيما شمال كوسوفو، ما زالت تعمل تحت السلطة الوطنية الصربية، وتحصل على معظم دعمها المالي من بلغراد، وهو ما يثير العديد من الأسئلة حول كيف يمكن لبريشتينا أن تفرض سيادتها على صرب كوسوفو من دون إجراءات قسرية من شأنها أن تتسبب في المزيد من العنف. \r\n \r\n ولئن كان الكثير من الناس ينظرون إلى استقلال كوسوفو النهائي باعتباره الفصل الأخير من تفكك الاتحاد اليوغسلافي، فإن الصرب ينظرون إليه باعتباره بتراً لمركزهم الروحي. أما المقارنة التي يدفع بها الصرب، وهي مقارنة غير مكتملة وإن كانت في محلها، فتتمثل في سيناريو انفصال فلوريدا أو نيومكسيكو عن الولاياتالمتحدة، في حال أصبح السكان الناطقون بالأسبانية في هاتين الولايتين الأميركيتين يشكلون الأغلبية. والواقع أنها مقارنة غير مكتملة لأن القليل فقط من الأميركيين، ومعظمهم انفصلوا منذ زمن بعيد عن جذورهم الثقافية، لهم ارتباط عاطفي بالمكان الذي ينحدرون منه، خلافاً للأوروبيين. \r\n \r\n ولعل ذلك هو سبب عدم توحد أوروبا، إدراكا منها للعنف الذي قد ينتج عن هذه العواطف، وراء مخطط الأممالمتحدة؛ إذ تبدي الدول التي تواجه حركات انفصالية –مثل أسبانيا مع الباسك، ورومانيا مع الهنجاريين، وروسيا مع الشيشانيين وسكان مناطق متمردة أخرى- الكثير من التشكك حيال ما تعتبره جهداً أميركياً لفرض حل حتى يتسنى لواشنطن أن تركز انتباهها على أماكن أخرى من العالم. ويقول \"ماركو جاكسيتش\"، رئيس الحزب \"الديمقراطي\" في صربيا، والذي يعتبر على نطاق واسع أقوى سياسي في ميتروفيتشا: \"إن حلاً يفرض بالقوة ليس بحل\". \r\n \r\n كريج سميث \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في ميتروفيتشا - كوسوفو \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n