\r\n ولن تساهم هذه الخطوة في عودة الأمور إلى نصابها الصحيح، ولكنها تعتبر إنتكاسة لتحالف \"الحرب العالمية\" على الإرهاب لأن بلير كان من القادة السياسيين القلائل في بريطانيا الذين يتفهمون خطر التهديدات الإرهابية. \r\n ومند الإطاحة برئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل من منصبه بعد الانسحاب الألماني في عام 1945، لم يظهر البريطانيون مثل هذا العقوق لزعمائهم، وهو أمر يدعو للسخرية والضحك. \r\n وكان تشرشل قد رفض مطالب التهدئة الي اجتاحت لندن قبل الحرب العالمية الثانية عندما استسلمت فرنسا عام 1940. وعندما نصحه المستشارون المقربون منه بالتفاوض مع هتلر، رفض تشرشل هذا الاقتراح وصمم علي موقفه. وبعد ذلك، قاد تشرشل دولته التي كانت تعاني من اليأس والإحباط بحكمة خلال فترة الهجمات النازية الصعبة. وقبل انسحاب اليابان وتراجعها عن الحرب، أسقط الناخبون البريطانيون زعيمهم في الانتخابات التشريعية. \r\n والآن يعاني بلير، في خضم الحرب العالمية على الارهاب من موقف مشابه. وقد أظهر بلير شجاعة نادرة في مكافحة الجماعات المتشددة والمتطرفة داخل بريطانيا وفي شتى أنحاء العالم. ويتميز رئيس الوزراء البريطاني بأنه متحدث لبق ومنظر للعلاقة الخاصة بين إنكلترا ومستعمراتها السابقة مقارنة بشريكه في واشنطن الذي يفتقر للكياسة واللباقة. \r\n وقد تحولت عملية تقديم رسالة عن أهداف الحرب العالمية على الإرهاب إلى موضوع سهل جداً في الوقت الحالي الذي يشهد طفرة واسعة في وسائل الإعلام. ويمكن القول بأن بوش خطيب بارع في عدد كبير من أحاديثه التي تناولت الحرب على الارهاب، فهو يتمتع بالصراحة والقوة ولكنه يفتقر للفصاحة ولا يمثل أي متعة للعين أو للأذن. وعلى الجانب الآخر، يتمتع بلير بحاسة شعرية عملية في كل أحاديثه المكتوبة والمباشرة؛ حيث يتمتع بقدرة عالية جداً على وصف الخيارات بدقة متناهية فيما يتعلق بأهمية مواجهة الجماعات الإرهابية وهزيمتها وهو ما يجعل احاديثه في هذه القضية تتمتع بالقوة والإحكام والاقناع. \r\n وكان بلير قد إضطلع بالسلطة في عام 1997 على غرار الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. ومثلما فعل كلينتون مع الديمقراطيين، دفع بلير حزب العمال البريطاني الذي يترأسه إلى الوسط، وأصبح القائدان الواعدان صديقان حميمان بشكل سريع. \r\n وعندما أصبح جورج بوش رئيساً للولايات المتحدة، بدا بلير وكأنه فقد صديقاً حميماً. ولكن المفاجأة حدثت عندما توثقت علاقة بلير بشكل كبير جداً مع الرئيس بوش. \r\n وبعد حلول الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، اتضحت مجالات العلاقة بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وتعتبر بريطانيا العظمى الشريك الأكبر والأقوى للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، ودفع جهودها لتحقيق الديقمراطية والإستقرار في العراق. وقد تكبدت لندن نتيجة لذلك العديد من الهجمات المميتة التي دعمت العلاقة بين واشنطنولندن. ولكن حرب العراق أضرت بشعبية بلير كما أضرت بشعبية بوش. وتعرض بلير لهجمات عديدة بسبب دعمه غير المحدود لبوش وهو الأمر الذي أدي إلى فقده لمنصبه في الوقت الحالي. \r\n وكان تشرشل قد امتلك مكانة اسطورية، ولكن يصعب القول بان إمكانيات تشرشيل تتفوق على ملكات بلير في التفكير الواضح والموهبة الخطابية. وكان بلير قد حذر، على سبيل المثال، في تصريح أدلى به خلال شهر مارس عام 2004 بأن \"الجماعات الدينية المتشددة تمثل تهديداً للأمن العالمي مثل التهديد الذي تمثله العولمة للإقتصاد العالمي\"، وأن \"سياسة الإحتواء القديمة التي استخدمت ضد الإتحاد السوفيتي لن تعمل في وجه التهديد العالمي الذي يواجههنا لأن الإرهابيين ليس لديهم أي نية لكي يتم استيعابهم. \r\n وكما كتبت من قبل: أعتقد أن بلير يعرف تماماً كيف يعبر عن أفكاره. وبسبب هذه الميزة والبصيرة وحدها، يستحق بلير منا كل التقدير والعرفان. \r\n \r\n مايكل غودوين \r\n كاتب أميركي حصل على جائزة بوليتزر في فن الكتابة الصحفية \r\n خدمة إم سي تي خاص ب(الوطن)