صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي    الدولار ب49.76 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 28-5-2025    حماس: آلية الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات بغزة تستهدف تهميش دور الأمم المتحدة    في هجوم استمر 3 ساعات، أوكرانيا تغرق سماء روسيا بالمسيرات    رئيس وزراء العراق: فضلنا أن نكون جسرًا للحوار لا ساحة تصفية حسابات    "الوصول إلى حل وسط".. تفاصيل جديدة عن مفاوضات الأهلي مع رامي ربيعة    بعد اعتذار أحمد سليمان، سر رفض حسين السيد الإشراف على قطاع الناشئين بالزمالك    محامي نوال الدجوي يكشف سبب عدم أخبارها بوفاة حفيدها    أبطال فيلم "ريستارت" يحتفلون بعرضه في السعودية، شاهد ماذا فعل تامر حسني    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    عيار 21 يعود لسابق عهده.. انخفاض كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    كواليس حريق مخزن فراشة بكرداسة    ولي أمر يقتحم مدرسة بالفيوم ويعتدي على معلم لمنعه نجله من الغش    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    أول تعليق من آية سماحة بعد التحقيق معها بشأن تطاولها على مشيرة إسماعيل    قبل فاركو.. كيف جاءت نتائج الأهلي مع صافرة أمين عمر؟    عيد الأضحى المبارك.. تعرف على أسعار الأضاحي 2025 العجول والأبقار والأغنام    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    «الطقس× أسبوع».. ربيعي «معتدل إلى شديد الحرارة» و«الأرصاد» تحذر من الرياح النشطة    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    رئيس مجلس النواب الليبي يدعو إلى دعم دولى ومحلى لتشكيل الحكومة الجديدة    محافظ البنك المركزي يترأس وفد مصر في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقي    عيد الأضحى.. توقعات بانخفاض أسعار الأضاحي بعد طرح 12 ألف رأس بأسعار مخفضة    حقيقة ظهور صور ل«روبورت المرور» في شوارع مصر    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بمنطقة مصر الجديدة    إصابة 8 بينهم رضيعان أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص ببني سويف    فشل سياسي يتجدد.. تحذير مصري وسط تجاهل إثيوبي لقَسم آبي أحمد للسيسي    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    الكاس يوجه رسالة لجماهير منتخب مصر قبل كأس العالم للشباب    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    بعد شائعة وفاته... جورج وسوف يحيي حفلاً في السويد ويطمئن جمهوره: محبتكم بقلبي    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    إعلام عبري: 1200 ضابط يطالبون بوقف الحرب السياسية بغزة    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حدث بالفن | وفاة والدة مخرج وتامر عاشور يخضع لعملية جراحية وبيان من زينة    جورجينيو يعلن رحيله عن أرسنال عبر رسالة "إنستجرام"    بن جفير يتهم سياسيًا إسرائيليًا بالخيانة لقوله إن قتل الأطفال أصبح هواية لجنود الاحتلال    حماس: آلية توزيع المساعدات فشلت وتحولت لفخ خطير يهدد حياة المدنيين    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    السعودية تعلن غدا أول أيام شهر ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفضل المتعصبين وأكثرهم تألقاً
نشر في التغيير يوم 18 - 02 - 2010

في بريطانيا وأستراليا، اعتقلت السلطات العديد من الأطباء البشريين والمهندسين المسلمين في أعقاب اكتشاف سلسلة من السيارات المفخخة قبل انفجارها. والحقيقة أن إلقاء القبض على هؤلاء المتخصصين من الحاصلين على تعليم جيد، فضلاً عن الدور الذي يلعبه الدكتور المصري أيمن الظواهري كنائب لرئيس تنظيم "القاعدة"، يثير عدداً من التساؤلات التي تتجاوز مسألة السخط بين المسلمين والعواقب المترتبة على الكوارث الأميركية في الشرق الأوسط.
