وقد أدت تصريحاتك غير المتعقلة والمولعة بالحرب لإلحاق الهزيمة بحزبك في الانتخابات الأخيرة. \r\n ونهض الرئيس وهو يكاد يكون غير متأثر بما قيل ليبدأ في إلقاء كلمته. ومع اقتراب انتهائه منها ومن الإجابة على الأسئلة المحرجة التي وجهت إليه كان كثير من الحضور غير راضين عن إجاباته بيد أن الجميع صفق لرئيس الجامعة الشجاع الذي لم يخش ان يتحدث بصراحة لرئيس دولة ، كما امتدح الجميع الطلاب الذين تظاهروا احتجاجا على انعقاد اللقاء على أنه سلوك يعكس القيم الديموقراطية المعبرة عن الاختلاف في وجهات النظر وكذا عن حرية التعبير. \r\n ولكن ألم يكن الأمر رائعا لو أن شيئا مثل هذا قد حدث في بلدنا؟ أقصد أن يحدث على أرض الواقع حقيقة. لقد كان الشخص الذي لا يحظى بشعبية واسعة بطل المهزلة السابقة التي شهدتها جامعة كولومبيا في نيويورك قبل أيام هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ورئيس جامعة كولومبيا هو لي بولينجر. \r\n وقد اختار أحمدي نجاد ان يركز على الرأي العام العالمي وعلى الرغم من انه قد خسر بعض النقاط لحالة عدم الإتزان والتوتر وكذا الغرابة التي بعث بها رسالته ( كقوله : في ايران ليس لدينا شواذ جنسيا) إلا انه استطاع أن يخرج في نهاية اللقاء وقد كسب نقاطا في صالحه تفوق ما حصله مضيفه الذي بالغ في عباراته على نحو طفولي ( وأعقب ذلك تعليق نجاد على اللقاء بقوله : في ايران عندما تدعو ضيوفا عليك ان تحترمهم) وعلى الجانب الآخر كان بولينجر يلعب على أوتار جمهور آخرين من المستمعين. فبعد ما تعرض له من انتقادات لتوجيهه الدعوة لأحمدي نجاد كان بولينجر متشوقا أن يظهر لوسائل الإعلام ولخريجي الجامعة وللمنظمات اليهودية القلقة الى جانب المجموعة الشغوفة بالحرب من المحافظين الجدد أنه ليس محبا للإرهابيين أو مرحبا بمن ينكرون المحرقة اليهودية. \r\n والى حد ما فقد استطاع الضيف والمضيف ان يحققا أهدافهما من اللقاء. فقد أظهر أحمدي نجاد ان بوسعه أن يحتفظ بوقاره في مواجهة الأميركيين الذين يحاولون استعراض عضلاتهم بل وربما يكون قد استفاد من ذلك في تقوية موقفه المتداعي على صعيد الجبهة الداخلية في ايران. كما أن بولينجر استطاع ان يظهر أن بمقدوره ان يستعرض عضلاته كأميركي كي يرسم صورة الشجاع. \r\n وعلى أية حال فقد لقي أسلوب بولينجر أصداء جيدة في وسائل الإعلام في نيويورك. وقد علقت صحيفة نيويورك صن بقولها : \"لحظة تعليم\" فيما عبرت نيويورك تايمز عن أمل أن : الأميركيين والإيرانيين سوف يتذكرون صورة أساتذة الجامعة والطلاب في لقاء ديموقراطي حقيقي. كما يبدو ان بولينجر قد سره الطريقة التي أدى بها دوره حيث جاء في تعليقه للمراسلين على اللقاء أن اللقاء كان \" حرية التعبير في أفضل صورها\" \r\n ولكن معذرة فالأمر ليس كذلك. فحرية التعبير في أفضل صورها تكون عندما يتحدث أحد الأشخاص لصاحب منصب بالحقيقة وأن يمتنع صاحب المنصب عن الإسهاب بعدم عقلانية في طرح افكار غير مقنعة. ولو أن احد أساتذة الجامعة الإيرانيين كان هو الذي قال هذا الكلام لأحمدي نجاد لكان الأمر يعكس شجاعة بالفعل. \r\n أو فلنقل لو أن بولينجر كان قد دعا الرئيس بوش الى جامعة كولومبيا ثم أسمعه مثل تلك الملاحظات الفظة ثم لم يكن من بوش الا أنه استجمع قوته لكي يجيب على مجموعة من الأسئلة المحرجة التي لم يقم أحد بمراجعتها مسبقا ولم يكن الجمهور هم عبارة عن مجموعة من الأفراد الذين تم انتقاؤهم بحرص من مؤيديه أقول ان مثل ذلك من الممكن ان نطلق عليه حوارا حرا في أفضل صوره. \r\n ومن أسف أن مثل ذلك غير متوقع أن نشاهده في الولاياتالمتحدة. ومبعث الغرابة ان بوش - مثله في ذلك مثل أحمدي نجاد - يطلق الكثير من التصريحات والتي يمكن أن نصفها على حد قول بولينجر استفزازيه تثير التهكم او أنها تنم عن جهل وتعصب مثيرين للدهشة. ( ولنأخذ على سبيل المثال ما ردده بوش مرارا عن وجود رابط بين صدام حسين وهجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية) \r\n وكما هو الحال في موقف أحمدي نجاد فإن بعضا من تصريحات بوش المتهورة والتي تعكس ولعا بالحرب قد ساهمت في إلحاق الهزيمة بالحزب الجمهوري في الانتخابات الأخيرة. إلا أن الأمر أنه وفي دولة حرية التعبير فإن النخبة بما فيهم أساتذة الجامعة يلزمون أنفسهم على نحو مفرط ومغالي بأن يحتفظوا برئيسنا آمنا داخل فقاعته الصغيرة. \r\n وقبل أيام شاهد العالم بأسره الدكتاتور الإيراني المتجمل الفظ كما وصفه بولينجر وقد استطاع ان يتجنب بكياسة الإجابة على الأسئلة العدائية التي طرحها الطلاب وهو الشئ الذي لن نشاهده يحدث من رئيسنا المنتخب ديموقراطيا. \r\n ولنهنئ أنفسنا على أننا قد أظهرنا لإيران كم عدد الحريات التي نتمتع بها هنا في الولاياتالمتحدة. إلا انه عندما نقدم تلك التهنئة بالفعل الى أنفسنا على حرياتنا المتوهمة فلنحاول أن نكتشف السبب أن تلك الحريات لا تترجم الى استخدام حقيقي. \r\n \r\n روزا بروكس \r\n أستاذة بمركز القانون بجامعة جورج تاون \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب (الوطن) \r\n