\r\n اصبحت قضية تقديم عروض للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية وعلى المدى البعيد من خلال اقامة محطات للطاقة النووية، احدى اكثر الوسائل تفصيلاً لدى ساركوزي من اجل ايصال النفوذ الفرنسي إلى ارجاء العالم كافة وخاصة دول العالم الاسلامي. منذ ان اصبح رئيساً في مايو الماضي، وقع ساركوزي اتفاقيات للتعاون النووي مع المغرب والجزائر وليبيا ودول اخرى بعيدة مثل الصين حيث تم الاتفاق معها مؤخراً على بيعها محطتين نوويتين. وتتطلع فرنسا ايضاً لتقديم خبراتها القوية في مجال المنشآت النووية وفي مجال المساعدات الفنية إلى عدد من الدول العربية. ليس هناك شك في ان مواقف ساركوزي الجديدة تهدف لتقوية النفوذ الفرنسي. ففرنسا هي الرائدة عالمياً في مجال تصميم المفاعلات النووية واقامتها وتزويدها بالوقود النووي ومعالجة الفضلات النووية. جميع ملفات الصناعة هذه بدءاً من استخراج اليورانيوم إلى توليد الطاقة وتحلية المياه تمتلكها الحكومة الفرنسية. يعمل في وكالة الطاقة الذرية الفرنسية حوالي 15 ألف عامل وتخصص لها ميزانية سنوية قدرها 3,4 مليار دولار. وتساهم هذه الوكالة الفرنسية في تقديم المساعدة للدول الاخرى في مجال اقامة الاطر القانونية المتعلقة بالتدريب والانشاء والصيانة وغيرها. \r\n \r\n وتعتبر شركة ارينا درة التاج في القطاع النووي الفرنسي كونها الشركة الوحيدة في العالم التي تعمل في مجال الدورة الكاملة للوقود النووي بدءاً بعمليات التنجيم لليورانيوم إلى التخصيب والمعالجة واعادة المعالجة وتخزين الفضلات. كذلك تعمل ارينا في مجال تصميم وبناء المفاعلات الجديدة ونقل الطاقة وتوزيعها. \r\n \r\n اما «مجموعة الستوم» الهندسية فهي تعتبر اكبر مورد في العالم للمولدات التي تعمل بالبخار. وتعتبر شركة الكهرباء الفرنسية أكبر شركة منتجة للطاقة الكهربائية النووية في العالم وهي تمتلك 58 محطة توليد نووية في فرنسا وحدها. يقول بعض المراقبين الفرنسيين ان ساركوزي ينظر للقطاع النووي على انه جزء من السياسة التجارية من اجل تعزيز الصادرات الفرنسية. ويقول بيير موسكوفيتش مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي «انها قضية تجارية اخرى تستخدم لتحقيق اهداف تجارية». مراقبون آخرون ينظرن للموضوع على انه استراتيجية دبلوماسية متعمدة لاستخدام الطاقة النووية لتحقيق غايات سياسية. \r\n \r\n يقول برونو تيرتريس في «عهد باريس للابحاث الاستراتيجية» «هذه ليست سياسة تجارية بل هي سياسة بحتة». \r\n \r\n بالنسبة لشركة ارينا، تعتبر اسواق الصين والهند والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبعض الاسواق العربية من اكثر الاسواق جاذبية لها. ان التحرك الحالي تجاه الدول العربية يأتي كبيان سياسي الهدف منه ايران من خلال اظهار فرنسا عدم انكارها على احد الانتفاع من البرامج النووية السلمية من اجل تطوير بلاده. \r\n \r\n وكان ساركوزي قد اتخذ موقفاً متشدداً تجاه ايران حيث اتهمها بمحاولة تطوير برامج لتصنيع الاسلحة النووية من خلال الاختباء خلف مشروع الطاقة المدنية. التعاون الفرنسي في مجال الطاقة النووية سيظهر المنافع التي ستحصل عليها ايران اذا ما التزمت بالمعاهدات الدولية. ويقول أحد المسؤولين الفرنسيين ان اعطاء الطاقة النووية لمن يريدها هي افضل رد على اولئك الذين يريدون الحصول على برامج للاسلحة النووية خاصة بهم والذين هم على استعداد لحزق كل المواثيق والاتفاقيات الدولية في سبيل ذلك. رغبة ساركوزي في تقاسم الانتفاع بالطاقة النووية على نطاق واسع وخاصة مع الدول المثيرة للشكوك مثل ليبيا، اثارت القلق لدى الكثير من الدول الاوروبية. وقد وصف وزير الماني الاتفاق النووي الفرنسي - الليبي بأنه مثير للمشاكل. اما خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد فقد علق على الموضوع قائلاً «إن مثل هذه الصفقات تزيد من مخاطر انتشار الاسلحة النووية». ويقلل المسؤولون الفرنسيون من مخاطر انتشار الاسلحة النووية بالقول ان المواد التي تنتج عن استخدام الماء الخفيف في المفاعلات النووية لا تشكك اي خطورة لان المواد الناتجة عن ذلك لا يمكن استخدامها في صنع أي صلاح نووي ناهيك عن الرقابة الدولية الشديدة المفروضة. \r\n \r\n الطاقة النووية الكهربائية تشكل للكثير من الدول النامية مصدراً للتباهي والتفاخر والاستقلالية، وستمكن العديد من الدول من توفير النفط والغاز وتخصيصها للتصدير. \r\n \r\n واذا ما نظرنا للامن بتمعن فان مفهوم الاستقلالية هنا يبدو مخادعاً. يقول بترتريس «يعتقد المشتري بانه سيحقق الاستقلالية ولكن ما يحصل في حقيقة الامر هو زيادة للتبعية وزيادة للنفوذ الفرنسي».