إن الأطباء والمهندسين أشخاص محترفون، نشأوا نشأة طيبة، وأصبحوا أعضاءً راسخين في المجتمع، وهم ليسوا مجرد شخصيات هامشية كتلك التي قد نتوقع منها أن ترتكب تصرفات عنيفة يائسة. فضلاً عن ذلك فهم ينتمون إلى خلفية علمية، والعلم عادة لا يرتبط بالتعصب الديني أو السياسي.
مما لا شك فيه أن أقلية من المسلمين المتعصبين تعتنق العنف السياسي، وأن عدداً ضئيلاً من أصحاب المهن المتخصصة بين المسلمين يفجرون القنابل. إلا أن انتماء أطباء ومهندسين إلى حركات أصولية متعصبة لابد من أن يستوقفنا. الحقيقة أن زعماء الحركات المتعصبة كثيراً ما ينتمون إلى خلفية مهنية. فالأطباء الذين ينظمون الجماعات استناداً إلى تفسيرات حرفية للنصوص المقدسة، والمهندسون الذين يتزعمون الأحزاب السياسية الإسلامية هم في الحقيقة من بين الشخصيات المألوفة في العالم الإسلامي.
يكمن أحد الأسباب التي تؤدي إلى هذا في الفرق بين ثقافة العلوم الأساسية وثقافة العلوم التطبيقية، ففي كل أنحاء العالم يميل الأطباء وعلماء الأحياء إلى التشكك وليس التدين، إلا أنه ليس من غير المعتاد أن نجد بين المهندسين وعلماء الطب الحيوي بعض المحافظين، بل وحتى المتعصبين دينياً.
ولا ينفرد الإسلام بهذه الظاهرة، ففي الولايات المتحدة قاد مسيحيون، ممن يفسرون النصوص المقدسة حرفياً رغم انتمائهم إلى خلفيات علمية، حملات التصدي لنظرية داروين بشأن النشوء والتطور. والحقيقة أن أنصار التفسير الحرفي للنصوص المقدسة بين الأطباء أكبر عدداً مقارنة بعددهم بين علماء الأحياء.
وعلى نحو مماثل، ليس من غير المعتاد في البلدان الإسلامية أن نجد أساتذة الهندسة يدينون داروين باعتباره محتالاً، كما يؤكد العديد من الأطباء المشهورين أن القرآن أشار إلى العديد من التطورات التكنولوجية والعلمية الحديثة قبل أربعة عشر قرناً من الزمان. وفي العالم الإسلامي تتشابك العلوم التطبيقية بصورة أكبر مع الدين والسياسة. ففي إطار جهودهم الرامية إلى التغلب على قرون من التخلف العسكري والتجاري، سعى المسلمون إلى التصنيع، وتنظيم الإدارة، وتبني الأشكال الحديثة من الحياة السياسية، إلا أن هذه الجهود كانت مصحوبة بحرص دائم على تبني هذه التغييرات من دون مساس بالثقافة الإسلامية أي اكتساب الخبرات التكنولوجية والالتزام بالانتماء إلى الإسلام في ذات الوقت. وفي غمار هذه الجهود حظي أصحاب المهن المتخصصة بالعلوم التطبيقية، باعتبارهم الأشخاص القادرين على مساعدة الدول الإسلامية على اللحاق بالغرب، بقدر عظيم من التبجيل والاحترام. وارتفع الطلب على البرامج الهندسية، واستمتع المهندسون بمكانة تشبه مكانة المحامين والأطباء في الغرب. وعلى هذا فقد سارع أفضل الشباب المسلمين وأكثرهم تألقاً إلى الالتحاق بالعلوم التطبيقية، بينما تضاءل الاهتمام بالعلوم الأساسية.
فضلاً عن دورهم المهم في التحديث، شارك العلماء التطبيقيون أيضاً في المناقشات الثقافية. فقد يختار أحد الأطباء مساراً علمانياً، أو قد يحاول الدمج بين الإيمان التقليدي والمبادئ المهنية الحديثة. وارتبطت هذه الخيارات على نحو مباشر بالمناقشات الدائرة بشأن التوجهات التي ينبغي للمجتمع ككل أن يتخذها.
