فسرعان ما يرد عليك بسؤال استفهامي: هل لدينا مشكلة بهذا الحجم حقاً؟ فرد عليه أن بلى ... بلى ... بلى: إن علينا إنقاذ الدب القطبي. وربما لا يمد لك هذا الجار يد العون التي طلبتها منه، إلا إن عليك مواصلة طرق الأبواب التالية باباً باباً حتى تصل إلى من يبدي حماساً لمشاركتك في إنقاذ الدب القطبي من خطر الانقراض الذي يتهدده. ثم يهز السيد \"جونز\" رأسه قليلاً ليواصل الحديث: والأهم أن عليك خوض هذه التجربة مع الأفراد العاطلين عن العمل في المدن القريبة المجاورة، خاصة وأن المنتمين إلى هذه الفئات هم الأكثر عرضة لخطر الموت والانقراض على يد مسلح غير مبال، من احتمال انقراضهم بسبب تزايد ذوبان الطبقات الجليدية. ومن دون الاستفادة القصوى من هذه الفئات الاجتماعية المستضعفة، فإنه ليس متوقعاً إحراز أي قدر من النجاح في هذه المساعي. ويستطرد \"جونز\" في القول: فنحن في أمس الحاجة لنظرة جديدة للدور الذي يمكن أن تؤديه هذه الفئات، خاصة وأن قادة ودعاة التغير المناخي قد ولج جميعهم إلى هذا النشاط من باب واحد فحسب، وها أنت تراهم وهم يحاولون زج الآخرين كلهم وإدخالهم من نفس الباب... وهذا ما لم يعد مجدياً الآن. والمجدي فعلاً إن كنا نبتغي توسيع القاعدة الشعبية الاجتماعية التي ينطلق منها النشاط البيئي الساعي لحماية التغير المناخي، فلا بد لنا من فتح المزيد من الأبواب والمنافذ إلى النشاط. \r\n \r\n وللسيد \"جونز\" الذي يرأس \"مركز إيلا بيكر لحقوق الإنسان\" بمدينة \"أوكلاند\"، وهو المركز الذي يقدم العون والدعم للأطفال في تجنيبهم عقوبة السجن وكذلك تأمين الوظائف للعاطلين عن العمل، من الأفكار والاقتراحات الكفيلة بتغيير واقع النشاط البيئي الحالي، وتوسيع قاعدته الشعبية. وتتلخص هذه الأفكار والمقترحات فيما يسميه هو ببرنامج \"وظائف الياقات الخضراء\" –على غرار الياقات البيضاء والزرقاء المعروفة في تاريخ العمل والتقسيمات الفئوية المهنية للوظائف- الذي يتمحور اهتمامه حول الفئات الأكثر فقراً والمستضعفة من الشباب الأميركيين. وليس من سبيل للاستخفاف بعقلانية أو وجاهة هذه الفكرة، خاصة وأن \"جونز\" من حملة شهادة القانون من جامعة \"يل\"، وأن له من الطاقة والحماس ما يكفي وهو لم يزل في التاسعة والثلاثين من العمر بعد. ولعل أكثر ما حفزه على استعجال الإعلان عن مشروعه هذا، نشر كبرى شركات النفط الأميركية وشراؤها لإعلان في الصحف الأميركية المملوكة للسود بولاية كاليفورنيا خلال العام الماضي 2006، يظهر امرأة سوداء وهي تعبئ سيارتها بالوقود في إحدى محطات التزويد، وقد فغرت فاها دهشة من السعر الظاهر على الماكينة الذي يتعين عليها سداده. وقد وظفت تلك الإعلانات خصيصاً لاستقطاب أصوات الناخبين السود بهدف هزيمة المقترح التشريعي رقم 87. وكانت تقترح تلك المبادرة التشريعية فرض رسوم ضريبية على شركات النفط العاملة في مجال التنقيب والحفريات بولاية كاليفورنيا، على أن تستخدم عائدات الرسوم الضريبية هذه في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة البديلة. والذي فعلته شركات النفط المعنية بهذه المبادرة بالإعلان المذكور، أنها أحسنت توظيفه في إثارة فزع الأفارقة الأميركيين بالولاية من أن تتحول الرسوم الضريبية المقترحة على الشركات إلى محطات تزويد الوقود، أي أن يكون الدافع الرئيسي لها ليست الشركات المعنية وإنما المستهلك لوقود النفط. تعليقاً على هذا قال السيد جونز:\"وهكذا تمكن ملوثو البيئة من استقطاب الفئات الاجتماعية الفقيرة إلى معسكرهم هم. وإنه يؤسفني حقاً أن أرى الأميركيين السود، وهم يقفون في الصف المعادي للحفاظ على البيئة ودرء خطر التغير المناخي\". \r\n \r\n ومن خلال مركزه المذكور بمدينة \"أوكلاند\"، يواصل السيد \"جونز\" جهوده الجبارة في إقناع الأفارقة الأميركيين وغيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى المستضعفة، بأنها ستكون الرابح الأكبر من تحول بلادهم إلى واحة أشد خضرة. ووسيلته السحرية في ذلك أن التحول نحو الخضرة يرتبط مباشرة بتوفير المزيد من الوظائف والدخل للفئات المعنية هذه. فكلما ازدادت مطالبة السلطات الحكومية بأن تكون المباني – سواء كانت مكاتب أو مصانع أو مجمعات سكنية- أكثر خضرة، كلما ارتبطت تلك المطالبة بوفرة المزيد من العمل والوظائف، طالما أن اخضرار المباني لن يتحقق إلا بتزويدها بنظم الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة البديلة، فضلاً عن حمايتها بالنظم البيئية الداعمة لجهود درء خطر التغير المناخي. ومن رأي السيد \"جونز\" أن في وسع وظائف\"الياقة الخضراء\" هذه انتشال الكثيرين من أفراد الفئات الاجتماعية المستضعفة من وهدة الفقر، وأن توفر بديلاً عملياً لمن لم تساعده ظروفه على الالتحاق بالتعليم الجامعي. وبما أن تهيئة المباني الأميركية بهذا الأسلوب الودي والصديق للبيئة لن يتم بتصديرها إلى الصين لتهيئتها على النحو المطلوب ثم إعادتها إلى هنا تارة أخرى، فإن ذلك يعني أنه أصبح لزاماً على الأميركيين أنفسهم القيام بهذا العمل،مع العلم أنه يضم ملايين المباني والملايين من أعمدة وأطباق الطاقة الشمسية ومعدات طاقة الرياح وغيرها. وآخر ما أضافه \"جونز\" لاقتراحاته هذه، أن زمن وظائف\"الياقات الزرقاء\" قد ولى فلم يعد لها من وجود، بينما لم يتم استبدالها بعد بأي وظائف أخرى، ما يشجع على الدفع ببرنامج وظائف الياقات الخضراء، كي يسد هذا الفراغ العريض الذي خلفته. أما على الصعيد العملي، فقد نجح تحالف في مجال الطاقة الشمسية باسم \"تحالف أبولو بمدينة أوكلاند\" كان \"جونز\" من أكثر المتحمسين للدعوة له وإنشائه في جمع مبلغ 250 ألف دولار من حكومة المدينة، بغية توظيفه في تدريب الشباب على إنشاء نظم الطاقة الشمسية وإعادة تهيئة المباني مناخياً وبيئياً. \r\n \r\n كلما ازدادت مطالبة السلطات الحكومية بأن تكون المباني – سواء كانت مكاتب أو مصانع أو مجمعات سكنية- أكثر خضرة، كلما ارتبطت تلك المطالبة بوفرة المزيد من العمل والوظائف. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n \r\n