وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" ارييل شارون يستحق الاشادة لتنفيذه عمليات إجلاء المستوطنين بالرغم من التهديدات التي أطلقها المستوطنون المتطرفون بقتله، إلا انه يتحمل المسؤولية الكاملة وراء وجود هؤلاء المستوطنين في الأراضي المحتلة. \r\n \r\n ولم تكن غزة في يوم من الأيام جزءاً من "إسرائيل"، وسكان غزة الفقراء وعددهم 1،3 مليون نسمة هم لاجئون فلسطينيون من الذين شردتهم حرب 1948 أو أطفال أولئك اللاجئين أو أحفادهم. ومعروف ان "إسرائيل" احتلت القطاع في عام 1967 ولم تعده أبداً لمصر. \r\n \r\n وخلال السنوات القليلة الماضية، تقاطر اليهود على غزة. وعلى الرغم من أن عددهم لم يبلغ في أي وقت من الأوقات 1 في المائة من سكان القطاع، إلا انهم احتلوا ثلث الأرض وكانوا بذلك مستعمرين بكل ما تحمله هذه اللفظة من معنى. \r\n \r\n وكان استعمار "إسرائيل" لغزة مستخدمة في ذلك مستوطنين يحصلون على الدعم من الدولة العبرية انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي. فمعاهدة جنيف الرابعة تحظر على المحتلين العسكريين ادخال مدنيين إلى المناطق التي يحتلونها، ولكن الاستيلاء على أراضي غزة تم في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي ودون إيلاء أي اهتمام لاحتجاجات دولية هذبتها الولاياتالمتحدة، حيث وصفت هذه الجيوب الاستيطانية في احدى المرات بأنها "مستوطنات غير شرعية". \r\n \r\n ولكن، ونظراً إلى ان الحكومة الأمريكية تفتقر إلى الشجاعة الأخلاقية الكافية لتطلب من "إسرائيل" التوقف عن بناء المستوطنات والبدء بتفكيكها حتى ونحن نغدق على "إسرائيل" مساعدات سنوية تبلغ 3 مليارات دولار تجاهل حزبا العمل والليكود الاحتجاجات الضعيفة التي كان رؤساؤنا يوجهونها ل "الإسرائيليين" من وقت لآخر. \r\n \r\n وما من شك في أن العداء الواسع النطاق الذي يضمره العالم العربي لأمريكا من نتائج سياستنا الشرق أوسطية ورعايتنا ل "إسرائيل" والذي سيحدث بعد الآن أمر يسهل التكهن به. فبعد أن يسحب شارون آخر مستوطن سيطلب من الولاياتالمتحدة 2،2 مليار دولار مقابل انجازه "البطولي" باعتبار ان كل عائلة مستوطنين تم اجلاؤها من غزة ستحصل على مليون دولار، وعلى الرغم من أن بوش والكونجرس لم يرفعا تعويض الوفاة لعائلات الجنود الأمريكيين الذين يلقون حتفهم في العراق من 12 ألفاً إلى 100 ألف دولار في مايو/أيار الماضي فقط، سيتسابق الاثنان لتلبية طلبات تل أبيب من أموال دافعي الضرائب. \r\n \r\n وأما بقية السيناريو فستنتهي كما وصفها ساخراً دوف وايزجلاس وهو الرئيس السابق لموظفي مكتب شارون، فبمقتضى الاتفاق الذي أبرمه وايزجلاس مع مساعدي بوش في عام 2004 وتمت المصادقة عليه في خطاب عام من بوش لشارون، فإن فك الارتباط "الإسرائيلي" من غزة وقلة من المستوطنات في الضفة الغربية "يوفر كمية الفورمالديهايد الضرورية لكي لا تكون هناك عملية سياسية مع الفلسطينيين". \r\n \r\n وقال وايزجلاس "كان ما اتفقت عليه فعلياً مع الأمريكيين هو أن جزءاً من المستوطنات لن يتم المساس به بتاتاً وأن البقية الباقية لن يتم المساس بها إطلاقاً". وأكد وايزجلاس خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "هآرتس" ان خريطة الطريق وهي خطة السلام التي وافقت عليها الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا-"ماتت". \r\n \r\n وإذا قال شارون لبوش الآن ان "إسرائيل" ضحت بغزة ولن يحدث أي تقدم آخر نحو دولة فلسطينية قابلة للبقاء إلى أن تنتهي جميع أعمال العنف ويتم نزع أسلحة حركة "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، فما الذي سيفعله بوش؟ \r\n \r\n لن يفعل بوش شيئاً، وإذا حاول بوش الضغط على شارون ليتفاوض بشأن انسحاب "إسرائيلي" من الضفة الغربية وجيب في القدسالشرقية باعتبارها عاصمة فلسطين مستقبلاً، سيصرخ شارون في وجهه وسيتهم اليمين المسيحي بوش ببيع "إسرائيل"، وسيتبنى توم ديلاي مشروع قرار مشتركاً يعارض الضغط على "إسرائيل" وستثنيه نانسي بيلوسي بكل سرور. وسيحتج المحافظون الجدد على الضغط على شارون، وإذا مارست كوندوليزا رايس ضغطاً هي الأخرى سيتم على الفور اسقاط اسمها من قوائم المحافظين الجدد الخاصة برؤساء الولاياتالمتحدة المحتملين. \r\n \r\n ويقول بنيامين نتنياهو الذي استقال من منصبه كوزير للمالية احتجاجاً على الانسحاب من غزة ان اجلاء المستوطنين قسراً من غزة انتصار ل"حماس"، وهو على حق. فلو لم تهاجم "حماس" وبقية منظمات المقاومة الفلسطينية المستوطنين في غزة وتنفذ عملياتها الفدائية داخل "إسرائيل" لما انسحب شارون من بوصة واحدة. \r\n \r\n ومعروف أن العمليات الفدائية هي سلاح أفرزته الحرب والاحتلال. وتقع المسؤولية الأولى في ما يتعلق بإشعال هذه الحرب على الاستيلاء غير الشرعي على الأرض الفلسطينية والاستيطان فيها ورفض "إسرائيل" إبرام اتفاق سلام عادل ودائم مع الفلسطينيين. \r\n \r\n \r\n \r\n * كاتب صحافي ومعلق تم ترشيحه مرتين ليخوض انتخابات الرئاسة عن الحزب الجمهوري الأمريكي وترشح عن حزب الاصلاح في انتخابات عام ،2000 \r\n \r\n