كان علماء الدين المسلمون يكتسبون مكانتهم من خلال إلمامهم بنوع من المعارف المفيدة على المستوى الاجتماعي، والذي يتمثل في الشريعة الإسلامية، إلا أن العلوم التطبيقية اليوم أصبحت تشكل أيضاً معارف مفيدة للعالم المعاصر. ونتيجة لهذا، فقد أصبح بوسع الأطباء والمهندسين، في ظل بيئة معاصرة، أن يصلوا إلى مكانة ذات سلطة دينية، فيديرون جماعات تدريس القرآن وتفسير النصوص القرآنية. إن العالم الإسلامي موطن للعديد من الحركات الناجحة التي تجمع بين الحفاظ على العقائد والظهور بمظهر معاصر يدعم الرأسمالية ويعتنق التكنولوجيا. وكان أصحاب المهن المتخصصة يشكلون جزءاً أساسياً من هذه الحركات، وذلك لأن الحداثة تشجع على العمل والحركة بدلاً من قبول الواقع. والحقيقة أن الأفكار السياسية من السهل أن تترجم إلى لغة دينية، وتحت الظروف القصوى يصبح من الممكن اللجوء إلى الجهاد العنيف كتعبير عن الإحباطات السياسية.
إلا أن إمكانية تبني العنف لا ينبغي لها أن تحوّل انتباهنا عن حقيقة مفادها أن القناعات الأصولية تؤدي أيضاً إلى تحريك أنشطة سياسية إيجابية. إن الإسلاميين (من أمثال المنتمين إلى حركة حماس) يكتسبون الشهرة بين المسلمين بسبب الخدمات الاجتماعية وأشكال الدعم الاجتماعي التي يساعدون على تنظيمها وتقديمها. والحقيقة أن الأصوليين من أصحاب المهن المتخصصة كثيراً ما يبرعون في مثل هذه الأنشطة، ويعبر أسلوبهم الديني المتزمت عن أخلاقيات مثالية ذات قواعد صارمة شبيهة بالقيود والضوابط التي تحكم أي مشروع هندسي، فيتصدى المهندسون لمهمة تغيير العالم طبقاً لرسم هندسي أولي، أو وفقاً لما تعودوا عليه.
إن العنف السياسي، ذا الصبغة الدينية سوف يستمر دوماً في اجتذاب بعض أصحاب المهن المتخصصة، إلا أننا نؤكد مرة أخرى أن عدد هذه الفئة ضئيل للغاية. إن أغلبية المسلمين الواعين مسالمون، ولقد تبنى أغلب الإسلاميين اليوم سياسات أكثر اعتدالاً وميلاً إلى الديمقراطية.
إن النزعة الإسلامية تتحول بالتدريج إلى شكل من أشكال الشعوبية اليمينية. ولكن مثلهم كمثل المسيحيين اليمينيين في الولايات المتحدة، يستطيع الإسلاميون أن يشكلوا جزءاً مشروعاً من الساحة السياسية الديمقراطية. ومن بين فضائل الديمقراطية أنها قادرة على تثبيط الميول العنيفة. وإن كنا راغبين في تشجيع الميول الديمقراطية في الإسلام السياسي، فلابد من أن نتعلم كيف ننظر إلى الإسلاميين باعتبارهم خصوماً سياسيين وليسوا مجرد جماعة من الأعداء الذين قد يكون بينهم من يحملون شهادات في الطب والهندسة.
تانر إيديس*
* ولِد وتعلم في تركيا، وهو أستاذ الفيزياء المساعد بجامعة ترومان في ميسوري بالولايات المتحدة. وأحدث مؤلفاته كتاب بعنوان "وهم الانسجام: العلم والدين في الإسلام" والمقال ينشر بترتيب مع "بروجيكت سنديكيت"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.