\r\n أما التجار الأميركيون، فقد أصيبوا بالهلع حين سمعوا الأخبار المتعلقة باقتصادهم، قلة الطلب لدى الشركات على السلع المعمرة، والمخاوف المتعلقة بالديون «لذوي التاريخ الائتماني السيئ»، وحديث آلان غرينسبان، شخصيا عن احتمالية الركود. وفي أسوأ يوم بالنسبة للأسهم الأميركية منذ مارس (آذار) 2003، كانت أوامر البيع كثيرة جدا في مرحلة ما بحيث لم تستطع بورصة نيويورك التعامل معها جميعها. \r\n ومع أن أخبار البورصة احتلت العناوين الرئيسية، إلا أن الدلائل الأكثر تعبيرا على الهلع تكمن في المناطق الأخرى الكثيرة التي كان فيها الناس يبيعون ويشترون مخاطر سرية أكبر. وأخيرا، كان المستثمرون يسعون بحماس وراء الربح حيثما وجد، خاصة في سوق الأسهم الخاصة. إلا أن الأسبوع الماضي كان بمثابة تذكير لهم عن مدى خطورة هذه اللعبة. فقد ارتفع الانحراف المعياري لتقلب البورصة بصورة حادة، وهو بحد ذاته شيئا قابلا للتداول. كما ارتفع انتشار الائتمان على سندات الشركات، خاصة تلك التي تحمل مخاطر أكبر، كذلك الدين في الأسواق الناشئة، وسعر التأمين ضد التخلف عن إيفاء الدين. وارتفع كذلك الين الذي كان قد انخفض في الأسابيع القليلة الماضية بسبب «تجار المناقلة» الذين يقترضون بأسعار منخفضة في اليابان ويقرضون بأسعار أعلى في مناطق أخرى. \r\n ولا يعلم أحد بعد فيما إذا كانت التذبذبات التي حدثت الأسبوع الماضي تشير إلى فترة توقف مؤقتة قبل أن ترتفع الأسعار بهدوء ثانية أو أنها بداية لانهيار تام. وأحد الأسباب الواضحة للانخفاض في شنغهاي هو تفنيد الشائعة التي انتشرت بوجود نية لفرض ضريبة على مكاسب رأس المال من الأسهم. واستقر السوق هناك في الثامن والعشرين من فبراير (شباط)، لكنه عاد لينخفض ثانية في اليوم التالي. وتوترت الأسواق في أوروبا ومناطق أخرى في آسيا مع أن بن بيرنانك، خليفة غرينسبان في مجلس الاحتياط الفيدرالي، هدأ من مخاوف وول ستريت كما يبدو. وبالنظر إلى أن الناس لا تزال تناقش أسباب الانهيارات التي حدثت في الأعوام 2000 و1987 و1929، فسيكون من المبكر لأوانه الآن ربط أحداث هذا الأسبوع بصورة وثيقة بأسباب اقتصادية أساسية، وذلك لتجنب المبالغة. \r\n \r\n لم يُصنع في الصين \r\n ومع ذلك، يمكن القول إن الانخفاض الذي حدث في السوق الصينية قد يكون بمثابة الصدمة التي كانت الأسواق بحاجة لها لإعادة النظر في المخاطر التي تتحملها. ونقطة الانطلاق الطبيعية هي الاقتصاد الأميركي. فقد كان التعديل التنازلي لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، ليصل إلى 2.2 في المائة بمعدل سنوي، متوقعا قبل وقت طويل من تأكيده في الثامن والعشرين من فبراير (شباط). ويبدو أن الاقتصاد بدأ هذا العام بصورة بطيئة (مع أن الطقس السيئ زاد من صعوبة معرفة ذلك). وهناك دلائل تشير إلى أن أسواق السندات أدركت المقصود، خاصة مع هبوط إيرادات الخزينة في الأسابيع القليلة الماضية. لكن حتى الأسبوع الماضي، لا يبدو أن أسواق الأسهم وأسواق أخرى كثيرة قد أدركت كل هذا ووضعته بعين الاعتبار. إلا أنها قد تكون فعلت ذلك الآن. \r\n وتعتبر انخفاض الطلب بصورة مخيبة للآمال على السلع المعمّرة أحد الدلائل على التباطؤ، حيث انخفضت بنسبة 7.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، وذلك بصورة أكبر بكثير من المتوقع حتى بعد استبعاد الطلب الضعيف بصورة تثير الدهشة على الطائرات. ومن المعروف أن الشركات الأميركية لم تكن راغبة بالاستثمار لفترة معينة، بالنظر إلى أسعار الاقتراض الرخيصة والأرباح الضخمة التي كانت تجنيها، إلا أن هذا كان مثيرا للصدمة. فقد انعكست عدم ثقة الشركات الأميركية بالاستثمار المربح في توقعات نمو الأرباح السنوية، التي انخفضت إلى أرقام فردية بعد بلوغها أرقاما ثنائية لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة. وبعد إعادة ترتيب بيانات أرقام السنوات القليلة الماضية وتعديلها لتناسب التغيرات في القوانين المحاسبية، يعتقد ألبرت إدواردز، وهو