\r\n ولم يجد باحثو منظمة هيومان رايتس ووتش في أي من الحالات التي بحثوها دليلا على وجود هدف عسكري له أهمية كافية يبرر الهجوم، في ضوء المخاطر على حياة المدنيين، في حين لم تكن هناك أية أهداف عسكرية يمكن تحديدها في الكثير من الحالات. لكن التقرير أشار في حالات أخرى إلى أنه كان من الواضح أن القوات الإسرائيلية قد تعمدت استهداف المدنيين. \r\n \r\n ويقول التقرير: \"إن إسرائيل، من خلال فشلها بشكل ثابت في التمييز بين المقاتلين والمدنيين، قد انتهكت واحدا من أهم مبادئ قانون الحرب، وهو: واجب تنفيذ الهجمات على الأهداف العسكرية فقط\". \r\n \r\n وانتهى التقرير إلى أن \"نمط الهجمات خلال الاعتداء الإسرائيلي على لبنان يشير إلى أن الفشل لا يمكن تفسيره أو رفضه باعتباره مجرد حوادث؛ حيث تشير درجة أسلوب الاعتداء وخطورة نتائجه إلى ارتكاب جرائم حرب\". \r\n \r\n وقد طالب التقرير، الذي انبنى على مقابلات مع الضحايا وشهود مستقلين على الاعتداءات، إضافة إلى تحقيق في المواقع التي جرت فيها الاعتداءات، طالب الولاياتالمتحدة بالإيقاف الفوري لعمليات نقل الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، إضافة إلى المواد الأخرى التي وردت ادعاءات موثوقة باستخدامها في هذه الاعتداءات، إلى أن تتوقف الاعتداءات. \r\n \r\n كما طالب التقرير أيضا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بتشكيل لجنة رسمية للتحقيق في الادعاءات بارتكاب جرائم حرب مع مساءلة الأشخاص المسئولين عن ارتكابها. \r\n \r\n وينبغي على هذه اللجنة أيضا أن تقوم بالتحقيق في هجمات الصواريخ التي يقوم بها حزب الله على إسرائيل، والتي كانت موضوعا لتقارير سابقة لمنظمة هيومان رايتس ووتش. فمنذ بدء الجولة الأخيرة من الحرب في 12 يوليو أطلق حزب الله حوالي 2.000 في مناطق تسكنها أغلبية مدنية في إسرائيل، وهو ما تسبب في مقتل 19 مدنيا إسرائيليا على الأقل وإصابة أكثر من 300 آخرين. وقد اعتبرت المنظمة، ومقرها نيويورك، أنه في ضوء الطبيعة غير المميزة للصواريخ فإن هذه الهجمات تمثل جرائم حرب. \r\n \r\n وقد صدر التقرير، والذي وردت استنتاجاته أيضا بشأن فشل إسرائيل في التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية في بيان صادر عن منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال) منذ يومين، صدر بعد ساعات من إصدار هيومان رايتس ووتش للنتائج الأولية الخاصة بالتحقيق الذي أجرته والخاص بالاعتداء الجوي الإسرائيلي على مبنى سكني في بلدة قانا جنوبي لبنان، وهو الاعتداء الذي أسفر بحسب التقارير الأولية عن مقتل 54 شخصا، أغلبهم من الأطفال، الذين اتخذوا من الطابق السفلي للمبنى ملجأ. \r\n \r\n وقالت هيومان رايتس ووتش، والتي جمعت شهادات من بعض الناجين التسعة الذين حددتهم، إنها قد تأكدت من مقتل 28 شخصا، من بينهم 16 طفلا، في المبنى، وأن 13 آخرين لازالوا مفقودين، ويُعتقد أنهم مدفونون تحت الأنقاض. كما قالت المنظمة إن 22 شخصا على الأقل قد نجوا من الاعتداء وهربوا من الدور السفلي. \r\n \r\n وقد أنكر أحد الناجين، وهو محمد محمود شلهوب، كما أنه أحد سكان قرية قانا والذي ساعد في جهود الإنقاذ، أنكر بشدة المزاعم الأولية الإسرائيلية بوجود أي مقاتلين لحزب الله أو منصات إطلاق صواريخ في المنزل أو حوله عند حدوث الاعتداء. وقالت هيومان رايتس ووتش إن تحقيقها الذي أجرته في موقع الحادث في 31 يوليو، إضافة إلى المقابلات التي أجرتها مع عشرات الصحفيين الأجانب وعمال الإنقاذ والمراقبين الأجانب الذين قاموا بزيارة قانا في 30 و31 يوليو، لم ينتج عنه أي دليل على وجود عسكري لحزب الله في المبنى أو حوله. \r\n \r\n من جانبها قالت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومان رايتس ووتش في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سارة ليه ويتسون: \"إن مذبحة قانا كانت نتيجة متوقعة لحملة القصف غير المميز الذي تقوم به إسرائيل في لبنان\"، وطالبت ويتسون بتحقيق دولي لتحديد ما جرى بالفعل. \r\n \r\n وقد أصرت إسرائيل على أنها قد حاولت بشدة تجنب إيقاع إصابات بين المدنيين، رغم أن الأغلبية العظمى من اللبنانيين الذين أفادت التقارير