\r\n إن من العناصر المهمة لهذه الخارطة الجديدة توسيع مسئوليات حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن حفظ السلام في أنحاء أفغانستان. والتحالف يقوم بالفعل بهذه المهمة في كابول وفي المناطق الشمالية الهادئة نسبيا ، وخلال العام القادم ، سيضطلع تدريجيا بنفس هذه الوظائف في باقي أنحاء البلد.\r\n على أن قدرة الناتو على دعم الخطوة التالية في جهود إعمار أفغانستان تظل محدودة. وإذا كان الناتو هو أقوى تحالف عسكري موجود في العالم اليوم ، إلا أنه يظل مجرد تحالف عسكري ؛ بمعنى أنه غير مجهز للاضطلاع بهذا العدد الوافر من الوظائف المدنية - مقارنة بالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي - من تدريب للشرطة إلى تسجيل الناخبين إلى التنمية الاقتصادية ، الأمر الذي يحدد في النهاية قيمة التدخل العسكري. \r\n لقد رأينا في البلقان كيف تم تعويض قدرات الناتو المحدودة بقيادة أوروبية وأميركية قوية في مجال التطبيق المدني ، حيث كانت هناك شرطة وقضاة ومهندسون ومراقبو انتخابات ومصرفيون من البنوك المركزية ومستشارو تنمية أوروبيون وأميركيون نجحوا في تعزيز التحول الاقتصادي والسياسي في البوسنة وكوسوفو ، الذي لولاه لضاعت مهمة الناتو العسكرية سدى في النهاية. \r\n أما في أفغانستان ، فإن هذا النوع من التعاون والتنسيق بين الناتو والاتحاد الأوروبي مفقود على نطاق واسع على الرغم من أن دولا أوروبية ، من بينها بشكل خاص بريطانيا وفرنسا وألمانيا ، ضاعفت برامجها الإغاثية ، ولكن بشكل فردي. فالأصل أن الاتحاد الأوروبي كمؤسسة ، وليس الدول الأعضاء ، هو الذي يقوم بتنظيم الموارد الأوروبية المخصصة للإعمار والتنمية ، وهذه الموارد لم تستخدم حتى الآن بشكل فعال في أفغانستان. \r\n ومنذ قرابة عقد والحوار بين الناتو والاتحاد الأوروبي يكاد يتركز بشكل حصري على كيفية مساعدة الحلف لأوروبا في القيام بعمليات عسكرية ؛ لكن الناتو ، من بين المؤسستين ، هو الذي يحتاج إلى عون الاتحاد الأوروبي كي ينجح في إنجاز مثل هذه المهام وليس العكس. في نهاية المطاف ، ومن الجائز أن نتخيل وصول عملية عسكرية ناجحة بقيادة أوروبية إلى نهاية ناجحة من دون أي تدخل للناتو لكن من غير الممكن أن نتخيل العكس. فأي جهد لبناء الدولة لا يكتب له النجاح من دون استخدام الموارد المدنية والعسكرية معا. \r\n ورغم مرور عقد على هذا الحوار ، إلا أن العلاقات بين المنظمتين اللتين لا تبعد إحداهما عن الأخرى سوى أميال قليلة في وسط أوروبا ، تعتورها الشكوك ومشاعر الغيرة ضيقة الأفق. فهناك أشخاص في الناتو لا يعتبرون الاتحاد الأوروبي وسيطا غير مرحب به (وغير كفء) في ميدان التعاون العسكري ، وهناك في الاتحاد الأوروبي من يعتقدون أن منظمتهم لن تتطور إلا على جثة الناتو. الشيء اللافت في ذلك هو كيف تسمح حكومات دول الحلف ، التي ترتبط مصالحها ارتباطا وثيقا بنجاح المنظمتين ، بأن يتسبب ضيق الأفق المؤسسي في إعاقة التعاون المطلوب بشدة بين الاثنين. \r\n أما فيما يتعلق بأفغانستان ، فثمة خيار يتمثل في أن يقوم الناتو بتطوير وحشد القدرات المدنية اللازمة التي يمتلكها بالفعل الاتحاد الأوروبي ؛ لكن من غير المرجح أن يستثمر الحلفاء الأوروبيون ، الذين بذلوا من الجهد الكثير لبناء قدرة الاتحاد الأوروبي في هذا الميدان ، الجهد نفسه في بناء قدرة الناتو ؛ ومن ثم أقول إن نجاح الناتو في أفغانستان يتطلب طرفا إضافيا مهمته استخدام و تدريب الشرطة وبناء سيادة القانون وتعزيز تنمية المجتمع المدني وتنظيم الانتخابات وتحريك ودفع التنمية الاقتصادية. \r\n لذا أرى أن الوقت قد حان كي نتوقف عن التساؤل عما يمكن أن يعمله الناتو للاتحاد الأوروبي ونبدأ بالتساؤل عما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي للناتو ، وأفغانستان هي المكان المثالي للبداية ، وهو ما يمكن عمله من خلال حوار ثلاثي بين الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بهدف ضمان أن يتم استخدام كل من الأصول المدنية الأوروبية والأميركية في أنحاء أفغانستان بشكل يكمل دور الناتو في حفظ السلام , مع الاستفادة من الأمن الذي يوفره الحلف لدفع جهود إعمار البلدان إلى الأمام. \r\n جيمس دوبنز \r\n مدير مركز الأمن الدولي والسياسة الدفاعية بمؤسسة راند ، ومبعوث سابق لإدارة بوش إلى أفغانستان \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون - نيويورك تايمز - خاص ب(الوطن)