مراقب للسوق في دريسدنر كلينورت، أن سجل الأرباح الأخيرة للشركات غير المالية لا يزال ضعيفا كما كان في منتصف التسعينيات. \r\n \r\n الطوب والغبار \r\n يعتبر سوق الإسكان مصدر القلق الثاني، وربما الأكبر. ووجهة النظر العامة في ما يخص سوق الإسكان، هي أنه على الرغم من تباطؤ السوق، ومع أن الانخفاض في الاستثمار السكني تسبب في انخفاض أرقام الناتج المحلي الإجمالي، لكن يبدو أن السوق بدأت بالاستقرار ثانية، كما زاد الانفاق الاستهلاكي. وإذا نظرت فقط إلى حسابات الربع الرابع، ستجد أن الاستهلاك كان قويا بما فيه الكفاية لتفسير مجموع الإضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي وغير ذلك. وهذا الأسبوع، بلغ مقياس ثقة المستهلك الذي تستخدمه مؤسسة مجلس المؤتمر أعلى مستوى له منذ خمس سنوات. لذا، لا يوجد على الأرجح ما يثير القلق. \r\n ربما، إلا أن عدد المنازل القائمة، بالنسبة إلى الطلب الشهري، لا يزال كبيرا، كما ان ركام المنازل الجديدة غير المكتملة في تزايد. ومن المُرجّح أن تؤثر تخمة الإسكان على الأسعار والبناء وبالتالي على الاقتصاد لفترة معينة. ومن الصعب تصديق أن الإنفاق الاستهلاكي لن يتأثر بذلك. وعلى الطرف الآخر الخطر من سوق الرهن العقاري سيئ الائتمان، ظهرت دلائل المحنة: فهناك ارتفاع في نسبة التخلف عن إيفاء الديون. والأسبوع الماضي، قالت شركة فيدي ماك، وهي واحدة من الشركتين العملاقتين شبه الحكوميتين للرهن العقاري في أميركا، إنها ستحد من شرائها من القروض ذات الائتمان السيئ التي يرجّح أن تفشل. ومع أن سوق الرهن لذوي الائتمان السيئ صغير بحيث لن يكون له أثر تراكمي، إلا أن شروط الائتمان أصبحت أكثر سوءا بالنسبة للمقترضين التقليديين أيضا. ووفقا لمجلس الاحتياط الفيدرالي، فإن 15 في المائة من البنوك أبلغت عن معايير إقراض أكثر صرامة في الأشهر الثلاثة حتى يناير (كانون الثاني)، وهي أشدها منذ أوائل التسعينيات. \r\n إلى أية درجة يفترض ببقية العالم أن يشعر بالقلق بشأن أميركا؟.. من السخف الزعم بأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي لن يحدث فرقا على الإطلاق. لكن ليس من السخف بشيء القول إن الدلائل حتى الآن تشير إلى أن أداء بقية العالم كان جيدا. وفي الواقع، أسهمت صافي التجارة في الربع الرابع من العام الماضي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لأميركا، مما يعني أن الأجانب سحبوا أميركا معهم، وليس العكس. فالانفاق الاستهلاكي في الصين مثلا أقوى مما تظهر الاحصاءات الرسمية. أما اقتصادات أوروبا، خاصة الاقتصاد الألماني، فتبدو أقل خمولا مما كانت عليه في العامين الماضيين. ويعتبر الطلب المحلي الآن المحرك الرئيسي لمنطقة اليورو، مع أن معظم الاستثمارات التي تشكل معظمه تهدف بلا شك إلى إنتاج سلع للتصدير. أما بوادر سوق العمالة الأكثر صرامة في منطقة اليورو، التي تزعج البنك المركزي الأوروبي، فقد لا تكون مصدر قلق كبيرا إذا كان بالإمكان جمع رزم الأجور العالية مع نسبة التوظيف المتزايدة لتغذية الانفاق الاستهلاكي. \r\n وعلى أية حال، فإن التباطؤ الأميركي متوقع. ولعل الأسواق (وربما بيرنانك)، انتقدت بقسوة غرينسبان بسبب إشارته إلى الركود. إلا أن كلامه كان منطقيا جدا في الواقع. فهو لم يقل إن الركود محتمل الحدوث، لكنه أشار فقط إلى الحقيقة التي تقول إن هوامش أرباح الشركات الأميركية «بدأت في الاستقرار»، وهي دلالة على أن الدورة الاقتصادية دخلت في مراحلها المتأخرة.. بعبارة أخرى، لم تتوقف الدورة. \r\n وإذا كان الأسبوع الماضي ساعد على التذكير بذلك، فإن هذا سيكون للأفضل. ومن الأفضل أيضا لو ساعد في جعل المستثمرين يتوقفون ويتساءلون عند دراسة عوائد العروض عمّا إذا كان من الحكمة الركض وراء أسهم الأسواق الناشئة، وأي نوع من سندات الشركات، وميزة تأمين المقرضين ضد المخاطر التي لا يعرف أحد من الذي سيتخلف عن إيفاء الدين. وإذا لم يحدث هذا، فإن الانزلاق الثاني سيكون أكثر خطرا. \r\n