\r\n \r\n * تمويل المستوطنات كان يحول عبر قنوات خفية ويستقطع من تخصيصات الصحة او النقل او التعليم. \r\n \r\n العقبات الرئيسية الثلاث التي تقف على طريق الاتفاق الاسرائيلي -الفلسطيني هي المستوطنات, والسيطرة على القدس, والمطلب الفلسطيني بحق العودة للاجئين الفلسطينيين مع /أو تعويضهم عما لحق بهم من خسائر. \r\n \r\n من بين هذه العقبات الثلاث, تبدو مشكلة المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية اكثرها استعصاء على الحل فهذه المستوطنات تشكل بمجموعها عقبة كبرى أقيمت عن قصد لتؤثر في حياة مئات الألوف من الاشخاص. ومن اجل ماذا? في افضل الاحوال, توسع المستوطنات الحدود الاسرائيلية شرقا بأميال قليلة, وهي مساحة لا قيمة استراتيجية لها. أما في أسوأ الاحوال, فإنها قادرة على إدامة الحرب المستعرة بين الشعبين الى ما لا نهاية. ومع ذلك, فإن عدد المستوطنين الذي زاد على 250 ألفا في الضفة الغربية قد يجعل من المستحيل تفكيك هذه المستوطنات التي أوجدت بالتحديد من اجل استبعاد اي احتمال بإعادة تقسيم البلاد. فقد اصبح الامر متعلقا بالكثير من الارواح والكثير من المناصب السياسية والكثير من المصالح العقارية في اسرائيل. \r\n \r\n هناك عدد غير قليل من المستوطنين بين صفوف الضباط الاسرائيليين الكبار. وعندما قام الرئيس بوش بزيارته الاخيرة لاسرائيل, وجهت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية في مقالتها الافتتاحية اللوم له كونه »شريكا متواطئا« في المشروع الاسرائيلي الاستيطاني المتوسع ابدا وغير المشروع في الضفة الغربية. \r\n \r\n وكما فعلوا في كامب ديفيد ,2000 يواصل الفلسطينيون الاصرار على اعادة تقسيم الارض تبعا لخطوط عام ,1967 ومن شأن هذا ان يعطي لاسرائيل 78 بالمئة من كامل الاراضي المتنازع عليها ما بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط, في حين لن يحصل الفلسطينيون الا على 22 بالمئة فقط. \r\n \r\n ويجادل الفلسطينيون بأنهم لا يمكن ان يتنازلوا عن المزيد بعد ان فقدوا 78 بالمئة من ارض فلسطين عام ,1948 فهل يكمن الحل في مبادلة الاراضي? لقد نوقش الموضوع في محادثات كامب ديفيد ,2000 كما أثير في مقترحات كلينتون التي قبلها الاسرائيليون ورفضها عرفات وأعيدت اثارته في اجتماع طابا في كانون الثاني ,2001 فإذا كان لاسرائيل ان تحتفظ بعدد من المستوطنات الكبرى على الحدود فإن الفلسطينيين سوف يطالبون بأراض اسرائيلية مجاورة لغزة على سبيل التعويض. \r\n \r\n نما المشروع الاستيطاني ليأخذ ابعاده الراهنة في السنوات التي اعقبت الانتصار الاسرائيلي عام ,1967 لكن ثلاث حروب, والارهاب, والتضخم الاقتصادي, والانتفاضتين, والانتحاريين وغيرها من العوامل قد فرضت على أذهان الكثير من الاسرائيليين اطارا غير واقعي من التفكير. \r\n \r\n ساندت جميع الحكومات الاسرائيلية التي تعاقبت بعد حرب 1967 المشروع الاستيطاني بحدود متفاوتة من الحماس لا فرق بين اليسارية منها واليمينية. عندما بدأ المشروع كان العالم في مرحلة انهاء الاستعمار, ولم يكن عقد قد مر على الحرب الجزائرية, فكيف سنح للزعماء الاسرائيليين ان يعتقدوا بأنهم يمكن ان يقيموا احتلالا دائما من دون ان يثيروا حربا جديدة وقد دعا بن غوريون, الذي كان حينها خارج الحكم, الى انسحاب سريع. \r\n \r\n لعل الزعماء الاسرائيليين اعتمدوا على حقيقة كون اسرائيل قد انتهت في عام 1948 الى الحصول على حوالي ضعف المساحة التي خصصها لها قرار التقسيم الصادر عن الاممالمتحدة, فاستنتجوا ان بوسعهم هذه المرة ايضا ان يحتفظوا بالارض التي كسبوها عام ,1967 وقد فاتهم ان عام 1948 كان لحظة تعاطف نادرة معهم حيث لم يمض على المحرقة سوى ثلاثة اعوام. وفي الوقت الذي كان الاوروبيون لا يزالون فيه يتشبثون بمستعمراتهم, كانت جيوش اربع دول عربية مجاورة تهاجم اسرائيل التي ستصبح ملاذا لمليون من الناجين من المحرقة. \r\n \r\n لم تكن اي من هذه العوامل قائمة بعد عقدين من الزمان عندما خرجت اسرائيل منتصرة من حرب الايام الستة التي اطلقت عليها هذا الاسم تيمنا بأيام التكوين الستة