\r\n توجد هذه القنابل في كل مكان حتى على أغصان أشجار الزيتون وأوراق أشجار الموز. انها توجد كذلك على أسطح المنازل ومختلطة مع أكوام الركام الناتجة عن التدمير الاسرائيلي للمنازل والشوارع والجسور. انها أيضا في الحقول وفي المزارع وفي الطرقات وخارج المدارس. \r\n \r\n تشير الاحصائيات المتوافرة حتى 28 سبتمبر الماضي الى ان القنابل العنقودية تسببت في اصابة 109 أشخاص بجروح بليغة اضافة الى مقتل 18 شخصا آخرين. \r\n \r\n آخر ضحايا هذه القنابل تم تسجيله في الأسبوع الماضي وهو فتى يافع اسمه محمد حسان سلطان يبلغ من العمر 12 عاما حيث اصيب اصابة قاتلة بشظية نتجت عن انفجار احدى القنابل العنقودية مما أدى الى حدوث جرح عميق في رأسه. \r\n \r\n هذا الفتى من قرية سوان وهي قرية جبلية تطل على مزارع الزيتون. كان محمد يجلس على جدار عال يراقب الجرافة وهي تنظف الركام عندما هزت الجرافة عن غير قصد احدى شجرات الزيتون مما أدى لانفجار احدى ا لقنابل العنقودية المعلقة بها واصابة محمد بجراح قاتلة. يقول يوسف فتوني احد سكان القرية «نقلت محمد الى المستشفى بسيارتي ولكنه كان متوفيا عندما وصل الى هناك».كامل القرية مبتلاة بهذه القنابل ويعمل الجيش اللبناني على تنظيف المنطقة ولكن تتسم هذه العملية بالبطء الشديد. وحسب تقديرات المسؤولين فإن الجنوب سيكون محظوظا لو استمر التمويل الدولي ويمكن انهاء هذه العملية بالتالي خلال 15 شهرا. \r\n \r\n يعمل حاليا حوالي 300 فرد من القوات اللبنانية و30 فريق تنظيف آخر، كل فريق يتألف من 30 خبيرا على حل مشكلة القنابل العنقودية التي لم تنفجر. \r\n \r\n وقد رصدت الأممالمتحدة وجود القنابل العنقودية في 745 مكانا في جنوب لبنان، ويقدر عدد القنابل المنتشرة هناك بحوالي مليون قنبلة. تم حتى الآن تفجير أعداد لا بأس بها من هذه القنابل ولكن لا يزال هناك الكثير. يقول الكولونيل محمد فهمي رئيس المكتب الوطني لإزالة القنابل «ان الأولوية الآن تعطى لتنظيف المنازل والطرق الرئيسية والحدائق وذلك من أجل تمكين النازحين من العودة الى قراهم. اما المرحلة التالية فتشمل تنظيف الأراضي الزراعية. \r\n \r\n يقول الخبراء العسكريون ان استخدام القنابل العنقودية أمر مشروع إذا ما استهدفت المواقع العسكرية كونها فعالة في شل أو إبطاء تحركات الجيوش. \r\n \r\n غير انه وجهت الكثير من الانتقادات الشديدة لاسرائيل من قبل مسؤولي الأممالمتحدة ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لاستخدامها القنابل العنقودية ضد الاهداف المدنية كذلك يوجه الانتقاد لاسرائيل لانها استخدمت أكبر كمية من هذه القنابل خلال الأيام الأخيرة من الحرب عندما كان مجلس الأمن يجري مشاورات لانهاء النزاع. \r\n \r\n ويقدم اللبنانيون تفسيرين لقيام اسرائيل باسقاط تلك الكميات الكبيرة من القنابل في تلك المرحلة المتأخرة من الحرب. فالحرب كانت في نهاياتها وارادت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ايقاع أكبر قدر من الاضرار بحزب الله. اما السبب الآخر فلربما سعت الى تلويث الجنوب بالقنابل العنقودية غير المنفجرة من أجل منع او اعاقة عودة أهل الجنوب الى مدنهم وقراهم. \r\n \r\n وتقول الأممالمتحدة انها تحقق حاليا فيما إذا كان استخدام اسرائيل للقنابل العنقودية يشكل خرقا للاتفاقيات المتعلقة باستخدامها. \r\n \r\n وتقدم اسرائيل وجهة نظر مختلفة. ففي الأيام