\r\n بعد ذلك التاريخ بثلاث سنوات، وفي أعقاب حرب مثلت واحدة من التداعيات غير المتوقعة لاستراتيجية شارون، يلوح فراغ مشابه أمام خليفته في الحكم، ويبدو الأمر وكأنه لا يوجد طريق واضح نحو تحقيق السلام الإسرائيلي- الفلسطيني. فالانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية الذي دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي \"إيهود أولمرت\" في وقت مبكر من هذا العام يكاد أمره يكون -على الأقل الآن- قد انتهى. هذا مع أن التوصل إلى تسوية حالياً يبدو أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، كما يبدو أن هناك الكثير من الناس الذين توجد لديهم أفكار جاهزة مثل جاك شيراك، وكوفي عنان، والجامعة العربية. \r\n \r\n معظم هذه الأفكار غير واضحة بالقدر الكافي، وهي في غالبيتها اقتراحات تتسم بالمبالغة تدعو إلى مؤتمر دولي، أو تطلب من إسرائيل القبول ب\"عودة\" ملايين الفلسطينيين إلى أراضيهم كشرط للاعتراف بدولة لن تصبح إذا ما سمحت بذلك دولة حسب آراء الكثير من الإسرائيليين المتشددين. \r\n \r\n وحكومة أولمرت وإدارة بوش تعرفان أن اللحظة الحالية هي اللحظة المناسبة لوضع خطة جديدة، تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة على طاولة المفاوضات. ولكن المشكلة في هذا الصدد، وكما تبين بوضوح من خلال الزيارة التي قامت بها إلى واشنطن الأسبوع الماضي وزيرة الخارجية الإسرائيلية \"تسيبي ليفني\" أنهما –الوزارة والإدارة- ليست لديهما مثل هذه الخطة. فقد أمضت \"ليفني\" ساعات في مناقشات مع بوش ونائبه ديك تشيني، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وغيرهم من كبار المسؤولين في الإدارة، بهدف تنسيق المواقف قبل الهجوم المتوقع للدبلوماسية في الأممالمتحدة. وخلاصة المسألة، كما قال أحد المسؤولين الأميركيين هو أنه: \"لن تكون هناك مبادرة دبلوماسية كبرى\". \r\n \r\n ما سبب هذا الشلل؟ هناك عدة أسباب جوهرية منها تلك الحقيقة البسيطة المتعلقة بأن نهاية الأحادية الإسرائيلية تعني أنه ستكون هناك حاجة لشريك عربي، في حين أن السلطة الفلسطينية –حسب رأي الإسرائيليين- ليست على استعداد للدخول في عملية سلام جادة. فمنذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة منذ عام تقريباً لم يتمكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ولا منافسته منظمة \"حماس\" من بسط سيطرتهما على الأراضي الفلسطينية التي تزداد فيها الفوضى تفاقماً. \r\n \r\n وهناك مشكلات سياسية كبيرة سواء هنا في الولاياتالمتحدة أو في إسرائيل. فبوش الذي يتناقص رأس ماله الرئاسي بسرعة، يركز في الوقت الراهن على إيجاد حلول للوضع في العراق، وهو يدرك أن محاولته حل صراع الشرق الأوسط الأكثر استعصاء -بالإضافة إلى ذلك- سيكون أمراً مبالغاً فيه. \r\n \r\n أما حكومة أولمرت، فهي لا تزال تترنح من جراء تداعيات الحرب في لبنان، كما تجد نفسها محاصرة من كل حدب وصوب من قبل المنتقدين الذين يقولون إنها فشلت في تحقيق الوعود التي كانت قد قدمتها بشل فعالية \"حزب الله\"، وأنها ضحت بعشرات من الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم في تلك الحرب، وأن كل تركيز رئيسها خلال الشهور القليلة القادمة -على الأقل- سينصب على محاولة الاستمرار في البقاء في منصبه. \r\n \r\n وفي الأسبوع الماضي أقدم الفلسطينيون على خطوة غير متوقعة، عندما أعلن الرئيس محمود عباس أنه قد توصل إلى صفقة مع حركة \"حماس\" وغيرها من الفصائل لتشكيل \"حكومة وحدة وطنية\" سيناقش تفاصيلها مع الرئيس بوش عند لقائه به على هامش اجتماعات الأممالمتحدة هذا الأسبوع. كما أقدم قادة \"حماس\" في نفس الوقت على خطة أكثر جرأة تتضمن حل السلطة الفلسطينية، وهو ما سيجبر الإسرائيليين على الاستمرار في احتلالهم، من وجهة نظر بعض المراقبين. \r\n \r\n والقيادة الفلسطينية تعرف أن اتفاق الوحدة هذا لن يؤثر على بوش ولا على أولمرت، لأنه لن يلزم \"حماس\" أو الحكومة الجديدة بالاعتراف الرسمي بإسرائيل أو فرض الامتناع غير المشروط عن العنف. ولكن ذلك الاتفاق لو مضى قدماً فإنه سيشكل مبادرة جديدة، كما أنه يمكن أن يكسر الحظر الدولي المفروض حالياً على السلطة الفلسطينية، من خلال إقناع الحكومات الأوروبية بتجديد المعونات التي توفر نصف دخل تلك السلطة. وفي هذه الحالة، فإن كل ما ستقوم به إسرائيل والحكومات الغربية، سيقتصر على الجدل مع بعضها بعضاً بدلاً من الضغط على الحكومة الفلسطينية. \r\n \r\n والاستراتيجية الأميركية– الإسرائيلية لمواجهة هذه المناورة يمكن أن تتمثل في سلسلة من الخطوات التكتيكية الصغيرة كقيام أولمرت مثلاً بمجرد العمل على إطلاق سراح السجين الإسرائيلي الذي لا يزال أسيراً في غزة بمقابلة عباس والإفراج عن عدة مئات أو عدة آلاف من السجناء الفلسطينيين. علاوة على ذلك، ستخفف إسرائيل قبضتها الخانقة على الحركة من وإلى غزة. وإذا ما مضت الأمور بشكل جيد بعد ذلك، فإن أولمرت قد يناقش مسألة تحويل المسؤولية الأمنية في العديد من مدن الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى قوات الأمن التي يسيطر عليها عباس. \r\n \r\n كل تلك الخطوات ستكون خطوات نافعة إلى الأمام ولكنها لن تؤدي، مع ذلك، إلى ملء الفراغ. \r\n جاكسون ديل \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n