\r\n وذلك على الرغم من نفي موسكو المتكرر أن تكون الحملة مازالت متواصلة. وقد استمرت الحرب لفترة طويلة للغاية حتى أفسحت المجال لتساؤلات عديدة: هل ما يحدث هناك يُمكن اعتباره حملة إبادة؟ هل تغيرت الأهداف الروسية عبر السنوات؟ هل الإسلام يلعب دورا أم أنه يجري استغلال هذا الدين لتحقيق مآرب معينة؟ \r\n \r\n \r\n إن مؤتمر الأممالمتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر 1948، يُعرف تلك الجريمة بأنها «أعمال تُرتكب عن قصد بغرض تدمير، بشكل عام أو بشكل جزئي، جماعة وطنية أو عرقية أو دينية». \r\n \r\n \r\n ويعتقد غالبية الشيشانيين أن ما يفعله بهم الروس يندرج تحت ذلك التصنيف. فهم يعتقدون أنهم ضحايا حملة إبادة عامة ولا يستطيعون الاعتراف بأنهم قد لا يكون لديهم دليل قانوني على ذلك. \r\n \r\n \r\n و كان الحذر هو السمة الغالبة على هؤلاء الذين تحدثنا إليهم في موسكو. في 1994 رفض الجنرال إدوارد فوروبيوف المشاركة في غزو الشيشان وتقدم باستقالته. \r\n \r\n \r\n ولا يزال الرجل يعتقد أن التدخل العسكري كان قرارا خاطئا لأن هناك «دائما طرقا أخرى لحل المشكلة» على حد تعبيره. غير أنه لا يتحدث أبدا عن حدوث إبادة جماعية هناك وإنما يتحدث عن «حرب ضد الانفصاليين من أجل الحفاظ على الشيشان داخل الاتحاد الروسي». \r\n \r\n \r\n تقول ليدا إيوسوبوفا، وهي سيدة شيشانية أدارت مكتب هيئة حقوق الإنسان ميموريال في جروزني خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، إن الناس تستخدم كلمة «إبادة» بشكل عادي ودون قيود ولكن من الصعب الحصول على سند قانوني يؤكد أن ما يحدث هو بالفعل إبادة جماعية، على حد تعبيرها. \r\n \r\n \r\n وقد انتقلت إيوسوبوفا إلى موسكو لكتابة رسالة الدكتوراه الخاصة بها في علم القانون وقالت حينها: «بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر غالبا ما نسمع زملاءنا الروس وهم يقولون إنهم لا يمكنهم استخدام هذا المصطلح «إبادة جماعية» لوصف عملية تتم ضد «إرهابيين». \r\n \r\n \r\n وفي الشيشان هناك بعض الأشخاص ممن يحاربون من أجل الحرية، في حين أن هناك آخرين يفرضون ما يسمى بالنظام الدستوري. ولكن ماذا عن الشعب؟». \r\n \r\n \r\n و كما تعلم إيوسوبوفا، فإن من الضروري أن يكون هناك إحصاء لعدد القتلى من أجل تعضيد أي إدعاء بحدوث عملية إبادة جماعية في الشيشان. ولكن تلك الأرقام غير موجودة. وتضيف: \r\n \r\n \r\n «لقد انتظرنا وقتا طويلا قبل أن نبدأ عملية الإحصاء. وإذا أردنا أن نعلم عدد الشيشانيين الذين قُتلوا وعدد الذين نزحوا إلى أوروبا الغربية أو إلى روسيا، سنجد قليلا من المفاجآت. لم يعد هناك إلا عدد قليل للغاية من الشيشانيين في الشيشان. أعلم أنه من الصعب على الإنسان الأوروبي أن يفهم طبيعة تلك الحرب. ولكنه من الجنون أن يتم تدمير جميع العناصر المكونة لحضارة شعب». \r\n \r\n \r\n و حدث أثناء عملية التهجير التي وقعت في 1944 أن تم إحراق جميع الكتب التاريخية القديمة المكتوبة باللغة الشيشانية والعربية وذلك في الميدان الرئيسي في جروزني. واليوم أحدٌ لا يقدر أن