\r\n \r\n ومع ذلك, فإن الزعيمين يسيران باتجاه نقطة تحول مشتركة, تولدت من الوقائع الجديدة المتمخضة بوضوح بعد صيف طويل محفوف بألغاز الحرب: ابتداء من غزة في شهر حزيران, حتى شمال اسرائيل ولبنان في شهري تموز وآب. ويبدو ان الجانبين يتحركان نحو ادراك ان النزاع ربما يكون اكثر قابلية للحل ان هما تخلّيا عن اسلوب التعامل معه بالاحادية. ولغاية الان, يتلمس الجانبان صراعاتهما الداخلية الخاصة, التي قد تضعف الجهود الدبلوماسية لاستئناف العملية السياسية بين الاسرائيليين والفلسطينيين. \r\n \r\n فقد اعلن ابو مازن, في الاسبوع الماضي, بأن »فتح« عضو منظمة التحرير الفلسطينية, ستشكل, ولاول مرة, حكومة وحدة وطنية مع »حماس« الحاكمة, التي وصلت الى السلطة في انتخابات كانون الثاني الفلسطينية, وتأتي هذه الخطوة من »فتح«, في اعقاب اشهر من العزلة الاقتصادية والسياسية المفروضة على السلطة الفلسطينية من المجتمع الدولي, اذ لن تتعامل الولاياتالمتحدة, ولا العديد من الدول الغربية مع »حماس«, لانها جميعاً تعتبر الاخيرة منظمة ارهابية, وفي هذه الحالة, تحرك ابو مازن ليقترب اكثر من هدف متوخى, ويتمثل في اشراك الجناح العلماني المعتدل من »فتح« في صناعة القرار الفلسطيني. \r\n \r\n من هذا, يبدو ان هناك رغبة واضحة وصريحة في التغيير. فمن شأن حكومة وحدة فلسطينية, التي لم يسبق ان تشكلت من قبل ابداً, ان تعرض احتمال استئناف المساعدات الدولية, والاعتراف الدبلوماسي بها. فعزلة الحكومة جعلت من المستحيل تقريباً على حكومة »حماس« دفع رواتب الموظفين, كما تفاقمت المستويات العالية اصلاً للحرمان الاقتصادي في المناطق الفلسطينية. \r\n \r\n وجاء الاختراق الواضح من جانب عباس, بالاتفاق مع قادة »حماس«, في الاسبوع الماضي, في اعقاب لقائه رئيس الحكومة البريطانية, توني بلير, والذي عبر فيه ابو مازن عن رغبته بالاجتماع الى اولمرت »من دون شروط مسبقة« وقد نظر الى هذا التعبير الاخير على انه اشارة الى الاستعداد للمباحثات, قبل التوصل الى اي قرار بشأن اطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين المتوقع, مقابل الافراج عن الجندي الاسرائيلي المختطف, العريف جلعاد شاليت. \r\n \r\n في هذا الخصوص, يقول سعيد زيداني, استاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية, »اعتقد ان حماس وصلت الى نقطة انه لا بد من ان تتغير. وقد لا يكون هذا بتغيير جلدتها. لكن ان تمكنت من تشكيل حكومة جديدة, على نحو لا يشعرها باستلاب فوزها, فقد ينجح ذلك فعلاَ«. \r\n \r\n وفي اسرائيل, ايضاً, يلمس الكثيرون احتمال وقوع نقلات هامة, نتيجة الاضطرابات التي وقعت خلال الاشهر القليلة الماضية, ففي اوساط جميع الدوائر السياسية, من اليسار واليمين, جرى تطور في الرأي بشأن مدى نجاعة الاستراتيجية التي وضعها رئيس الحكومة ارئيل شارون, الذي يرقد في غيبوبة تامة منذ شهر كانون الثاني. فقبل عام من الان, سحب شارون اخر دفعة من الجنود الاسرائيليين من قطاع غزة, بعد 38 عاما من الاحتلال, منفذاً بذلك خطة الانفصال عن غزة, الرامية الى انتشال اسرائيل من واحدة من الزوايا الشائكة في الصراع, من دون الانخراط في المزيد من المباحثات مع الفلسطينيين. \r\n \r\n ومع هذا, فان العديد من الاسرائيليين بدأوا يشككون في فكرة الاحادية ذاتها كحل ملائم. وسواء كانت حكيمة ام لا مناورة سحب الجنود وحوالي 8000 مستوطن يهودي من غزة, في ظرف اسبوع, من دون تفاوض مع النظراء الفلسطينيين, فقد اصبحت قضية تتسم بصلة متزايدة بالموضوع. \r\n \r\n لقد بنى حزب »كديما« الاسرائيلي الجديد رؤيته وهو في السلطة منذ نصف عام فقط تقريباً, على تراث شارون, بانتهاج اسلوب الاحادية لتوطيد أمن اسرائيل وقابليتها للحياة, وجاءت حرب اسرائيل الاخيرة مع حزب الله لتقلص شعبية الخطوات والاجراءات الاحادية الجانب, اخذين بالاعتبار ان اسرائيل مررت الانسحاب من جنوب لبنان, في ايار ,2000 بعيداً تماما عن اية مباحثات اقليمية, ومن دون خطة سلام شاملة. \r\n \r\n ويوضح هذا الامر ريوفين هازان, احد خبراء السياسة الاسرائيلية في الجامعة العبرية في القدس, بالقول »لدى قراءة برنامج حزب كديما, يتبين ان عقلية الانفصال الاحادية تقوم على ان لاسرائيل الحق المشروع في تسوية الوضع في الضفة الغربيةوغزة, لكن هذا ليس صحيحا من الناحية الديمغرافية, ونحن لا نريد ان نحكم شعباً آخر«. مضيفاً بأن »ذاك الاسلوب الاحادي لقي صفعة قوية, لان حماس سيطرت على غزة, وراحت تقصف التجمعات الاسرائيلية بالصواريخ, ولاننا خرجنا من لبنان بالطريقة نفسها قبل ست سنوات. وهكذا لدينا الان سجل من عمليات الانفصال الاحادية التي انتهت الى فشل ذريع«. \r\n \r\n بدت خطوتا اسرائيل الاحاديتان-الانسحاب من غزة العام الماضي, ومن لبنان عام 2000-معقولتين في حينهما, كما يلاحظ هازان. غير ان الكثير من الاسرائيليين كانوا حريصين, في عام ,2000 على الخروج من شرك الموت المتربص بجنودهم, في مكان تقول اسرائيل ان ليس لديها مطامع اقليمية. وفي غزة, استند قرار الانسحاب بالاساس الى الجانب الديمغرافي. وقد بينت الدراسات ان عدد السكان العرب سيفوق عدد اليهود قريباً في المناطق الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية, لدى توحيد سكان اسرائيل مع سكان المناطق المحتلة. \r\n \r\n ويمضي هازان ويقول: »كان الانفصال عن غزة سبيلاً للتخلص من 1.4 مليون فلسطيني تحت السيطرة الاسرائيلية لكن ذلك لا يعني اننا نستطيع بذلك الانكفاء, وعدم التعامل مع الضفة الغربية. ان سابقة خروج اسرائيل من منطقة ما متى ارادت وكيفما تشاء, فكرة ولّى زمانها«. \r\n