\r\n وكما جاء على لسان \"كمال سيكي\" الناطق الرسمي باسم الأممالمتحدة في الكونغو, فإنه ليس على أحد أن يبدأ بإطلاق الرصاص في الهواء أو الزغاريد فرحاً بتحقيق فوز انتخابي على الآخر. فهناك آليات انتخابية لا تزال تؤدي دورها, وإن علينا انتظار ما ستنتهي إليه. وعلى الرغم من محدودية عدد الأصوات التي جرى فرزها حتى الآن, فإن من رأي \"رابطة الناخبين\" -وهي عبارة عن منظمة غير حكومية للرقابة على الانتخابات مقرها في العاصمة كنشاسا- أن \"بمبا\" يتقدم على منافسه كابيلا بفارق 42 في المئة في مقابل 25 في المئة. كما وافقت على المؤشرات ذاتها \"الشبكة الوطنية للإشراف والرقابة الانتخابية\" مع العلم أنها منظمة انتخابية كونغولية مرموقة هي الأخرى. لكن وفيما لو لم يحصل أي من المرشحين على نسبة تزيد على 50 في المئة, فإنه من المقرر إجراء جولة انتخابية أخرى بين أعلى المرشحين أصواتاً في شهر أكتوبر المقبل. يذكر أن إذاعة الأممالمتحدة في الكونغو كانت قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي تقدم المرشحين \"كابيلا\" و\"بمبا\" على المرشحين الرئاسيين الآخرين البالغ عددهم 33 مرشحاً, إلا أنها أحجمت عن الإدلاء بأي تفاصيل إضافية عن نتائج الفرز الانتخابي، الذي أجري يوم الأربعاء الماضي, مخافة منها على حد قولها من إذكاء نيران العنف السياسي في البلاد. وفي الوقت ذاته يتوقع للمعركة الانتخابية الجارية هذه, أن تسفر عن اختيار 500 عضو برلماني من بين المرشحين المتنافسين للمقاعد البرلمانية, البالغ عددهم 9700 مرشح. \r\n \r\n إلى ذلك زعم عدد من المرشحين الرئاسيين الأقل شعبية وأهمية, تعرض الانتخابات الجارية لممارسات الفساد والتزوير, بما يشير إلى احتمال نهاية قريبة متوقعة للهدوء النسبي الذي صحبها حتى الآن. وفي الوقت نفسه, فقد أكدت النتائج الانتخابية الأولية إحراز تقدم ملحوظ لكابيلا في شرقي البلاد, مقابل تقدم منافسه بمبا عليه في الجزء الغربي منها. ومن هنا يزداد قلق المسؤولين والمراقبين المحليين والدوليين من أن تؤدي الانتخابات العامة التي قصد منها أن تكون أداة للوحدة السياسية والإقليمية للكونغو, إلى إثارة الانقسام وتمزيق ذلك البلد وإشعال المزيد من نيران الحرب الأهلية فيه. \r\n \r\n وعلى رغم السبق السياسي التاريخي الذي حققه الكونغو في نيل استقلاله من الاستعمار البرتغالي في عام 1960, فإنه لم يفلح في توطيد أركان الدولة ونظام الحكم الوطني المستقل فيه كما ينبغي. وخلافاً لهذا تماماً, فقد سادت مشاعر التمرد والانقسامات السياسية الحادة بين مختلف أحزابه وفئاته السياسية والاجتماعية. \r\n \r\n ولعل جزءاً من هذه المشكلة هو المساحة الشاسعة المترامية الأطراف التي يتمدد فيها الكونغو. فمساحته تكاد تعادل مساحة أوروبا الغربية كلها, إلى جانب صعوبة الدخول إلى أجزاء شاسعة منها, بسبب الغابات والأدغال الكثيفة المنتشرة فيها. ولك أن تتصور أن طول الطرق المعبدة في هذه الدولة الشاسعة, لا يتجاوز ال300 ميل فحسب! وكما هو معروف في تاريخ الكونغو المعاصر, فقد انتهى التمرد الذي قاده الزعيم الراحل \"لوران كابيلا\" في عام 1997 إلى الإطاحة بديكتاتورية \"موبوتو سيسيكو\" الذي ارتبط اسمه بإهدار الثروات المعدنية والطبيعية للبلاد, في بناء القصور والإنفاق على بذخه الرئاسي, في حين كان شعبه يتضور جوعاً ويعاني ويلات الفقر والعوز. ولكن الذي حدث هو أن أحد الحراس الشخصيين ل\"لوران كابيلا\"، قد غدر به وأرداه قتيلاً بإطلاق النار عليه. ومن لحظتها تسلم حفيده \"جوزيف كابيلا\" زمام القيادة وأعلن عن عزمه اقتسام السلطة مع زعماء الحرب, إلى جانب وعده بإجراء انتخابات عامة حرة وديمقراطية, وهي التي جرت بالفعل يوم الأحد الماضي. ولكن بعض المشاكل التي يواجهها \"كابيلا\" أنه لم يفلح في صد الشائعات القائلة إنه ليس من أصل كونغولي. وربما يفسر ذلك بعض التراجع الانتخابي الذي حدث له, على رغم نجاحه في وضع حد لحرب أهلية أزهقت أرواح الملايين. \r\n \r\n جيفري غيتلمان \r\n \r\n مراسل صحيفة \"نيويورك تايمز\" في نيروبي-كينيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n