أنهم قُتلوا بالنيران الإسرائيلية، والذين يتجاوز عددهم 700 شخصا، هم من المدنيين. وقد زعمت إسرائيل أن حزب الله يقوم بحماية مقاتليه وأسلحته من خلال وضعهم في منازل مدنيين أو مناطق مدنية ثم يقوم بإطلاق الصواريخ في مناطق سكنية، وأن هذا هو ما جعل الخسائر بين المدنيين أمرا لا يمكن تجنبه، وهي مزاعم تقول هيومان رايتس ووتش إنها تمثل موضوعا لتحقيقات جارية. \r\n \r\n لكن المنظمة الحقوقية قالت إن تحقيقاتها في اعتداءات إسرائيلية معينة –والتي شملت مقابلات مع الضحايا والشهود، والزائرين لمواقع الأحداث، إضافة إلى الشركات، إذا أمكن، ومن خلال روايات الصحفيين المستقلين وعمال المساعدات– لم تكتشف أي دليل على أن حزب الله يعمل في المنطقة أو حولها أثناء أي من هذه الاعتداءات أو قبلها. \r\n \r\n كما قال المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، كينيث روث: \"يجب على مقاتلي حزب الله ألا يختبئ وراء المدنيين –وهذا أمر ثابت– لكن الصورة التي روجت لها إسرائيل بشأن هذا الاحتماء بالمدنيين باعتباره سببا لهذا العدد الكبير من الخسائر في أرواح المدنيين هي صورة خاطئة\". وأضاف روث: \"في الكثير من حالات قتل المدنيين التي قمنا بالتحقيق فيها لم يكن لمواقع قوات حزب الله وأسلحته أية علاقة بعمليات القتل لأن مقاتلي حزب الله لم يكونوا في المناطق القريبة\". \r\n \r\n وقد أشار روث إلى اعتداء 13 يوليو الذي دمر منزلا لأحد المرجعيات المعروفين بتعاطفهم مع حزب الله والذي ليس لديه أي سجل يتعلق بالمشاركة في أعمال الحرب. وقال التقرير إن هذا القصف قد تسبب في مقتل زوجة هذا المرجع الديني، وأطفالهما العشرة، وخادمتهم السريلانكية، إضافة إلى المرجع الديني نفسه. \r\n \r\n وفي هجوم في 16 يوليو على منزل في عيترون قامت الطائرات الإسرائيلية بقتل 11 شخصا من عائلة الأخرس، من بينهم سبعة كنديين من أصل لبناني، يحملون الجنسيتين الكندية واللبنانية، كانوا يقضون إجازتهم في القرية في ذلك الوقت. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إنها قد أجرت مقابلة مع ثلاثة من أهل القرية بشكل مستقل، حيث أنكر كل منهم أن تكون للأسرة أية علاقة بحزب الله. وكان من بين الضحايا أربعة أطفال تحت سن الثامنة. \r\n \r\n وقد هاجم التقرير أيضا بشكل عنيف تصريحات المسئولين الإسرائيليين وقادة القوات الإسرائيلية بأن الأشخاص المرتبطين بحزب الله هم فقط الذين لازالوا في جنوب لبنان، وأن الجميع، لهذا السبب، يمثلون أهدافا مشروعة للهجوم. وقد قامت إسرائيل بإسقاط منشورات في المنطقة، وقامت بالاتصال بالسكان عبر الهاتف محذرة إياهم من أنهم إذا لم يهربوا من بيوتهم فإنهم سوف يتعرضون للهجمات. \r\n \r\n لكن التقرير أكد أن الكثير من المدنيين لم يكونوا قادرين على المغادرة بسبب كونهم مرضى أو جرحى أو بسبب نقص الوسائل، مثل الأموال أو الوقود، أو لكونهم يقدمون خدمات ضرورية للسكان المدنيين الذين لازالوا هناك. لكن آخرين قالوا إنهم يخشون من المغادرة لأن الطرق أصبحت هدفا لاعتداءات الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية. \r\n \r\n ويقوم التقرير بتوثيق 27 عملية قتل لمدنيين كانوا يحاولون الفرار من القتال بالسيارة، كما يشير التقرير إلى أن العدد الفعلي للقتلى \"أعلى بكثير\". ويشير التقرير، بالإضافة إلى هذا، إلى الهجمات الجوية ضد ثلاث سيارات خاصة بالمساعدات الإنسانية، رغم كون هذه السيارات معلّمة ومميزة بشكل واضح. \r\n \r\n وقال روث: \"إن نمط الاعتداءات يُظهر التجاهل المزعج من الجيش الإسرائيلي لحياة المدنيين اللبنانيين\"، وأضاف أن \"التحذيرات الإسرائيلية بشأن هجمات وشيكة لا يجعل من المدنيين أهدافا عسكرية\"، مشيرا إلى أنه طبقا لمنطق القوات الإسرائيلية \"يمكن للجماعات الفلسطينية أن تقوم ب'تحذير‘ المستوطنين الإسرائيليين بمغادرة مستوطناتهم ثم يكون من المبرر لها عندئذ أن تقوم بمهاجمة من ظل فيها\". \r\n \r\n وقد اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بمحاولة تحويل جنوب لبنان إلى \"منطقة إطلاق نار حر\"، وهو ما وصفته المنظمة الاثنين بأنه أمر \"يتعارض مع القانون الإنساني الدولي\". (آي بي إس / 2006)