\r\n كل عناصر المذبحة إذن كانت حاضرة ومتوفرة، وهو ما حدث أمام أنظار العالم بالفعل؛ حيث قُتل نحو ثمانية آلاف مسلم بشكل ممنهج في سريبرينيتشا وحدها. وها هو التاريخ يحاكم بشدة اليوم صناع القرار الذين تخلفوا عن اتباع الإشارات التي حذرت من حدوث جريمة قتل كبيرة. \r\n \r\n باعتبارنا ممن أيدوا عملاً عسكرياً في البوسنة، فلن ننسى أبداً تلك الأيام الفظيعة. ونتذكر أنه حينما قررت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها التحرك أخيراً، أنقذ التدخل العسكري ما لا يحصى ولا يعد من الأرواح. وكنا قد تعهدنا جميعنا من جديد بأنه في حال حدوث وضع مماثل مرة أخرى، فإننا سنتصرف على نحو مختلف. \r\n \r\n واليوم تواجه منطقة دارفور السودانية وضعاً صعباً خاصاً بها. ذلك أن حجم ضحايا الأزمة حتى الآن يبعث على الصدمة، حيث قُتل وفق بعض التقديرات أكثر من 200000 مدني، في وقت اضطر فيه نحو 2.5 مليون شخص للجوء إلى مخيمات مُزرية. وهذه الكارثة، هي نتيجة عملية قتل موجهة تقف وراءها أطراف في مقدمتها مليشيات الجنجويد. \r\n \r\n وأمام المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقه، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يقضي باستبدال قوة تابعة للاتحاد الإفريقي، أثبتت شجاعتها ولكنها تفتقر إلى الإمكانيات والوسائل اللازمة، بقوة أكبر عدداً وعدة تابعة للأمم المتحدة من أجل حماية المدنيين. غير أن الحكومة السودانية لم تكتف برفض القرار فحسب، وإنما طالبت أيضاً بانسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من البلاد، مع ما يعنيه ذلك من تعريض لحياة المدنيين للخطر. وفي غضون ذلك، شنت القوات هجوماً كبيراً في دارفور بغية القضاء على مقاتلي الجماعات المتمردة هناك، وهو ما أجبر عشرات الآلاف من المدنيين للجوء إلى المخيمات. \r\n \r\n وكما في حالة سريبرينيتشا عام 1995، فإن آفاق حدوث عملية قتل جماعية إضافية في دارفور باتت اليوم واضحة وجلية للجميع. فقد تم إصدار جميع إشارات التحذير، ومن بينها واحدة صدرت عن الأممالمتحدة تُحذر من أن الأسابيع المقبلة قد تشهد \"كارثة من حجم غير مسبوق من صنع الإنسان\". غير أن ما لا يبدو واضحاً وجلياً هو ما إن كان العالم يرغب في الحصول على نتيجة في حالة السودان مختلفة عن المأساة التي كانت البوسنة مسرحاً لها. والواقع أنه علينا أن نعلم أننا سنتدخل إن عاجلاً أم آجلاً لمساعدة الضحايا في دارفور ومراقبة احترام تسوية نهائية. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هو ما إن كانت الولاياتالمتحدة ودول أخرى ستتحرك الآن لتلافي حدوث مأساة، أم ستكتفي بالتعبير عن الحزن والأسف، والتعامل مع تبعاتها لاحقاً. \r\n \r\n وعليه، فلابد من التحرك في الساعات والأيام المقبلة: \r\n \r\n - أولاً، على الولاياتالمتحدة أن ترفض فوراً مطالبة الخرطوم بانسحاب قوة الاتحاد الإفريقي؛ والتشديد على ضرورة بقائها هناك، بدعم دولي واسع، إلى حين إرسال قوة أممية قوية تحل محلها انسجاماً مع قرار مجلس الأمن رقم 1706. \r\n \r\n - ثانياً، على الولاياتالمتحدة أن تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات مالية، والسعي إلى فرض عقوبات مماثلة فورية من قبل مجلس الأمن. \r\n \r\n - ثالثاً، على \"الناتو\" أن يقيم فوراً منطقة حظر للطيران فوق دارفور ويفرض احترامها ضماناً للتوقف عن شن غارات جوية على المنطقة، كما طالب بذلك مجلس الأمن الدولي. \r\n \r\n - رابعاً، على الولاياتالمتحدة أن تكثف جهودها من أجل إقناع أعضاء الأممالمتحدة بالمشاركة بالجنود والمال في القوة الأممية في دارفور، كما عليها أن تطور مخططات دعم لوجيستي أميركي. كما يتعين على الإدارة الأميركية أيضاً أن تدفع الأممالمتحدة إلى وضع مخططات مُحكمة لدخول قوة أممية إلى دارفور، ومخطط بديل لدخول هذه القوة في غياب موافقة سودانية. \r\n \r\n - خامساً، ينبغي تسخير وسائل وأجهزة الاستخبارات التابعة للولايات المتحدة وحلفائها، مثل تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، لتسجيل وتوثيق أية فظاعات تُرتكب في دارفور من أجل استعمالها لاحقاً في متابعات جنائية. كما علينا أن نُذكّر الخرطوم علناً بأنه من صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية محاكمة الضالعين في جرائم الحرب في دارفور، وأن متخذي القرار سيتحملون المسؤولية شخصياً عن الهجمات التي تستهدف المدنيين. \r\n \r\n - وأخيراً، على الولاياتالمتحدة أن تزيد ضغوطها على الدول الصديقة للخرطوم –وخصوصاً حلفاءنا في الجامعة العربية- من أجل حملهم على التخلي عن دعمهم لموقف السودان الرافض لقبول قوة تابعة للأمم المتحدة. \r\n \r\n والواقع أن بعض هذه الخطوات سيكون اتباعها صعباً وشاقاً، غير أن الظروف المفروضة على سكان دارفور لا تقل صعوبة ولا مأساوية. وكذلك ستكون باهظة عواقب عدم التحرك والمتمثلة في كارثة إنسانية سيتعين على العالم في جميع الأحوال معالجتها؛ وعدد ضخم من اللاجئين الذين يعوِّلون على الدعم الدولي؛ ونزاع يمتد إلى البلدان المجاورة، مع تقلص آفاق التوصل إلى تسوية؛ وقلق دائم في ضمائرنا. \r\n \r\n لقد شعر الأشخاص من أصحاب الضمائر الحية عبر العالم بالصدمة والعار نظراً لفشلنا في وقف جرائم الإبادة في البوسنة ورواندا. ولذلك، علينا ألا نكرر هذه الأخطاء. القد حانت اليوم لحظة الحقيقة في دارفور. \r\n \r\n جون ماكين \r\n \r\n سيناتور أميركي من ولاية أريزونا \r\n \r\n بوب دول \r\n \r\n سيناتور سابق من ولاية كانساس ومرشح الجمهوريين لانتخابات 1996 الرئاسية \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n