أما في العاصمة الاقتصادية لنيجيريا، لاجوس– المدينة التي تنبض بطاقة حرية الأسواق ولكنها تعاني من انقطاعات التيار الكهربائي- فيقول \"بيتر ويليامز\"، وهو ضابط أمن في متوسط العمر، إنه سيمنح \"أوباسانجو\" علامة \"متوسط\" كرئيس. \r\n يقول \"ويليامز\": \"إن أوباسانجو حقق نتائج متوسطة. فعندما وصل إلى السلطة، لم تكن ثمة وسائل اتصالات؛ أما اليوم، فأصبحنا نتوفر على هواتف نقالة، وبتنا نستطيع التواصل مع أي مكان في العالم\". قبل أن يضيف قائلاً:\"المشكلة الوحيدة هي أننا لازلنا لا نتوفر على كهرباء، وتلك إحدى المؤاخذات على فترة حكمه\". ومع ذلك، يمكن للتاريخ أن يشير إلى نظام أوباسانجو باعتباره نقطة تحول بالنسبة لنيجيريا. \r\n اللافت أن تقييم الناس العاديين والأكاديميين على حد سواء لحصيلة \"أوباسانجو\" بقدر ما يركز على الاحباطات والمواضيع المخيبة للآمال مثل ضعف التعليم وفساد الشرطة واكتظاظ المستشفيات وانقطاع التيار الكهربائي بقدر ما يركز على الانتصارات والنجاحات الدورية التي حققها \"أوباسانجو\" منذ وصوله إلى السلطة عام 1999. غير أن الأكيد هو أن قلة من الساسة النيجيريين فقط استطاعوا ترك بصماتهم على بلدهم المركّب والحيوي على غرار \"أوباسانجو\". \r\n وفي هذا الإطار، يقول \"جون أداليكي\"، المحلل المالي المستقل في لاجوس: \"ما قام به \"أوباسانجو\" هو أنه دفع نيجيريا بعيداً إلى الأمام إلى درجة أنه لم يعد ممكنا التراجع إلى الخلف\"، مضيفاً \"لقد أنشأ حكومة تعمل بشكل أفضل مقارنة مع نظيراتها السابقات؛ غير أن ما لم يفعله هو إحداث تأثير على رجل الشارع العادي\". \r\n والواقع أن تحويل بلد فقير في معظمه، يبلغ عدد سكانه 140 مليون نسمة، إلى اقتصاد حديث ليس مهمة سهلة، إلا أنه مما لا شك فيه أكثر صعوبة في بلد ينخره الفساد إلى حد كبير مثل نيجيريا، إذ كثيراً ما تعد الوزارات أقطاب جذب للأصدقاء السياسيين الذين لا يرون غضاضة في السرقة من محفظة الدولة. ولا يوجد مكان حيث يصح هذا الأمر أكثر في وزارة الطاقة. فعندما تقلد \"أوباسانجو\" مسؤولية البلاد في 1999، كانت البلاد تنتج 4000 ميغاوات من الكهرباء بواسطة محطات توليد الطاقة التي تشتغل بالغاز. أما اليوم، فإنها بالكاد تنتج 2500 ميغاوات بسبب ضعف الصيانة. \r\n من أجل مواجهة هذا الفساد (يذكر هنا أن منظمة الشفافية الدولية صنفت نيجيريا عام 2006 ضمن البلدان العشرين الأولى الأكثر فسادا في العالم)، أنشأ أوباسانجو \"لجنة الجرائم المالية والاقتصادية\"، ومنحها سلطات التحقيق مع أي شخص في الإدارة النيجيرية مهما كان منصبه، بمن في ذلك وزراء ضمن حكومته. وقد كانت هذه الجهود الرامية إلى محاربة الفساد من العوامل التي شجعت المانحين الغربيين على إعفائها من تسديد 12.5 مليار دولار من الدين الخارجي. \r\n ومنذ أبريل 2003، أصدرت \"لجنة الجرائم المالية والاقتصادية\" 150 إدانة في حق موظفين حكوميين متورطين في قضايا فساد؛ كما أمرت باعتقال ثلاثة حكام ولايات، وجميعهم من \"الحزب الشعبي الديمقراطي\" الحاكم الذي ينتمي إليه \"أوباسانجو\"؛ واسترجعت أزيد من 5 مليارات دولار في الأموال العمومية المختلسة. \r\n ويقول \"إبراهيم لامورد\" رئيس العمليات في \"لجنة الجرائم المالية والاقتصادية\" في لاجوس:\"في بلد من بلدان العالم الثالث مثل نيجيريا، يجب التعامل مع الفساد مثل الإرهاب، أو جرائم الإبادة الجماعية\"، مضيفاً \"إن الناس من جميع أرجاء العالم يرغبون في القدوم إلى هنا من أجل الاستثمار. فالسوق كبيرة جداً، وشعبنا يتسم بالكد والاجتهاد في العمل، ويعد من أفضل الشعوب تعليماً في أفريقيا. إلا أن بعض الأشخاص يقومون للأسف بأمور فظيعة أضرت بسمعة بلادنا ومكانتها\". وقال أيضاً:\"ولكننا نعتقد أننا سنغيِّر البلاد\"، مضيفاً \"إذا قلنا \"لا\" للفساد، فحينها ستُحل مشكلة الفقر. إنها مسألة تصميم وإرادة فقط\". \r\n ولئن كان الاقتصاد قد شهد إقلاعاً بفضل الاستثمار في النفط، حيث سجل معدل نمو بلغ 6 في المئة في السنوات الست الماضية، فإن المؤشرات الاجتماعية تظل سلبية. ذلك أن أمد البقاء على قيد الحياة يتعدى الأربعين عاماً بقليل. كما أن أكثر من 40 في المئة من السكان لا يتوفرون على الماء الصالح للشرب، و20 في المئة من الأطفال يتوفون قبل سن الخامسة. \r\n وبالرغم من أن نيجيريا تعد خامس أكبر منتج للنفط على الصعيد القاري، فإنها لا تتوفر سوى على القليل من المصافي العاملة، ما يجعلها سادس أكبر مستورد للمنتجات المكررة مثل الجازولين والديزل في العالم، وهو ما يتسبب في ارتفاع كلفة جميع المنتجات التي يشتريها النيجيريون من المانجو إلى المواد الإلكترونية. \r\n \"توسي\"، مديرة شابة لأحد الفنادق، لا تملك سوى الابتسام عندما تفكر بالأمور التي جلبتها فترة حكم \"أوباسانجو\" إلى حياتها، تقول: \"أجل، إن الاقتصاد يحقق نمواً على الورق، غير أن مستوى المعيشة يرتفع أيضاً\"، وتضيف \"يمكننا الحصول على الكهرباء ساعة كل يوم؛ أما بالنسبة للثلاث وعشرين ساعة المتبقية، فنشغل مولدات الطاقة؛ والحال أن ذلك يرفع الكلفة. أما إذا حلوا مشكلة الكهرباء، فإن المنتجات ستصبح أرخص، لأننا لن نعود مضطرين لتوليد الطاقة بأنفسنا\". \r\n \r\n سكوت بولدوف \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n سارة سيمبسون \r\n مراسلة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في لاجوس \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n