الأخيرة من الحرب أمطر حزب الله شمال اسرائيل بأعداد كبيرة من الصواريخ فجاء الرد انتقاما لذلك اضافة الى ان اسرائيل أملت في ان يؤدي اشتداد القتال الى دفع مجلس الأمن لاتخاذ موقف أشد صرامة ضد حزب الله. \r\n \r\n وتقول اسرائيل كذلك انها ألقت مناشير في تلك المناطق التي كانت تعتزم استهدافها لتحذير المدنيين كما انها قدمت للبنان خرائط للأماكن التي سقطت القنابل بها من أجل المساعدة في عملية ازالتها. \r\n \r\n ويقول مسؤولو الأممالمتحدة ان الخرائط الاسرائيلية عديمة الجدوى ويؤكدون ان اسرائيل رفضت اعطاء خرائط أكثر دقة. \r\n \r\n ونشرت صحيفة «هآرتس» في الشهر الماضي مقالا لكاتب رفض الكشف عن اسمه قال ان رئيس وحدة الصواريخ في الجيش الاسرائيلي انتقد قرار استخدام القنابل العنقودية. وقال ذلك المسؤول «ما فعلناه كان الجنون بعينه حيث غطينا مناطق وبلدات وقرى كاملة بالقنابل العنقودية». \r\n \r\n حاولت صحيفة «التايمز» اللندنية أكثر من مرة الاتصال بمسؤولين اسرائيليين للحصول منهم على ايضاح منطقي للأسباب التي دفعت اسرائيل لاستخدام تلك القنابل التي ثبت لاحقا فشلها في تحقيق الهدف الذي رميت من أجله. وكل ما قاله المسؤولون ان كل شيء تم حسب القانون الدولي. \r\n \r\n \r\n هناك رغبة عارمة لدى سكان الجنوب اللبناني في العودة السريعة لبلداتهم وقراهم حيث يرغبون في البدء في اعادة بناء ما دمرته اسرائيل وحصاد محاصيلهم الزراعية الموسمية. \r\n \r\n في بعض الأحيان يحاول البعض تنظيف القنابل بنفسه وبدأ هناك البعض في القيام بهذه المهمة مقابل الحصول على أجر وهو شيء يحذر المسؤولون اللبنانيون من خطورته ولكن الناس غالبا لا تسمع لمثل هذه النصائح، يقول رضا نور الدين (54 عاما) الذي يمتلك قطعة من الأرض تقع على جانب الطريق الرئيسي لقرية خربة سالم «إذا ما فقدت موسم الزيتون والقمح فلن يكون لدي المال الكافي للانفاق على اسرتي خلال فصل الشتاء». \r\n \r\n القنابل العنقودية هي في حجم بطارية صغيرة تقريبا يمكن تجميعها في قنابل أو صواريخ او قذائف المدفعية وعندما تنفجر هذه القنابل او الصواريخ أو القذائف فإن هذه القنابل الصغيرة تنتشر عبر مساحة واسعة وعادة لا تتسم هذه القنابل بالدقة في التصويب. \r\n \r\n وتصل نسبة الخطأ في القنابل العنقودية في فترات التدريب الى 15% حسبما تشير الى ذلك النشرات الصادرة عن الأممالمتحدة، اما في اوقات الحرب فإن هذه النسبة ترتفع الى حوالي 40%. \r\n \r\n وتقول داليا فران ضابطة الارتباط في مركز العمل الخاص بالألغام «نعتقد انه يوجد في جنوب لبنان حوالي مليون قنبلة عنقودية لم تنفجر حتى الآن» وتعمل فران في هذا المركز منذ ثلاث سنوات وكانت قد شاركت من قبل في الجهود التي بذلت لإزالة الألغام التي خلفتها اسرائيل وراءها بعد انسحابها من جنوب لبنان في 2000. \r\n \r\n وتقول فران ان نسبة كبيرة من القنابل العنقودية غير المنفجرة هي من انتاج أميركي. \r\n \r\n كما يوجد هناك ايضا قنابل من صناعة اسرائيلي. \r\n \r\n أحد أنواع القنابل العنقودية لها ذيل أبيض وهذا يجعلها تبدو كلعب الأطفال مما يتسبب في اصابة الكثير من الأطفال بجراح.ينتظر فلاحو ومزارعو الجنوب اللبناني فرق إزالة القنابل بفارغ الصبر ويقول أحدهم «أشعر وكأن ارضي أصبحت عدوا لي، انها تمثل خطرا على حياتي وحياة أبنائي». \r\n \r\n هكذا ترتكب إسرائيل جرائم حرب لا يحاسبها عليها أحد. \r\n