\r\n ويأتي ذلك وسط سعي الصين المتصاعد إلى اكتساب النفوذ على الصعيد العالمي بعد تزايد قوتها على الساحة الدولية المستمدة أساساً من نموها الاقتصادي الهائل. وفي هذا السياق تشكل عملية اختيار أمين عام جديد للأمم المتحدة فرصة لكشف مدى قدرة الصين على صياغة السياسة الدولية خلال العقود المقبلة. \r\n \r\n وإلى حد الآن أعلنت ثلاث شخصيات آسيوية ترشحها لشغل المنصب متمثلة في وزير خارجية كوريا الجنوبية \"بان كي مون\"؛ ونائب رئيس الوزراء التايلاندي سوراكيارت ساثيراثاي؛ ثم وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح خلال الفترة من 1998 إلى 2003 السريلانكي \"جايانتا دانابالا\". ولو بدأنا مع المرشح الأول \"بان كي مون\" من كوريا الجنوبية نجد أن عراقيل مهمة واجهته منذ إعلان ترشحه للمنصب في أواسط شهر فبراير الماضي، حيث سارعت الصحيفة اليابانية \"يوميوري شيمبيون\" إلى استبعاد موافقة اليابان على هذا المرشح رداً على المعارضة الشديدة التي أبدتها سيئول إزاء حصول طوكيو على مقعد دائم في مجلس الأمن. ويبدو المرشح التايلاندي \"سوراكيارت\" في موقع أفضل باعتباره المرشح الرسمي لمجموعة دول جنوب شرق آسيا العشر، دول رابطة \"الآسيان\"، وهي : تايلاند، إندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، بروناي، الفلبين، فيتنام، لاوس، وميانمار، وكمبوديا\"، كما يحظى بدعم 128 من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، غير أن حملته تعرضت لانتكاسة بسبب الاضطرابات السياسية الأخيرة التي عرفتها بانكوك، فضلاً عن الهزيمة التي منيت بها تايلاند مطلع الشهر الجاري في انتخابات أعضاء المجلس الجديد لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. \r\n \r\n وهكذا يبقى الوكيل السابق للأمم المتحدة \"دانابالا\" الأوفر حظاً بين جميع المرشحين بخبرته الطويلة في الدبلوماسية الدولية وتجربته الواسعة في مجال الأمن والسلام، فضلاً عن مؤهلاته الأخرى التي تزيد من تعزيز موقفه. فبعد استكماله لتعليمه في الولاياتالمتحدة شغل \"دانابالا\" منصب سفير سريلانكا لدى واشنطن بين 1995 و1997، وبالإضافة إلى الإنجليزية يجيد كلاً من الفرنسية والصينية. هذا وقد أعلن \"دانابالا\" خلال لقاءاته مع وسائل الإعلام عن نيته إصلاح الأممالمتحدة. ورغم أن العديد من المراقبين يرحبون بترشيح \"دانابالا\" باعتباره شخصاً من خارج بيروقراطية الأممالمتحدة، فإن تجربة أولية في أروقة المنظمة الأممية ستكون حاسمة في إنجاح مشروع إدخال الإصلاحات الضرورية على هياكلها. ويتوقع الخبراء في الأممالمتحدة أن المنافسة الحقيقية بين المرشحين الثلاثة لن تبدأ على الأرجح، إلا مع بداية الخريف القادم قبل انعقاد الجمعية العامية في شهر سبتمبر المقبل. \r\n \r\n وحسب ميثاق الأممالمتحدة \"تقوم الجمعية العامة بتعيين الأمين العام بناء على تزكية من مجلس الأمن\". لكن في الممارسة لا يسمي مجلس الأمن سوى مرشحاً واحداً يتم رفعه إلى الجمعية العامة للتصديق عليه. وفي الوقت نفسه تحتفظ الدول الخمس دائمة العضوية في الأممالمتحدة وهي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بحق النقض حيال المرشحين. ورغم أن الصين هي من تتزعم حملة ترشيح شخصية آسيوية للمنصب الأممي، فإنها تواجه ثلاثة عراقيل أساسية. فهي أولاً مطالبة بخلق إجماع بين الدول الآسيوية حول مرشح واحد. ولن يكون سهلاً على الصين إقناع الدول الآسيوية بالاتفاق على شخصية آسيوية مشتركة عن طريق الجهود الدبلوماسية بالنظر إلى التعقيدات السياسية التي تنطوي عليها القارة الشاسعة. وإذا فشلت الصين في التوصل إلى إجماع فإن حظوظ آسيا ستتراجع إلى الوراء. والأكثر من ذلك أن محاولات الصين الرامية إلى لعب دور بارز على الصعيد العالمي ستنتكس إذا ما فشلت في الدفع بمرشح آسيوي إلى المنصب الأممي. \r\n \r\n التحدي الثاني الذي يواجه الصين يتمثل في علاقتها مع الولاياتالمتحدة ونجاحها في إقناع هذه الأخيرة بالموافقة على دعم مرشح آسيوي، وهو ما يعتمد على مدى تعاون الطرفين بشأن بعض القضايا العالمية. ورغم التوتر الذي مازال يشوب العلاقات الصينية- الأميركية، فإن هذه العلاقات تشهد في الوقت الحاضر مرحلة من الاستقرار. وما لم تعرف العلاقات بين البلدين تدهوراً مفاجئاً بسبب الخلاف حول الملف النووي الإيراني والتصديق على الموازنة المقبلة للأمم المتحدة، فإن الأمر لن يكون صعباً على الطرفين للتوصل إلى أرضية مشتركة حول المرشح الأنسب لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة. وتبقى الصعوبة الأخيرة في معالجة مخاوف باقي الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، لاسيما في ظل ما توجه به \"ألان روك\" الممثل الكندي لدى المنظمة إلى الدول الأعضاء من اقتراح يدعو فيه إلى توخي المزيد من الشفافية وإشراك الدول الأخرى في عملية اختيار خليفة كوفي عنان. وفي السياق ذاته بدأت بعض الدول تطالب بدور أكبر للجمعية العامة، وبضرورة تحديد مجلس الأمن لأكثر من مرشح واحد ليتسنى الاختيار بينهم. وإزاء هذه التطورات سيراقب العديد من الناس ما إذا كانت الصين ستنهض بدورها لضمان عملية اختيار شفافة وعادلة للأمين العام الجديد للأمم المتحدة، في نفس الوقت الذي تسعى فيه إلى الدفع بمرشحها الآسيوي. \r\n \r\n يانج تانج \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في واشنطن \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n