\r\n للمرة الاولى منذ حوالي عقد من السنوات يتم القاء القبض على جندي اسرائيلي وهو على قيد الحياة الجندي يدعى جلعاد شاريت, ثم يؤخذ بعيدا الى جهة مجهولة عبر نفق يخترق اسرائيل ويصل الى غزة. \r\n \r\n بعد ذلك طالبت ثلاثة فصائل فلسطينية مسلحة ذات علاقة بحركة حماس باطلاق سراح جميع النساء والقاصرين الفلسطينيين الموجودين في المعتقلات الاسرائيلية مقابل اطلاق سراح الجندي المخطوف. واكد متحدث بلسان احد تلك الفصائل على سلامة الوعد الذي قدمه الفلسطينيون. \r\n \r\n وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت وعدد آخر من اعضاء حكومته قد سارعوا الى تأكيد ثوابت السياسة الرسمية الاسرائيلية والتي تنص على ان لا تفاوض مع الارهابيين بما في ذلك الحالات التي تشمل تبادل السجناء. \r\n \r\n ويذكر ان هذ الموقف ليس خاصا باسرائيل حيث تشاركها فيه الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الغربية. \r\n \r\n لكن سجل اسرائيل وتاريخ تعاملها مع اعدائها الاقليميين يشير الى ان للاسرائيليين منهجا متقلبا وملتبسا فيما يتعلق بالتفاوض حول الرهائن والاسرى, ويرى مراقبون في القدسالمحتلة ان ثمة حقيقة مرة لا بد من تجرعها ترغم اسرائيل على الاقرار بان المفاوضات قد تكون الطريق الوحيد لضمان سلامة الجندي الاسير وحريته. \r\n \r\n يقول انشيل فيفر, كبير المحللين في صحيفة جيروز اليم بوست التي تصدر في القدس باللغة الانجليزية »ان بوسعنا القبول بالامر الواقع عندما يسقط جنود اسرائيليون قتلى في المواجهات, لكن ما لا نستطيع القبول به سقوط الجنود الاسرائيليين في الاسر, وكانت آخر مرة اختطف فيها جندي اسرائيلي عام 1994 عندما شن الجيش الاسرائيلي عملية انقاذ انتهت بمقتل الجندي الاسير نهشون واشسمان والضابط المسؤول عن عملية انقاذه. \r\n \r\n ويسود داخل اسرائيل احساس عام بانه لا يجب ان يترك جندي او مواطن اسرائيلي بيد العدو, ولهذا يرى فيفر انه لا بد من القيام بنوع من المهمات المستحيلة, والمهمة المستحيلة هذه المرة هي التفاوض مع العدو التي يعتقد فيفر ان على المسؤولين الاسرائيليين ان يتحملوا وطأها مهما كان ثقيلا. \r\n \r\n ويقر فيفر ان هذا الامر يثير عددا من القضايا الاخلاقية والمعنوية, وان البعض من هذا القضايا يثير الفزع في صفوف الاسرائيليين الذين يريدون تفادي مثل هذه المواقف. لكنها قضايا سبق ان واجهت دولا اخرى كانت مضطرة الى التعامل معها كما حدث عند احتجاز رهائن غربيين في كل من ايران ولبنان, وكما يحدث الآن بشكل متكرر في العراق, وكلها قضايا تضع الحكومات والمسؤولين واسر المخطوفين امام اسئلة حرجة تخص كيفية التعامل مع الخاطفين. \r\n \r\n ترسل اسرائيل رسالة مزدوجة بخصوص الجندي المخطوف, ففي الوقت الذي يعلن فيه ايهود اولمرت انه غير مهتم بموضوع مقايضة شاريت بسجناء فلسطينيين, تشير مصادر اخرى الى ان هذا التصريح الرافض للتفاوض من قبل اولمرت يمكن ان يقرأ على انه مدخل لمخاطبة الجهات التي تحتجز الجندي الاسرائيلي. يضاف الى ذلك ان لاسرائيل تاريخا طويلا في التفاوض مع الجماعات التي تعتبرها ارهابية والذهاب الى حد الدخول في تعاملات ملتوية لاعادة جنودها ومواطنيها الاسرى الى الوطن. \r\n \r\n في عام 2004 حقق حزب الله اللبناني عملية اطلاق سراح العشرات من مقاتليه الذين كانوا في الاسر الاسرائيلي مقابل اطلاق سراح جندي اسرائيلي واحد هو الحنان تاننباوم الذي كان قد استدرج الى داخل لبنان كجزء من صفقة مخدرات موهومة. كما شمل التبادل تسليم رفات ثلاثة جنود اسرائيليين اخرين. ويشير الخبراء في الشأن الاسرائيلي, ايضاً الى ما يعرف بصفقة جبريل التي ابرمت عام 1985 وحصلت فيها اسرائيل على الافراج عن ثلاثة من جنودها مقابل قيامها باطلاق سراح اكثر 1100 سجين فلسطيني وغير فلسطيني كانوا محتجزين لديها. \r\n \r\n يرى بعض المحللين الاسرائيليين ان تلك الحالات قد اطلقت سابقة مثيرة للقلق في حين يرى آخرون انها تظهر مدى استعداد اسرائيل للذهاب بعيداً من اجل استعادة ابنائها. \r\n \r\n يضاف الى ذلك ان ثمة موروثاً ثقافياً يتحكم في مثل هذه الحالات فتبعاً للديانة اليهودية لا تستطيع زوجة الرجل المفقود الزواج ثانية. وحتى في الحالات التي تكون احتمالات وفاة المفقود قوية جداً فان اسرته لن تستطيع عقد مجلس العزاء التقليدي الذي يستغرق اسبوعاً كاملاً الا بعد دفن المتوفي وفي الوقت نفسه, يعتقد بعض اليهود المتدينين بان النزول عند طلبات الخاطفين او محاولة استرضائهم عمل غير اخلاقي مستندين في ذلك الى نص من التلمود. \r\n \r\n ولقد كانت الرغبة في عدم تشجيع الخاطفين عن طريق الاستجابة لمطالبهم السبب الذي حمل الكثير من الدول على الامتناع عن التفاوض معهم. لكن اسرائيل تركت هذا الباب مفتوحاً من خلال حالات سابقة ولعله لم يزل مفتوحاً لحد الان. \r\n \r\n يقول زئيف شيف, المعلق العسكري في صحيفة هاآرتس الاسرائيلية »ان السبب الذي جعل رئيس الوزراء اولمرت يسارع الى الاعلان عن عزمه على عدم اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين هو تعلق الامر هذه المرة بحماس. ولقد كان من الافضل من الناحية التكتيكية لو انه لم يقل: لا ولم يقدم وعداً في الوقت نفسه«. \r\n \r\n من شأن هذا ان يزيد الامور صعوبة بالنسبة لاولمرت فقد هددت اسرائيل بعملية عسكرية كبرى ثأراً للجندي المخطوف ولزميليه اللذين قتلا في العملية نفسها. \r\n \r\n ويذكر ان قطاع غزة, وهو المنطقة التي انسحبت منها اسرائيل في شهر آب الماضي, يشهد صدامات يومية دامية. ولقد لقي اكثر من 14 مدنياً فلسطينياً مصرعهم في تلك الصدامات خلال الاسبوعين الماضيين كما سقط على المدن الاسرائيلية اكثر من 150 صاروخاً اطلقت خلال الشهر الماضي من اراض فلسطينية. \r\n