ينظر الى زيارة بوتين التي استغرقت يومين, في حين انها الزيارة الرابعة له منذ ان اصبح رئيسا لروسيا, على انها شهادة على العلاقات الوطيدة بين الهند وروسيا, وهي علاقات تعرضت للتراجع والانحدار مع نهاية الحرب الباردة, وواجهت التحدي من تحسن علاقات الهند مع الولاياتالمتحدة, ثم جرى احياؤها تحت ضغط المطالب الاستراتيجية الهندية - كالطاقة والاسلحة وفي كلا الحالتين, تقف روسيا في موقع الشريك الهام. \r\n \r\n لما سئل احد الوزراء في الحكومة الهندية عن اهمية زيارة بوتين لبلاده, بذل جهدا كبيرا ليقول ان علاقة الصداقة العريقة للهند مع موسكو لا ينبغي لها ان تخيف اصدقاء الهند الجدد في واشنطن. فقال جايرام راميش, وزير التجارة في الهند »ان علاقتنا بروسيا ليست موجهة ضد الولاياتالمتحدة, كما علاقتنا بالولاياتالمتحدة لا تقوم على حساب شراكتنا المتواصلة مع روسيا«, وكخطوة اولى, تتعطش الهند الى توسيع وسائل وصولها واستثماراتها في احتياطيات النفط الروسية الهائلة. \r\n \r\n وقال مسؤولون هنود, ان من بين البنود الواردة على جدول اعمال زيارة بوتين, اقامة مشروع هندي - روسي مشترك لاكتشاف النفط في سيبيريا, اما حصة الهند في المشروع المشترك الحالي, ساخالين 1 البالغة قيمتها مليار دولار, تمثل اكبر استثمار تقوم به الهند في الخارج عموما, كما اقترحت »ريليانس اندستريز«, احدى شركات الطاقة الهندية, الاستثمار في محطة روسية لتنقية النفط. \r\n \r\n وفي الوقت ذاته, عبرت روسيا عن اهتمامها, كما صرح بذلك مسؤولون في الحكومة الهندية, بالاستثمار في خط الانابيب المثير للجدل, لنقل الغاز الطبيعي من ايران الى الهند عبر الباكستان, هذا مع العلم ان ادارة بوش اعلنت مرارا عن تحفظاتها حيال هذا المشروع, اما واردات الهند الحالية من روسيا, او من اي مكان آخر خارج الشرق الاوسط, فتظل شيئا لا يذكر, بسبب مشاكل النقل بصورة اساسية. \r\n \r\n وفيما يتعلق بالتسلح, فتشكل موسكو اكبر شريك للهند في قضايا الدفاع والعلاقة بين البلدين في هذا المجال على جانب كبير من الحيوية, لدرجة انه عندما سمحت الاتفاقية النووية بين الولاياتالمتحدة والهند للاخيرة بشراء التقنيات النووية اللازمة لبرنامجها النووي المدني, تنبأ السفير الهندي في روسيا, كانوال سيبال, بان يكون »الروس من اول الداخلين على الخط, هذا ان لم يكونوا اولهم على الاطلاق«, وبموجب هذه الاتفاقية يسمح للهند شراء الوقود النووي والمفاعلات النووية وغيرها من التقنيات من السوق العالمية, شريطة ان تحصل على موافقة »مجموعة التزويد النووي« وهي ائتلاف يضم 45 بلدا, التي تنظم بقوانين تجارة الطاقة الذرية. \r\n \r\n تقوم روسيا حاليا ببناء مفاعلين نوويين في الهند, وفي وقت قريب مضى, ذكرت وكالة »انترفاكس« على لسان وزير الدفاع الروسي, سيرغي ايفانوف, قوله ان بلاده مستعدة لبناء مفاعلات نووية اخرى في الهند. \r\n \r\n وبالمثل, فان الهند مدينة بالشكر لموسكو على توفير مجموعة متنوعة من الاسلحة التقليدية, تضم دبابات وحاملات طائرات حتى النفاثات المقاتلة, فعلى الرغم من الاعتماد الكلي للهند على موسكو, ابان الحرب الباردة, والذي ضاعف من تعقيداته داخلون على الخط, واسرائيل بشكل بارز, فتظل روسيا اكبر شريك للهند في شؤون الدفاع. \r\n \r\n لقد انتج الهنود والروس, بصورة مشتركة, صاروخا قصير المدى يدعى »براهموس« وتريد الهند ان تعرضه للبيع في السوق, رغم اعتراضات الروس, اما طموحات الهند في البحوث الفضائية - وخاصة في ضوء التجربة الصينية الاخيرة لصاروخ مضاد للاقمار الاصطناعية فتتوقف كثيرا على التعاون الروسي, ففي هذا الشأن قال اسهوك ميهتا, الجنرال المتقاعد من الجيش الهندي, »ستظل روسيا حليفا هاما كما كانت من قبل, غير ان حدود هذه العلاقة تغيرت«. \r\n \r\n ففي المقام الاول, ومن منظور هندي, لم تبد روسيا الولع المتوافر لدى الولاياتالمتحدة, في الابقاء, مثلا, على علاقات طيبة مع جار الهند ومنافسها : الباكستان, فلم يسبق لموسكو ان عاقبت الهند بسبب كشمير, ولا سبق للهند ان تساءلت عن اعمال الروس في الشيشان, او عن التزام بوتين بالديمقراطية, وفي هذا الصدد, قال بي. رامان, احد المسؤولين المتقاعدين في جهاز المخابرات, ويعمل حاليا كمعلق, »ما من قيود على المساعدة الروسية للهند في اي مجال, وستكون مسألة انتحار ان سمحت الهند لعلاقاتها مع موسكو ان تتميع تحت اية ذريعة كانت«. \r\n \r\n ان قياس مدى اهمية روسيا للهند في المستقبل مسألة حوار وجدال, فيقول رجا موهان, محرر الشؤون الاستراتيجية في صحيفة »انديان اكسبرس«, انه اذا سمح للهند, وفي اي وقت يسمح لها, بالشراء من السوق النووية في العالم, فمن المرجح ان تواجه روسيا منافسة ضارية من فرنسا. \r\n