\r\n \r\n لشهر الماضي , انضم كينيث بولاك من مؤسسة \" بروكينغز \" إلى دراسة تنادي بالعودة إلى سياسة الاحتواء في العراق - حتى بالرغم من أنه كان واحدا من أكثر المؤيدين لغزو أميركا للعراق في عام 2003 على أساس أن الاحتواء كان فاشلا . \r\n وحتى \" مجموعة دراسة العراق \" بإشراف جيمس بيكر اقترحت في تقريرها في شهر ديسمبر الماضي أن الولاياتالمتحدة يجب أن تعمل مع إيران وسوريا لاحتواء الصراع العراقي . \r\n إن الاحتواء هو فكرة من أيام الحرب الباردة , عبر عنها وأوضحها المؤرخ والدبلوماسي جورج كينان في مقالته الشهيرة بمجلة \" فورين آفيرز \" ( شؤون خارجية ) في الأربعينيات المعنونة \" مصادر السلوك السوفيتي \" . وقد دفع كينان , الذي كان مرابطا في السفارة الأميركية بموسكو , بأنه طالما أن الاتحاد السوفيتي لم يهاجمنا , فيجب ألا نهاجمه - ولكننا يجب أن نعتمد بدلا من ذلك على الترهيب والترغيب الاقتصادي وعلى الاستخبارات والدبلوماسية وعلى دعم صحة وحيوية الديمقراطيات الرأسمالية للفوز في الحرب الباردة . \r\n صحيح أن السوفييت - كما كتب كينان - كانوا تواقين إلى زيادة مجال نفوذهم , ولكن سياسة الولاياتالمتحدة يجب أن تكون مبنية مع ذلك على \" احتواء طويل المدى وصبور ولكن حازم ويقظ للاتجاهات التوسعية الروسية \" . فمع الوقت - كما أعتقد كينان - سينهار النظام السوفيتي سيئ الأداء , والذي أفرط في التوسع فيما يتجاوز حدوده , سينهار من تلقاء نفسه . \r\n وقد أثبت التاريخ أنه على حق.. \r\n ولكن ذلك كان آنذاك وهذا هو الآن . فالاحتواء ( والذي كان أيضا سياستنا تجاه الرئيس العراقي صدام حسين خلال سنوات كلينتون ) سقط إلى إزدراء وكره في التمهيد والحشد لحرب العراق , عندما نبذته إدارة بوش على أساس أنه غير كاف لمواجهة تهديدات عالم ما بعد 11/9 . وحاجت إدارة بوش بأنه إذا قامت \" القاعدة \" بهجوم وإذا كان الإرهابيون النوويون يتجولون ويجوبون المعمورة وإذا كانت الحكومات المارقة تزودهم بالأسلحة , فإن الإجراءات الجذرية الوحيدة - وهي حرب استباقية وقائية وتغير نظام بالقوة - يمكن أن تحمينا . \r\n وهذا كان المعادل الحديث لسياسة \" الصد والرد \" ( دفع السوفييت إلى الخروج من أوروبا الشرقية ) والتي اقترحها جون فوستر دولاس ودوايت أيزنهاور في حملة انتخابات عام 1952 ( ولكنهما تخليا عنا على أساس أنها غير عملية عندما جاءا إلى الحكم في السنة التالية ) . \r\n فما هي إذاً الحقيقة ؟ وهل الاحتواء منبوذ ومهمل في الواقع كما الحال لدي إدرة بوش ؟ \r\n بدلا من إتباع نموذج كينان وإثارة وتحريض خصومنا وأعدائنا ضد بعضهم بعضا , تشجهم إدارة بوش على صنع قضية عامة مشتركة عند كل منحنى أو اتجاه . والكلام عن \" محور الشر \" في خطبة حالة الاتحاد لعام 2002 هو مثال زاعق على ذلك . إن الإغضاب والإبعاد الذي لا معنى له لإيران عندما كان المعتدلون لهم اليد العليا هناك وكانوا يتعاونون في أفغانستان لم يحقق منطقا أو معنى للولايات المتحدة . \r\n وأعتقد كينان أن السبيل لكسب القلوب والعقول هو إظهار تفوق الرأسمالية الديمقراطية على الأرض . ومن ثم كان دعمه ل\" خطة مارشال \" لتدعيم النجاح الديمقراطي في أوروبا بأسرع ما يمكن . \r\n وهذا أيضا هو الدواء لوقتنا الحالي . \r\n لقد كان كينان مقتنعا بأن المحاجة مع السوفييت كانت مضيعة للوقت . وكان يجب أن تركز الولاياتالمتحدة - كما كان يعتقد - على ما يفعله أعداؤنا وليس ما يقولونه , مفترضا أنهم سيتصرفون استجابة لمصالحهم , وليس لحججنا ودفوعنا . وذلك يجدي . \r\n ولنفكر في ليبيا كنموذج , حيث استجاب معمر القذافي لحوافز ( وعوائق ) الاحتواء بالرغم من قدحه وذمه ضد الغرب . \r\n وبدلا من أن يكون العراق نموذجا بالنسبة للموقف من إيران , يجب أن تكون ليبيا هذ النموذج . ولكن حلفاء الإدراة الأميركية يرون الأمر على نحو مختلف ويدفعون نحو المعادل الحديث للصد والرد , مقترحين أننا يجب أن نهاجم إيران لوقف برنامج أسلحتها النووية . \r\n ومن الصحيح أن مبادئ كينان تحتاج - في بعض النواحي - إلى أن تعدل في عالم لم يعد ثنائي القطب والذي يمكن أن يكون فيه خصوم وأعداء كثيرون يعملون في أماكن مختلفة . وهذا يتطلب إنشاء تحالفات أمنية إقليمة . كان كينان يعارض إنشاء \" الناتو \" على أساس أنه سيعسكر الصراع مع السوفييت بلا ضرورة . ولكن - كما يدفع الكولونيل الأميركي جوزيف نانز من كلية الحرب الأميركية - بأننا نحتاج الآن إلى تنظيمات مثل الناتو في كل قارة لاحتواء الجماعات الإرهابية والصراعات الطائفية في الدول الفاشلة . \r\n كان كينان لديه أيضا وقت قليل بالنسبة لمنظمات دولية مثل الأممالمتحدة , معتقدا أنها يجب أن تجنب وتطرح جانبا في أي صراع حقيقي بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي . ولكن في العالم المعولم للقرن الحادي والعشرين , تكون مثل تلك المنظمات الدولية جوهرية لحفظ السلام وفرض القانون الدولي وشرعنة التدخل عندما يتطلبه الاحتواء . \r\n لقد مات كينان عن عمر يناهز 101 عاما . ولكن عقيدته ومبدأه في الاحتواء يجب ألا تدفن معه . \r\n إن الاحتواء ليس منبوذا مهملا. ولكن مبادئ بوش كذلك . \r\n \r\n إيان شابيرو \r\n أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز \" ماكميلان \" للدراسات الدولية بجامعة يال الأميركية \r\n خدمة \" لوس أنجلوس تايمز \" - خاص ب\" الوطن \"