\r\n منذ الحادي عشر من سبتمبر تدعم إدارة بوش نظام مشرف بتقديم مساعدات اقتصادية سنوية قيمتها 3,6 مليار دولار من \"كونسورتيوم\" تحت رعايتها، ناهيك عن 990 مليون دولار أخرى قيمة مساعدات عسكرية، فضلاً على تأجيل دفع الديون المتأخرة المستحقة على بلاده والتي تبلغ قيمتها 13,5 مليار دولار. \r\n \r\n والإدارة الأميركية تناقش في الوقت الراهن ما إذا كان الجنرال مشرف قد أصبح معتمداً أكثر من اللازم على الأحزاب السياسية الإسلامية المتطرفة في باكستان بدرجة أصبحت لا تمكنه من دعم المصالح الأميركية؟ وما إذا كان يجب الضغط عليه الآن للسماح بعودة اثنين من رؤساء الوزراء السابقين وهما بنازير بوتو ونواز شريف اللذين قاما بتكوين تحالف انتخابي لتحدي الجنرال في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام القادم. \r\n \r\n وأعلى مساندي برويز مشرف في الإدارة الأميركية صوتاً هو \"ريتشارد آرميتاج\" نائب وزير الخارجية الأميركي السابق الذي يحث على مواصلة تقديم الدعم للجنرال مشرف \"بصرف النظر عن مدى الإحباط الذي تشعر به أميركا بشأن سرعة التغيير السياسي في باكستان وبشأن فشله في إبعاد مقاتلي \"طالبان\" من منطقة الحدود الباكستانية- الأفغانية. وأرميتاج يرى أن مشرف أفضل ممن سيأتي بعده وأنه رجل معتدل بذل قصارى جهده لصد قوى التطرف الإسلامي الراسخة الجذور في باكستان. \r\n \r\n ولكن هذه الحجة لا تصمد أمام الأدلة المتزايدة على أن الجنرال بصفته حليفاً كان براجماتياً منذ البداية، وأنه استمر في مساعدة طالبان (كما كان يفعل قبل الحادي عشر من سبتمبر)، وأنه لاحق خلايا \"القاعدة\" في باكستان فقط للحد الذي كان يكفل له مواجهة الضغوط الأميركية والبريطانية في هذا الشأن. \r\n \r\n وكان الجنرال برويز مشرف قد قام في التاسع عشر من سبتمبر 2001 بإلقاء كلمة متلفزة باللغة الأردية لم يلاحظها معظم الأميركيين في ذلك الوقت. في تلك الكلمة طمأن مشرف الباكستانيين المتعاطفين مع \"القاعدة\" و\"طالبان\" بأن قراره بالوقوف إلى جانب الولاياتالمتحدة هو قرار مؤقت دفعت إليه الضرورات العملية. \r\n \r\n أما بالنسبة للمتعاطفين مع \"طالبان\" فقد وجه مشرف رسالة صريحة بقوله:\" لقد فعلنا كل شيء من أجل \"طالبان\" في وقت كان العالم كله يقف ضدها... ونحن نحاول بقدر الطاقة الخروج من هذا الموقف الحرج، دون أي ضرر لأفغانستان وطالبان\" ومن الواضح أنه قد التزم بالعهد الذي قطعه ل\"طالبان\". \r\n \r\n فقوات \"طالبان\" لازالت تتمتع بقدرة غير مقيدة على الدخول للمدن الحدودية الباكستانية واستخدامها كملاذات، أو كنقاط انطلاق للعمليات. أما قوات الحدود الباكستانية فهي تدير وجهها للجهة الأخرى عندما تقوم قوات \"طالبان\" بعبور الحدود عند \"بورموي\". \r\n \r\n وبسبب معاناة قوات الولاياتالمتحدة وقوات \"الناتو\" من خسائر ثقيلة متزايدة بسبب هجمات \"طالبان\" هذا الصيف، فإن قادة تلك القوات أصبحوا يشيرون صراحة لدور باكستان في ذلك. فعلى سبيل المثال اتهم العقيد \"كريس فيرنون\" رئيس أركان القوات البريطانية في جنوبأفغانستانباكستان بأن مدينة \"تشامان\" الحدودية قد تحولت إلى \"مركز قيادة رئيسي\" لشبكة واسعة من العصابات في جنوب شرقي أفغانستان. \r\n \r\n وموقف مشرف الحالي من\" طالبان\" يرجع إلى أنه ينظر إلى التنظيم على أنه عنصر موال لباكستان يمكن استخدامه كعنصر توازن في مواجهة النفوذ الهندي في أفغانستان. ومن أجل إرضاء واشنطن ولندن أمر مشرف بشن هجمات على معسكرين صغيرين لفلول \"طالبان\" في يوليو الماضي، كما أنه يقوم من حين لآخر بتطويق والقبض على بعض كبار عناصر \"القاعدة\"، ولكن هذا لا يحدث في معظم الحالات إلا عندما يقوم ال \"إف.بي آي\" وال\"سي آي إيه\" بتسليم الشرطة الباكستانية المحادثات التليفونية المعترضة التي تحدد بدقة مكان اختباء مثل هذه العناصر. \r\n \r\n وحتى لو أراد مشرف إزالة \"طالبان\" و\"القاعدة\" من باكستان، فإن قدرته على القيام بذلك محدودة نظراً للحلف السياسي الذي دخل فيه مع مجموعة مكونة من خمسة أحزاب إسلامية عام 2004 لتأمين أكبر قدر من أصوات الناخبين في مقاطعتين من المقاطعات الحدودية الرئيسية أثناء الانتخابات التي جرت في ذلك العام . \r\n \r\n ومن المعروف أن الأحزاب الإسلامية تزدهر الآن في البلاد تحت المظلة الواقية للقوات المسلحة الباكستانية. ونمو هذه الأحزاب لن يتوقف إلا إذا ما تمت إتاحة الفرصة لقوى علمانية لإثبات تواجدها من خلال انتخابات حرة ونظام برلماني متحرر من تلاعب وتدخل الجيش في العملية السياسية، وخصوصا بعد أن تفاقم نفوذ ذلك الجيش في عهد مشرف أكثر من أي فترة ماضية في تاريخ باكستان. \r\n \r\n يجب على الولاياتالمتحدة أن تعتمد على ورقة المساعدات لتحقيق ثلاثة أهداف: السماح لبنازير بوتو ونواز شريف بالعودة وممارسة النشاط الحزبي بحرية. تخلي مشرف عن منصبه كرئيس أركان وقيامه بخوض الانتخابات كمدني إذا ما أراد الترشيح. تحويل السلطة إلى حكومة مؤقتة محايدة تقوم بإجراء الانتخابات. وسيكون ذلك أمراً مرحباً به في باكستان حتى من قبل بعض العناصر داخل المؤسسة العسكرية. ففي رسالة وقع عليها مجموعة من الجنرالات المتقاعدين في شهر يوليو الماضي دعا هؤلاء الجنرالات إلى ضرورة \"فض الاشتباك بين المؤسسة العسكرية وبين السلطة السياسية والعودة إلى الديمقراطية ومنح فرصة متساوية لجميع الأحزاب بلا استثناء\". \r\n \r\n سيليج هاريسون \r\n \r\n مدير برنامج \"آسيا في مركز السياسة الدولية والباحث الأول في مركز \"وودرو ويلسون\" الدولي. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n