\r\n وخلال الزيارة التي قام بها لأميركا وزير الداخلية الفرنسي البالغ من العمر 51 عاماً، وأبرز المرشحين لتولي منصب رئيس فرنسا، قام بتقليد وسام الشرف لرئيس شرطة نيويورك، وتكريم رجال الإطفاء في مانهاتن على دورهم في الحادي عشر من سبتمبر، ووقع مئات من النسخ لكتابه الجديد عن مستقبل فرنسا، وأخبر زعماء اليهود عن حبه لإسرائيل، ورجال الأعمال عن حبه للمبادرات الحرة، ولمحبي فرنسا عن مدى حبه لأميركا، بل واعترف بأنه يحب قراءه روايات أرنست هيمنجواي، ومشاهدة حلقات المسلسل الأميركي المعروف Miami vice\"شرطة آداب ميامي\". \r\n \r\n وحظي ساركوزي أيضاً باستقبال خاص من بوش في البيت الأبيض وهو حدث استثنائي بالنسبة لوزير، كما قابل كبار أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب في الكونجرس في \"كابيتول هيل\". \r\n \r\n ويعتقد ساركوزي أن مغازلته لأميركا، وإعلان ميله لبعض السياسات التي تتبعها، قد تضمن له كسب أصوات اليمين الفرنسي، وهو ما دفعه لمحاولة استغلال زيارته إلى هناك لصقل صورته كرجل دولة، وللنأي بنفسه عما يعتبره سياسة خرقاء من قبل الحكومة الفرنسية سواء في العراق أو في لبنان. \r\n \r\n وساركوزي من نواحٍ عديدة هو أقل سياسيي بلاده \"فرنسية\" فهو يؤمن بالعمل الشاق، ويتمتع بطموح شديد، وواقعي يؤمن بالحلم الأميركي. فعلى الرغم من مبادئ الجمهورية الفرنسية التي تتجاهل الاختلافات العرقية والدينية إلا أن ساركوزي لا ينفك يذكر أنه أباه كان مجرياً، وأن اسمه يبدو غير فرنسي وأن أحد أجداده كان يهودياً. \r\n \r\n لذلك فإن الاسم الذي تطلقه عليه الصحف وهو\" ساركو الأميركي\" ليس سبة في نظره ولكنه وسام شرف على صدره، كما يقول. وأنحى ساركوزي باللائمة على الصحفيين الأميركيين والفرنسيين على حد سواء الذين ينشرون تقارير أبعد ما تكون عن الحقيقة عن النظرة الحقيقية للشعب الفرنسي تجاه أميركا وهي نظرة يختلط فيها الإعجاب بالحسد. \r\n \r\n وعلى الرغم من أن ساركوزي يعارض الحرب في العراق إلا أنه انتقد شيراك على الأسلوب الذي تعامل به مع الولاياتالمتحدة قبل الحرب عندما هددها باستخدام \"الفيتو\" في مجلس الأمن الدولي، وهو ما أغضب الولاياتالمتحدة وكان سبباً في سوء التفاهم الذي ساد بينها وبين بلاده لفترة طويلة فيما بعد. وساركوزي يخوض الانتخابات كرجل حزبي وكرجل غير حزبي في نفس الوقت. فعلى الرغم من أنه رئيس حزب \"اتحاد الحركة الشعبية\" الحاكم الذي ينتمي إليه شيراك إلا أنه يدعو إلى \"القطيعة\" مع بعض السياسات الحالية للحزب خصوصاً تلك التي تعوق عملية خلق الوظائف وتؤثر على الإنتاجية. \r\n \r\n وهو في نفس الوقت لم يتخرج من \"المدرسة الوطنية للإدارة\" التي يتخرج منها عادة أفراد النخبة السياسية الفرنسية مما جعله يقول أكثر من مرة إنه لم يتم إعداده مثل غيره لتولي دور كبير في المجتمع وإنه يجب أن يثبت جدارته بهذا الدور بنفسه ودون عون من أحد. وبصفته رجلا جاء من خارج النخبة السياسية الفرنسية فإنه لم يهتم كثيرا بأن يؤدي ظهوره في الصور مع بوش، الذي وصلت شعبيته في فرنسا هذه الأيام إلى أدنى درجاتها، إلى الإضرار به سياسياً. \r\n \r\n وبوش هو الأخير في سلسلة من الزعماء الذين قابلهم ساركوزي الذي يحاول أن يلعب دور وزير خارجية غير متفرغ، وهو ما يتبين من قائمة الموضوعات التي ناقشها في أميركا مثل الإبادة الجماعية في دارفور والأزمة النووية مع إيران. وبالإضافة إلى لقائه مع بوش فإن وزير الداخلية التقى مع السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان حيث ناقش موضوع حفظ السلام في لبنان، كما التقى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، ومايكل تشيرتوف وزير الأمن الداخلي. \r\n \r\n وفي لقائه مع زعماء اليهود في أميركا وفي محاولة لكسب ودِّهم تساءل ساركوزي عن السبب الذي يدعو أميركا إلى الدفاع عن حق تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي (وهذا ما يعارضه هو بقوة) على الرغم من علمها أن ذلك قد يؤثر على شخصية أوروبا في الوقت الذي تعجز فيه فرنسا وغيرها من الدول عن التعامل مع العدد الكبير من السكان المسلمين الذين يعيشون على أرضها. \r\n \r\n ويتعرض ساركوزي إلى هجوم عنيف من خصومه في فرنسا الذين يتهمونه بأنه استغل زيارته إلى الولاياتالمتحدة، والتي يفترض أنها كانت بمناسبة الذكرى الخامسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، لتحقيق أغراض سياسية حزبية مع دفع نفقاتها على حساب دافع الضرائب الفرنسي، ووصفوا ذلك بأنه عمل غير شرعي. بيد أن ساركوزي دافع عن تصرفاته وقال في تصريح له أمام الصحفيين الاثنين الماضي إنه من المهم جداً لأي سياسي فرنسي \"أن يفهم المشكلات العالمية\"، وأنه لذلك سيستمر في السفر كي يفهم وكي يتعلم \"بحيث يمكن حماية الأمن القومي الفرنسي بأفضل طريقة ممكنة\". \r\n \r\n إيلين سكيولينو \r\n \r\n مراسلة \"نيويورك تايمز\" في واشنطن \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n