\r\n كان ذلك تذكرة واضحة للاسرائيليين بأنه في الوقت الذي يتوارى فيه شارون عن الانظار فان ارثه اخذ في التلاشي أيضا. \r\n \r\n ففي العام الماضي فقط كان شارون يتلقى الثناء على المستوى الدولي بسبب الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة كما ساد هدوء نسبي على الحدود الشمالية وكانت هناك مؤشرات على رأب صدع دبلوماسي مع الدول المعادية له في العالم الاسلامي. \r\n \r\n أما الآن فاسرائيل خرجت لتوها من حرب غير محسومة مع مقاتلي حزب الله في لبنان وتعود قواتها للقتال في قطاع غزة وحتى جيرانها من الدول العربية المعتدلة لا يصدر عنها سوى الادانة للدولة اليهودية. \r\n \r\n وقال أوزي بنزيمان مؤلف كتاب (شارون.. قيصر اسرائيلي) \"اذا أفاق شارون من هذه الغيبوبة سيتساءل قائلا.. يا الهي.. ماذا كنتم تفعلون بينما كانت غائبا.\" \r\n \r\n لم تخض اسرائيل على الاطلاق حربا ضد احدى جيرانها من الدول العربية دون وجود شارون في الخطوط الامامية أو في القيادة. \r\n \r\n وساهم شارون كرجل عسكري وكسياسي في وضع مبدأ الردع الاستراتيجي الاسرائيلي الذي يضمن انتزاع ثمن باهظ للغاية من يقدم على مهاجمة اسرائيل. \r\n \r\n ويقول منتقدون ان هذا الركن في الدفاع الاسرائيلي قد قوض بسبب قدرة حزب الله على الصمود أمام هجوم استمر قرابة خمسة أسابيع استخدمت خلاله القوة النارية المتقدمة للجيش الاسرائيلي لكن الحزب الشيعي واصل اطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل حتى بدء وقف اطلاق النار الاثنين الماضي. \r\n \r\n وقد يلقي تحقيق رسمي في ادارة الحرب جانبا من اللوم على رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت الذي كان نائبا لشارون والذي يخوض حاليا صراعا من أجل البقاء على الساحة السياسية. \r\n \r\n ووصل أولمرت للسلطة بعدما عجز شارون عن القيام بمهامه اثر اصابته بجلطة شديدة في المخ في يناير كانون الثاني رغم أن اولمرت لا يتمتع بالخلفية العسكرية التي عادة ما تكون شرطا مسبقا مطلوبا في زعماء اسرائيل. \r\n \r\n ولا يبدو أيضا أن سمعة شارون الجنرال السابق البالغ من العمر 78 عاما يمكن أن تنجو دون أن تشوبها شائبة. \r\n \r\n فقد قاد شارون بينما كان وزيرا للدفاع في عام 1982 الهجوم الاسرائيلي الاول على لبنان والذي تسبب في ميلاد حزب الله وادى الى احتلال الجنوب لفترة طويلة. \r\n \r\n واثار شارون عداوة العرب بسبب الغزو الذي ارتكب خلاله حلفاؤه من المسيحيين اللبنانيين مذابح بحق المئات من اللاجئين الفلسطينيين. وخلص تحقيق أجرته لجنة حكومية الى مسئوليته غير المباشرة واضطر للاستقالة. \r\n \r\n وحاول شارون خلال العقدين التاليين مسح عار ما حدث في لبنان الذي طبع مع مرور الوقت في ذاكرة الاسرائيليين على أنه مستنقع فيتنام الخاص بهم. \r\n \r\n وربما توضح تلك التجربة المريرة احجام شارون عن مواجهة حزب الله خلال السنوات التي تولى فيها رئاسة الوزراء رغم الهجمات الحدودية المتفرقة وتقارير المخابرات بأن ايران وسوريا تزودان الحزب بآلاف الصواريخ. \r\n \r\n وكان شارون قلقا أيضا من الدخول في حرب على جبهتين بعد انتخابه مرتين استنادا لبرنامج يقوم على اتخاذ اجراءات صارمة ضد الانتفاضة الفلسطينية. \r\n \r\n غير أن منتقديه يصرون على عدم وجود مبرر لعدم التحرك. وقال المؤرخ الاسرائيلي مايكل اورين \"يتحمل شارون جانبا كبيرا من المسؤولية عن هذه الحرب\". \r\n \r\n ويقول المدافعون عن شارون انه لا ينبغي أن يؤخذ كبش فداء لحكومة أولمرت التي تواجه شكاوى من ضعف الاستعدادات وعدم ادارة الحرب بشكل حاسم. \r\n \r\n وهناك ضحية أخرى محتملة وهي سياسة الانسحاب الأحادي والتي طبقها شارون للمرة الاولى من خلال الانسحاب من قطاع غزة العام الماضي في اول اخلاء اسرائيلي لمستوطنات مقامة على أرض يريد الفلسطينيون اقامة دولتهم عليها. \r\n \r\n وانتخب اولمرت في مارس اذار بناء على تعهد بمواصلة نهج شارون بفرض حدود اسرائيل في حال عدم وجود شريك للسلام وتفكيك بعض المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة وهي الخطة التي لا تزال بعيدة للغاية عن تلبية مطالب الفلسطينيين. \r\n \r\n أصبح الاسرائيليون أكثر قلقا في الوقت الحالي بعد ما شاهدوا من أمثلة الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 وقطاع غزة عام 2005 وأن التخلي عن أراض لا يحسن الامن بالضرورة بل قد ينظر اليه في واقع الامر على أنه ضعف. \r\n \r\n وقال مصدر حكومي الجمعة ان أولمرت قد علق خطته بخصوص الضفة الغربية. \r\n \r\n ويختلف الخبراء حول أسلوب رد شارون على خطف حزب الله لجنديين اسرائيليين في غارة عبر الحدود في 12 يوليو/تموز. ويقول البعض انه كان سيضرب حزب الله بشكل أعنف وأسرع فيما يقول اخرون انه كان سيتجنب اثارة صراع شامل بطريقة ما. \r\n \r\n غير أن الصحفي الاسرائيلي اوري دان المؤيد لشارون يصر على أن الازمة ما كان لها أن تحدث اذا كان سمح لشارون بتنفيذ خططه ابان غزو لبنان قبل 24 عاما. \r\n \r\n فقد حاول شارون استخدام وجود الجيش الاسرائيلي لتغيير ميزان القوى في لبنان غير أن ذلك فشل بسبب العنف الطائفي كما قلصت المعارضة في الداخل من جهوده. \r\n \r\n وكتب دان في صحيفة جيروزاليم بوست \"طالما بقي شارون على قيد الحياة...لن يكون الوقت قد فات أمام السياسيين والاعلاميين للاعتذار له\".