\r\n \r\n \r\n أما الخطة الجديدة للإدارة الأميركية فهي جعل العراقيين أنفسهم يخرجون بخطة. وهذا هو تحديداً السبب الذي دفع الرئيس جورج بوش لزيارته الخاطفة إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال الأسبوع الماضي، والتي لم يعلم عنها المالكي، المقيم داخل المنطقة الخضراء في بغداد، إلا قبل خمس دقائق من وصول بوش! \r\n \r\n هل يمكن أن نفهم ما قام به الرئيس الأميركي على أنه يمثل نموذجا لفن القيادة؟ يمكن معرفة الإجابة من خلال كلمات الرئيس نفسه، والذي قال: \"من الأسباب التي لأجلها قمت بزيارة العراق أمس، بصرف النظر عن الطبيعة السرية التي اتسمت بها الزيارة، هي أن أتلمس بشكل مباشر الطريقة التي يفكر بها الناس الموجودون هناك... فأنا أدرك بالطبع أن القيادة تعني أن تكون لديك خطة، وهذا تحديداً هو ما وجدته بالفعل خلال زيارتي الأخيرة لبغداد\". \r\n \r\n والحقيقة أن بوش وجد أن العراقيين لديهم \"خطة للنجاح\"، و\"خطة محكمة\"، و\"خطة لتحسين الأمن\"، ولديهم أيضاً \"خطة لإخضاع المليشيات\"، و\"خطة لتحسين النظام القضائي\"، وخطة \"لإعادة تنشيط الاقتصاد\"، و\"خطة للكهرباء والطاقة\"... \r\n \r\n ربما يكون الرئيس قد ذكر خططاً أخرى عراقية بارعة، لكنني وبعد أن أحصيت 20 إشارة لكلمة \"خطة\" في نص المؤتمر الصحفي الذي عقده بوش عقب زيارته المفاجئة، لم استطع مواصلة العد فتوقفت. \r\n \r\n لكن دعونا نركز على ما بين أيدينا. خلاصة ما يمكن للذين يشكّون في مقدرة بوش على الخروج به من كل ذلك، هي أن الرئيس الأميركي قد أصبح لديه أخيراً خطة للعراق، تقوم على توضيحه للحكومة العراقية بأنهم \"يجب أن يقوموا بإعداد خطة وأن يعملوا بعد ذلك على تنفيذها\". \r\n \r\n وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل هذه خطة في الحقيقة؟ \r\n \r\n بيد أنه يجب علينا في الوقت نفسه توضيح أن بوش ليس هو الوحيد الذي يمتلك خطة من هذه النوعية للعراق. فالزعماء الجمهوريون في الكونجرس يمتلكون هم الآخرون خطة مماثلة للعراق. ففي مذكرة سرية (مثل زيارة بغداد) أمر زعيم الأغلبية بمجلس النواب \"جون آيه بوهنر\" الأعضاء الجمهوريين الذين كانوا يطالبون بعقد حوار في قاعة الاجتماعات في المجلس حول العراق بتغيير الموضوع. جاء في مذكرة بوهنر لهؤلاء الأعضاء: \"من المحتم علينا أن نغير بؤرة اهتمامنا، وأن نهتم أكثر بالمخاطر التي تواجه أمتنا في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر\". \r\n \r\n ومن الملاحظ دائما أن \"الجمهوريين\" عندما يكونون في شك من أمرهم، يلجأون إلى توجيه اللوم للديمقراطيين. \r\n \r\n وهذا ما رأيناه من جانب \"بوهنر\" الذي رأى \"ضرورة إجراء هذا الحوار، بشكل يؤدي إلى إبراز الفوارق بين الجمهوريين والديمقراطيين\"، وذلك قبل أن يمضي قدماً بعد ذلك لرسم صورة يضع فيها خطاً فاصلاً بين الحزب الجمهوري الملم بطبيعة المخاطر التي يواجهها، والملتزم مع ذلك بتحقيق النصر، وبين الحزب الديمقراطي الذي يفتقر إلى سياسة أمنية متماسكة، ويقوم على نحو لا يخلو من استهتار، بالتقليل من أهمية التحديات التي تواجه أميركا في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. \r\n \r\n وخطة الجمهوريين في \"تغيير الموضوع\" ولوم الديمقراطيين، لا تختلف كثيراً عن خطة بوش الرامية إلى جعل العراقيين يأتون بخطة من عندهم. من المعروف أن الفيلسوف الصيني الشهير \"صن تزو\" مؤلف كتاب \"فن الحرب\" كتب قبل الميلاد بعدة قرون يقول: \"إن جميع الحروب تعتمد على الخداع. وتحويل أنظار العدو وصرف اهتمامه عما يحدث هي من أساليب الحرب الحقيقية التي ثُبتت صحتها من خلال التجربة العملية\". \r\n \r\n ما هذا؟ إن أساليب الخداع وتحويل الاهتمام هي تكتيكات قابلة للتطبيق ضد العدو في ساحة المعركة، وليست ضد الناخبين الأميركيين؟ دعك من هذا، وقل لي \"مع أي جانب تقف؟ \r\n \r\n من باب الإنصاف يتعين علينا القول إن \"الديمقراطيين\" هم الآخرون ليس لديهم سوى خطط قليلة للغاية حول العراق. ورغم أن الخطط الديمقراطية تختلف في التفاصيل، فإنها مبنية كلها على تلك الحقيقة التي يمكن لأي شخص لديه حدس سليم أن يتوصّل إليها، والتي تقول إن الحرب العراقية كانت كارثة على العراقيين وعلى جهود الولاياتالمتحدة الرامية لمحاربة الإرهاب العالمي، وأن استمرار وجودها المفتوح النهايات في العراق هو جزء من المشكلة وليس حلاً لها، وأننا بحاجة إلى بدء مرحلة من التخفيض الممنهج لأعداد قواتنا هناك. \r\n \r\n الشيء المضحك، هو أن بوش لو مكث وقتاً أطول في العراق، يوم الثلاثاء الماضي، لربما كان قد أدرك أن الخطط الديمقراطية لهذا البلد هي، وإلى حد لافت للنظر، منسجمة مع طموحات العراقيين وما يتمنونه لبلدهم. \r\n \r\n ولو كان الرئيس الأميركي جادا بشأن مساعدة العراقيين على تقرير مصيرهم بأنفسهم، لكان قد قام بالشيء الذي حثه نقاده طويلا على القيام به، وهو إعداد خطة زمنية لسحب القوات الأميركية من العراق. فهذه هي الخطة حقاً... وليس جعل العراقيين يقومون بإعداد خطة! \r\n \r\n روزا بروكس \r\n \r\n أستاذة مساعدة كلية الحقوق بجامعة فرجينيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n