\r\n \r\n \r\n ومع ذلك ولأسباب لا تزال مجهولة، تواصل إدارة بوش تجاهلها لفرصة ذهبية ثمينة، تتيح لها فرصة منح الحرية لعشرات الآلاف من الكوريين الشماليين، إلى جانب ممارسة ضغوطها على النظام الحاكم من أجل حمله على إحداث تغييرات وإصلاحات سياسية جوهرية، من شأنها تمهيد التربة والمناخ، لوحدة وسلام شبه الجزيرة الكورية. وفي وسع الولاياتالمتحدة الأميركية تحقيق كل هذه الأهداف، عن طريق إنشائها لمترو أنفاق، بغرض إنقاذ حياة الكوريين الشماليين المقيمين في الجارة الصين. \r\n فعلى الصعيد الإنساني وحده، يكتسب العمل من أجل أولئك اللاجئين البؤساء، الذين يواصلون العيش في خفاء على الشريط الحدودي الشمالي لبلادهم، الممتد على طول نهر \"يالو\"، أهمية ومشروعية أخلاقية كبيرة. وعلى رغم الصعوبة التي تحيط بالحصر الدقيق لعدد هؤلاء اللاجئين، إلا أن سوء وإلحاح وضعهم، لا يقل عن مأساة أقرانهم في إقليم دارفور السوداني، إلا بمثقال ذرة واحدة. وفي الوقت الذي تتحدث فيه \"مجموعة الأزمات الدولية\" عن عشرات الآلاف منهم، رفعت وثائق صينية رسمية مؤخراً، ذلك العدد إلى مئات الآلاف. وبصفتهم لاجئين غير شرعيين، تصر بكين على وصفهم بأنهم لاجئون اقتصاديون أو بما هو أسوأ من ذلك، وهم يعيشون في قلق وفزع دائمين، بحكم مخاطرتهم بالإقامة غير المشروعة في حدود دولة أخرى. وبالنتيجة ترغم النساء منهم على الانخراط في تجارة الجنس. وفي ظل وضع كهذا، يفقد الرجال والأطفال قيمتهم الاجتماعية الاقتصادية، وتكثر معدلات الوفيات بينهم. \r\n وعلى رغم وقوع الكثير من هؤلاء اللاجئين غير الشرعيين في فخ الجريمة والعنف والاستغلال بكافة صوره في الصين، فإنهم يعدون من اللاجئين المحظوظين، قياساً إلى أولئك الذين تقدم سلطات بكين على ترحيلهم وإعادتهم إلى كوريا الشمالية، منتهكة بذلك التزاماتها إزاء معاهدات واتفاقيات الأممالمتحدة الخاصة بأوضاع اللاجئين. ومبلغ الخطر الذي يواجهه هؤلاء المرحَّلون، أن حكومة الزعيم كيم يونج إيل، تعتبر أن من يهرب من جنة \"الفردوس الكوري الشمالي\" التي شيدتها، إنما هو مواطن جاحد، ارتكب إثماً وجرماً، ليس دونه \"الخيانة العظمى\" بأية حال. ولذلك فإن من الطبيعي أن يواجه هؤلاء المرحَّلون، السجن والتعذيب والقهر والموت، وهي عين الحقيقة التي تواصل سلطات بكين نفيها وإنكارها. \r\n وعلى رغم تشدد بكين في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية، التي دخلت عقدها الثاني الآن، فإن عدداً من الأفراد والمنظمات الجريئة العاملة في مجال مساعدة اللاجئين، نشطت في تهريب هؤلاء اللاجئين سراً من الأراضي الصينية إلى دولة ثالثة. من هؤلاء \"ستيف كيم\"، وهو ناشط في حقوق الإنسان من ولاية نيويورك، وهو لا يزال مسجوناً في الصين منذ عام 2003. ومنهم كذلك \"فيليب باك\"، وهو ناشط من سياتل، وقد سبق له أن سجن لمدة 15 شهراً في الصين، بين عامي 2005- 2006. يضاف إليهما أدريان هونج، الذي جرى ترحيله من الصين شهر ديسمبر الماضي، إلى جانب عدد آخر من الناشطين، من كل من أميركا وكوريا الجنوبية وغيرها. وقد تمكن هؤلاء من إنقاذ وترحيل آلاف الكوريين الشماليين من الأراضي الصينية، عبر رحلة خطيرة شاقة، تمتد لمسافة 6 آلاف ميل من السفر براً، إلى جنوب شرقي آسيا، حيث يمكن للاجئين البحث عن فرصة لجوء سياسي في المحافظات والأقاليم التي تقبل طلباتهم. \r\n غير أن المأساة نفسها، أغرت بعض المستثمرين من فاقدي الضمير والأخلاق، لمساعدة هؤلاء اللاجئين على مغادرة الأراضي الصينية، بغية استغلالهم واستثمارهم من أجل المال والربح. وقد لوحظ تصاعد انتقاد كل من بكين وسيئول لظاهرة الاتجار في البشر هذه، مع تعدد منطلقات ودوافع كل واحدة من العاصمتين الجارتين، لتدفقات الهجرة البشرية الكبيرة من الجارة بيونج يانج. وسواء كانت الدوافع إيجابية أم سلبية، تلك التي تدفع مختلف الجماعات لمساعدة لاجئي كوريا الشمالية عإلى مغادرة سجن الأراضي الصينية التي يقيمون فيها، فإن المؤكد هو أن قدرة الآلاف منهم على الخروج من ذلك السجن الافتراضي، تشير إلى وجود طريق ما، لاستعادة الحرية لأسرى سجن الخوف هؤلاء. وفي الإمكان توسيع هذا الطريق وتمهيده، ما أن يدرك اللاجئون أنه أصبح بوسعهم الاعتماد على نوع من الحماية الرسمية الشرعية المتوفرة لهم. \r\n وربما يبدي البعض قلقاً ومخاوف من إعادة توطين عشرات الآلاف، دعك من مئات الآلاف، من هؤلاء اللاجئين في دولة ثالثة. غير أن الجوانب اللوجستية ذات الصلة بعملية الترحيل وإعادة التوطين هذه، تكاد تكون محلولة سلفاً. ذلك أن نصوص القانون القومي لكوريا الجنوبية، تلزم سيئول باستقبال هؤلاء اللاجئين جميعاً. فبموجب نص المادتين الثانية والثالثة من \"دستور جمهورية كوريا\"، وهو الدستور الذي أيدت نصوصه المحكمة العليا لكوريا الجنوبية في عام 1996، فإنه يحق لأي لاجئ كوري شمالي، إعادة التوطين في كوريا الجنوبية. هذا ولا يزال مطلوباً ومرغوباً، فتح واشنطن وغيرها من حكومات الدول الحرة، أبواب بلادها أمام هؤلاء اللاجئين، وهو ما تفعله الولاياتالمتحدة سلفاً، بحكم نصوص والتزامات قانون حقوق الإنسان لكوريا الشمالية، لعام 2004، إلا أن الطبيعي أن تكون كوريا الجنوبية هي الوجهة الرئيسية لإعادة توطين العدد الغالب من هؤلاء اللاجئين. إذن تبقى الحماية والمساعدة المطلوبة لترحيل اللاجئين من أماكن إقامتهم الحالية في الصين، إلى الجارة كوريا الجنوبية. وهذا هو ما يجب على واشنطن وغيرها من الدول الحرة فعله. \r\n \r\n نيكولا إيبرستاتد \r\n عضو اللجنة الأميركية لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية \r\n كريستوفر جريفين \r\n باحث مشارك بمعهد \"أميركان إنتربرايز\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n