يفسر كيف بُنيت الأبراج القديمة في قرانا الجبلية. لقد ضاع التراث. يبقى الآن 50 برجا فقط من أصل 300. لا نستطيع حتى زيارة تلك الأبراج بسبب القوات المرابطة هناك في الجبال. \r\n \r\n \r\n وتصف إيسوبوفا إدعاء الحكومة الروسية بأنها تستخدم كل الوسائل القانونية في الشيشان بأنه قمة الاستخفاف والسخرية من الآخرين. وتقول في هذا الشأن: «إنه أمر مخالف للعُرف والقانون أن يتم شن هجوم على أقلية عرقية لا يتعدى قوامها مليون فرد عن طريق شن حرب تطوّق منطقة القوقاز بأكملها. \r\n \r\n \r\n وعندما يبدأ الأوروبيون في النهاية بالسماع إلى صوت تلك الأقليات في داغستان وأنجوشيا وغيرها، سيكون قد فات الأوان. لماذا أُغلقت منطقة الحرب أمام مندوبي المنظمات الدولية ورجال الإعلام أثناء الحملة الثانية؟ السبب هو أن روسيا لم تُرد أن يرى العالم الأساليب غير الإنسانية التي كانت تستخدمها لاستعادة النظام في الشيشان. \r\n \r\n \r\n تقول فالنتينا ميلنيكوفا، الزعيمة القوية للجنة أمهات الجنود الروسيين: «لا ندري حقيقة ما يريده الكرملين سوى أن بوتين لا يريد التفاوض. والسلطات الروسية تُلقي باللوم على تنظيم القاعدة، ولكنها عاجزة عن تقديم أي دليل على أن المرتزقة الأجانب يقومون بأنشطة في الشيشان. كل الأمور المتعلقة بهذا الصراع محاطة بسياج من السرية، لاسيما كل ما يتعلق بالجيش. \r\n \r\n \r\n بوتين وافانوف يقبلان بلا أي تفكير التقارير القادمة من مصادر تابعة لهما من دون أن يخضعاها لأي تقويم أو تأكيد من مصادر مستقلة. لا توجد هناك أي دولة متحضرة يمكن أن تترك تلك الحرب تنتشر جغرافيا بهذا الشكل الذي تنتشر به حاليا دون أن تفعل شيئا». وهناك سؤال أخير بشأن النقطة المحورية في «البروباغاندا» الروسية: \r\n \r\n \r\n دور الدين في الحرب. معظم الشيشانيين تجدهم يقولون: «الدين ليس له علاقة بما يحدث». فهم مستمرون في اعتناقهم لهذا الدين وممارسة طقوسه كما كانوا يفعلون في الماضي كمحبين للدين الإسلامي المعتدل. تقول إيوسوبوفا: \r\n \r\n \r\n «إنهم يلقون باللائمة على الإسلام وعلى الإسلاميين وعلى المتشددين. لكن لماذا يُطلق على المسلمين وحدهم وصف «متشددين» ؟ لماذا لا نطلق الوصف ذاته على قُطاع الطرق الأرثوذكس المتشددين الذين يعيثون فسادا في المدن الروسية؟». \r\n \r\n \r\n و تضيف ميلنيكوفا: «إنه يجري استغلال عامل الدين والتلاعب به. فمنذ 1999 يُشار بأصابع اتهام إلى المتشددين من أجل إخفاء المتهمين الحقيقيين الذين يتعين عليهم محاربتهم واعتقالهم. \r\n \r\n \r\n وفي الوقت ذاته فإن الموقف يزداد سوء يوما بعد يوم. فاغتيال ماسخادوف قد أشعل الصراع وأضفى عليه طابع التطرف، ولن يزداد الموقف إلا سوءاً. ويبدو أن الجيش لا يريد أن يرى نهاية لتلك الحرب، إذ يبدو وكأن الحرب تناسب أهدافه. \r\n \r\n \r\n ويأتي قرار بوتين بعد كارثة مدينة بيسلان بتعيين محافظين إقليميين كانوا قد انتخبوا من قبل عن طريق تصويت عام- يأتي هذا القرار ليبين مدى عدم جدوى حكومتنا. فما هي العلاقة بين طريقة انتخاب المحافظين والحرب العالمية على الإرهاب؟» \r\n \r\n