\r\n ولعل المهمة الأكثر وضوحاً ضمن هذه التوسعة الجديدة لدور \"الناتو\"، ما يضطلع به حالياً في أفغانستان، علماً بأنها المهمة الأولى للحلف على الإطلاق، خارج النطاق الأوروبي. وهناك أحالت الولاياتالمتحدة الأميركية قدراً كبيراً من عملياتها الداعمة لحكومة حامد قرضاي إلى قيادة \"الناتو\". \r\n \r\n وتشير حقيقة تحول الحلف خلال أقل من عقد واحد من مرحلة الشكوك التي أحاطت بأهدافه ومراميه، إلى مؤسسة تطالب بأداء دورها في أشد نزاعات العالم وأكثرها صعوبة -من نزاع إقليم دارفور السوداني، وصولاً إلى الحرب الشرق أوسطية الأخيرة في لبنان- تشير هذه الحقيقة إلى أن تحول الحلف قد أصبح واقعاً ملموساً وليس مجرد حلم أو تطلع. وعلى حد قول \"جيمس أباثوري\" -الناطق الرسمي باسم \"الناتو\"- فإن السؤال لم يعد البتة يتخذ صيغة: ما هو دور الحلف؟ مثلما كان عليه في الماضي، وإنما: ما هي الطريقة المثلى التي يمكن بها توظيفه؟ ويا له من تحول كبير. \r\n \r\n بيد أن من رأي مسؤولي الحلف أن خطوة التحول من الدور الأوروبي إلى الدور العالمي هذه لم تكتمل بعد، ولاتزال هناك جملة من التحديات بانتظار الحلف، علماً بأنها تحديات تمتد من قدرة \"الناتو\" على التدخل الطارئ السريع، وصولاً إلى كفاءة الأعضاء ووفائهم بالتزاماتهم المالية إزاءه. وهناك من المراقبين من يبدي قلقاً حيال تزايد المطالب والمهام على الحلف، مما يعيق عملية تحوله، خاصة وأن تلك المطالب تفوق القدرات والإمكانات الفعلية للحلف. من ذلك مثلاً أن المهمة التي يؤديها الحلف حالياً في أفغانستان -وتتضمن قيادة \"الناتو\" لنحو 16 ألف جندي الآن، على أن يرتفع العدد ليصل إلى 25 ألف جندي بنهاية العام الحالي- تثير مخاوف قادة بعض الدول المشاركة في هذه المهمة، لاسيما إثر تصاعد الهجمات على قوات الحلف، وتمترس العدو في حصونه وكهوفه المنيعة. \r\n \r\n غير أن المسؤولين والقادة الميدانيين هنا يقولون إن تصاعد هذه الهجمات المضادة أمر متوقع، مع توغل قوات الحلف إلى مناطق تبعد شيئاً فشيئاً عن العاصمة كابول. ويذكّر المسؤولون بأنه لا فلول \"طالبان\" ولا مروجو وتجار المخدرات، يبدون سعادة بوجود هذه القوات الدولية في أراضيهم، خاصة وأن هذا الوجود يتعارض بالدرجة الأولى مع أهدافهم ومصالحهم. \r\n \r\n إلى ذلك تقر \"فكتوريا نولاند\" -سفيرة الولاياتالمتحدة الأميركية لدى \"الناتو\"- بسخونة الصيف الحالي، وتوقع تصاعد الهجمات وأعمال العنف المضادة للحلف فيه، إلا أنها تؤكد في نفس الوقت أهميته الحاسمة لتحقيق الاستقرار في أفغانستان. بل تؤكد السفيرة أن المهام التي يضطلع بها الحلف في أفغانستان، بل وحتى في العراق -حيث يدير \"الناتو\" مركزاً لتدريب قوات الأمن العراقية- إنما تسهم جميعها في تهيئة الحلف وتأهيله لأداء دوره على أحسن ما يكون في القرن الحادي والعشرين، وفقاً لرؤية تحول الحلف وانتقاله من دوره الأوروبي المحدود، إلى مجابهة المهام والتحديات العالمية الجديدة. \r\n \r\n واستطردت السفيرة \"نولاند\" إلى القول إن الحلف قد قطع شوطاً بعيداً في هذا الطريق، منذ تدخله في نزاعات البلقان في أواسط عقد التسعينيات، وإنه مَرّ بعدة مراحل من الإصلاحات الداخلية، بما فيها تلك المتعلقة بعملياته العسكرية. وهنا ذكرت \"نولاند\" أن الإصلاحات الهيكلية الداخلية التي تحققت في مؤسسات الحلف، قد جعلت منه منظمة أكثر كفاءة ومرونة، بيد أن الطريق لايزال طويلاً من أجل التحقيق الكامل لهذا الهدف. \r\n \r\n من ذلك مثلاً أنه وخلال حملة القصف الجوي التي استهدفت صربيا -مع العلم بأنها الحملة التي صممت خصيصاً لوضع حد لعمليات التطهير العرقي الصربية- كان على القيادة العليا للحلف أن توافق على كل هدف من الأهداف قبل تنفيذ أية عملية ضده، ولكن الذي يحدث اليوم في أفغانستان هو تحول مسؤولية إصدار الأوامر الخاصة بتنفيذ العمليات إلى قيادة الحلف المرابطة في أفغانستان وليس في -مجلس شمال الأطلسي- مثلما كانت عليه الحال إبان حرب البلقان. \r\n \r\n وعلى رغم المخاطر الجمة التي تحيط بمهمة \"الناتو\" حالياً في أفغانستان، فإنها تدفع بالحلف إلى مقدمة مسرح الأحداث الدولية. وكما يقول \"أباثوري\"، فإن المجتمع الدولي بأسره يعترف اليوم بأن للحلف دوره المتفرد بين مؤسساته الدولية، ذلك أن \"الناتو\" لايزال المؤسسة الأكثر قدرة على تنظيم العمليات العسكرية المتعددة القوميات والأوسع نطاقاً. أما فيما يتصل بعمليات حفظ السلام، فهو لايزال اللاعب الوحيد تقريباً في الحلبة الدولية. \r\n \r\n وفي فصل الخريف المقبل، يخطط الحلف لعقد قمته في مدينة ريجا بجمهورية لاتفيا، ويأمل مسؤولو \"الناتو\" أن تسفر هذه القمة المتوقع انعقادها في شهر نوفمبر المقبل، عن تدشين \"قوة رد\" تابعة للحلف لأول مرة في تاريخه. كما يتوقع للقمة نفسها أن تدفع حثيثاً بتلك الخطط الرامية إلى إعطاء الحلف دفعة استراتيجية كبيرة، بحيث تمكنه من نشر قوة رد تابعة له بأسرع ما يمكن، حيثما تنشأ الحاجة إليها. \r\n \r\n غير أن اتساع دور \"الناتو\" وعملياته إلى هذا الحد في مسرح النزاع الدولي، إنما يتطلب إثارة السؤال المتعلق بالتحول بالضرورة، وهذا ما يستتبع الإشارة إلى قلق \"جاب دو هوب شافر\" -الأمين العام لحلف \"الناتو\"- وكذلك قلق الولاياتالمتحدة الأميركية وبعض الدول الأخرى، تجاه الكثير من الدول الأعضاء في \"الناتو\"، التي لا تنفق على ميزانياتها الدفاعية بما يكفي، وفي ذلك ما ينعكس سلباً على موارد \"الناتو\" ودوره وقدراته. \r\n \r\n هاوارد لافرانشي \r\n \r\n مراسل صحيفة \"كريستيان ساينس مونيتور\" في بروكسل \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n