عادت الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة الي المربع رقم واحد بعد الهجوم الفدائي المنسق الذي نفذته ثلاث فصائل فلسطينية واسفر عن قتل جنديين اسرائيليين وخطف ثالث في اجرأ عملية من نوعها يتعرض لها جيش الاحتلال الاسرائيلي منذ انسحابه من غزة اواخر العام الماضي. وقد جاءت العملية ردا علي الغارات الاسرائيلية المكثفة علي غزة وحرب تصفية كوادر المقاومة وكذلك احكام الحصار علي حكومة حماس لتصيب الجيش الاسرائيلي بالفزع ولتفقد جنرالاته اعصابهم وسط توقعات برد اسرائيلي عنيف بما في ذلك اجتياح قطاع غزة وكذلك استهداف قادة حركة حماس واعضاء حكومتها وهو ما يؤشر لمرحلة جديدة من العنف والعنف المضاد في المنطقة. وقد بات اجتياح غزة برا مسألة وقت فقط بعدما اعط مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر الضوء الاخضر للجيش الاسرائيلي للاستعداد لبدء عملية واسعة النطاق وعلي مراحل انتقاما للهجوم علي معبر كريم سالم التي اطلقت عليه الجماعات الفلسطينية "الوهم المتبدد" في اشارة الي مغزي الرسالة التي تحملها العملية لاسرائيل ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت. ووسط مخاوف من تفاقم الاوضاع في الضفة وغزة سارعت قوي دولية واقليمية بالتوسط بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية لاطلاق سراح الجندي الاسرائيلي المخطوف جلعاد شافيت 20 عاما وفي هذا السياق جاء اعلان وزارة الخارجية الفرنسية ان باريس علي اتصال مع جميع الاطراف المعنية من اجل حل قضية الجندي الاسرائيلي الذي يحمل الجنسية الفرنسية ايضا. وقد حملت تصريحات اولمرت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ابو مازن، المسئولية عن الهجوم وحمله مع الحكومة الفلسطينية تبعات هذا الهجوم الفدائي مع ان مثل هذا الهجوم يأتي بمثابة رد طبيعي علي سياسة الاغتيالات والاعتداءات المستمرة التي تنتهجها حكومته بحق الشعب الفلسطيني. المهم ان خطف الجندي الاسرائيلي ينطوي علي مغزي مهم من قبل الخاطفين حيث يسعون الي استثماره في مبادلته بالمعتقلين والسجناء الفلسطينيين لدي اسرائيل، علي غرار صفقة الاسري التي سبق وابرمتها اسرائيل مع حزب الله اللبناني.. وهذا يشكل مبعث القلق لدي حكومة اسرائيل ووزير الدفاع عمير بيرتيس علي وجه التحديد وخرجت تصريحاته متوعدة بقتل كل من يتورط في الاساءة الي الجندي الذي تحتجزه لجان المقاومة الشعبية. والتساؤل الآن.. هل يقف العالم في موقف المتفرج ويطلق لاسرائيل العنان للانتقام من الفلسطينيين والتي هددت صراحة باستهداف رئيس واعضاء الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس.. وهذا بفرض حدوثه فإنه سيقضي علي اية آمال في العودة الي طاولة المفاوضات في ضوء القمة الاسرائيلية الفلسطينية غير الرسمية التي جمعت اولمرت وابو مازن في الاردن.. وفي ظل التقدم علي صعيد المفاوضات بين حركتي فتح وحماس بشأن وثيقة الاسري التي تفتح المجال امام العودة مرة اخري الي طاولة المفاوضات. وفي كل الحالات يتعين ان يدرك اولمرت ان الخيار العسكري وحده لن ينجح في حل الصراع في منطقة الشرق الاوسط.. وقد سبق ان لجأ سلفه آرييل شارون في تجربة خطة المائة يوم لقمع انتفاضة الاقصي ثم ها هو تمضي ثلاث سنوات كاملة من القتل والعدوان وهدم المنازل دون ان يفلح في ادراك هدفه وكل ما حصل عليه كان "التهدئة" عبر الحوار والوساطة المصرية التي اثمرت تفاهمات شرم الشيخ.. والتي نجح خلال الاسابيع الاولي له في السلطة في نسفها والعودة بالقضية مرة اخري الي نقطة الصفر وبات الامر يحتاج الي معجزة بعد الهجوم الفدائي الاخير كي يجلس الفلسطينيون والاسرائيليون علي طاولة المفاوضات.