في التوراة. أسبغت جميع الحكومات الاسرائيلية, يمينية, او يسارية, دعمها السخي على المشروع الاستيطاني متجاهلة كل الاحتجاجات الدولية. وكان التمويل الذي يخصص للمشروع يحول بشكل غير مباشر عبر قنوات خفية حيث كان يخبأ تحت اسماء عديدة ضمن تخصيصات الصحة او النقل او التعليم. ولهذا السبب فإن كامل كلفة المشروع غير معروفة لاحد الا انها لا بد ان تكون بحدود مليارات الدولارات. \r\n \r\n \r\n انتشرت حمى الاستيطان أولا بين الشباب الذين اعتقدوا بأنهم يتبعون خطى الرواد الصهاينة الذين استقروا ما بين عامي 1892 و 1948 في اراض يملكها اليهود سعيا لتحقيق خرافة »حلم الشحاذين«. الا ان الشيء نفسه لا ينطبق على مستوطني الاعوام التي تلت عام 1967 الذين استوطنوا اراض مصادرة في انتهاك واضح للقانون الدولي الذي يحظر انتقال المستوطنين الى بلد محتل. \r\n \r\n كان المستوطنون الاوائل في تلك الاراضي من اليهود والمتشددين الذين دفعهم الحاخامات الى الاعتقاد بأن المشروع الاستيطاني هو »بداية الخلاص«. سرعان ما استهوى المشروع الاسرائيليين العلمانيين من غير العقائديين الذين يسعون الى الحصول على السكن بأسعار أرخص. ولاجل حمايتهم من الفلسطينيين الذين كان المستوطنون يتجاوزون على أراضيهم, تم تزويدهم بالسلاح. كانت المستوطنات محاطة بالخنادق المائية والأسيجة المكهربة لكن المنازل فيها كانت أرخص بنسبة 50 بالمئة من المنازل خارجها. \r\n \r\n وقامت الحكومة الاسرائيلية ببناء شبكة طرق وأنفاق جديدة مترامية كي يتمكن المستوطنون من الانتقال بسهولة ما بين القدس وتل أبيب من دون الاضطرار للالتقاء بالفلسطينيين. \r\n \r\n توجد الآن في الضفة الغربية شبكتان للطرق: طرق للفلسطينيين واخرى محروسة بعناية ومحجوزة بشدة للاسرائيليين. وقد مررت بطريق ذات اربعة مسارب في القدسالشرقية يقسمها جدار أقيم في وسطها. وخصص جانب منها للفلسطينيين الذين يقصدون رام الله وبيت لحم والجانب الآخر للاسرائيليين المتوجهين الى نفس المدينتين. \r\n \r\n تقام أغلب المستوطنات على أراض صادرتها الحكومة الاسرائيلية »لاغراض عمومية« رغم صعوبة العثور على أراض »عمومية« في الضفة الغربية يمكن ان يمتلكها اي طرف غير الفلسطينيين. لم يعن الأتراك ولا البريطانيون ولا السلطة العربية من بعدهم بتنظيم سجلات ملكية الاراضي في الضفة الغربية. وكانت الارض, وما زالت, تعود الى الافراد او العشيرة عن طريق التعاقد او التقاليد الموروثة. وليست هناك سجلات حكومية تظهر ان الفلسطينيين الذين صودرت أراضيهم قد استلموا تعويضات من الحكومة الاسرائيلية. وتشير دراسة نشرت مؤخرا لحركة »السلام الآن« الى ان 40 بالمئة من المستوطنات أقيمت على أراض فلسطينية خاصة. \r\n \r\n لقد مرت اربعون سنة على المشروع الاستيطاني وهو ما يزال متواصلا كما لو كان حركة لا إرادية في جسم فقد عقله. \r\n \r\n يسيطر المستوطنون على مصادر المياه في الضفة الغربية وتقع مسابحهم وساحات نجيلهم على مرأى من سكان القرى الفلسطينية حيث يشح الماء ويضطر القرويون الى نقله بالسيارات. \r\n \r\n يتناول كتاب صدر بالعبرية بعنوان »سادة الارض: الحرب حول المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة« من تأليف إيديث زرتال وأكيفا ألدر, التاريخ السياسي للمشروع الاستيطاني, ويشير الى ان في مقدمة الذين ساندوا المشروع بيغال ألون, وموشي دايان, وشمعون بيريز, وغولدا مائير, ومناحيم بيغن. \r\n \r\n اما ارئيل شارون فقد كان, تبعا للكتاب, »المحرك الدافع لتوسيع المستوطنات ونشرها في الضفة الغربية بغرض احباط اي جلاء عنها او استعادتها من قبل الفلسطينيين«. \r\n \r\n ويصف الكتاب »ثقافة الموت« التي مارسها المستوطنون المتشددون الذين سارعوا الى تحويل القتلى من بينهم الى رموز سياسية. يقول الكتاب ان مستوطنا في الخليل قام بزيارة احدى المستوطنات في سيناء في سنوات السبعينيات قبل إبرام معاهدة السلام في مصر. سأل المستوطن الزائر سكان المستوطنة في سيناء عن مكان المقبرة. فلما أخبروه بأن لا مقبرة في مستوطنتهم صرخ فيهم مذعورا »لقد ضعتم إذن«. \r\n \r\n \r\n