\r\n والوظيفة التي يتسابقون عليها هي بالطبع, وظيفة امين عام الأممالمتحدة كوفي انان الذي ستنتهي مدة ولايته في 31 ديسمبر. ومن المعروف تاريخيا ان الوظيفة تنتقل وفقا لكل منطقة, ووفقا للتقاليد فقد جاء دور آسيا. ولكن الأمور ليست بسيطة داخل الأممالمتحدة كما ان المناطق والعديد من الدول تتنازع حول دور آسيا القادم في تولي المسؤولية عن الأممالمتحدة, وبخاصة انهم يمثلون الآن مجموعة منفصلة تماما ظهرت عقب الحرب الباردة.\r\n ولكن اي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن يمكنها الاعتراض على اختيار الأمين العام للأمم المتحدة (وهذه هي السلطة التي استخدمها الرئيس بيل كلينتون بحكمة عام 1996 من اجل الحيلولة دون تعيين بطرس بطرس غالي لفترة ولاية ثانية) ويبدو ان روسيا متأكدة تماما من قدرتها على الاعتراض على أي مرشح لا ترضى عنه ولا عن (خلفيته السياسية). \r\n هذا وقال السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة ان الهيئة الدولية يجب ان لا تسير وفقا لنظام التعاقب أو المناوبة, وان نترك المجال لاختيار افضل الرجال أو النساء. \r\n وطبقاً لميثاق الأممالمتحدة فإن منصب الأمين العام يذهب بالتعاقب إلى الكتل الإقليمية الممثلة في المنظمة لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد لفترة مماثلة، على أن ينتخب شاغله بالتصويت السري من قبل الجمعية العامة بناءً على توصية من مجلس الأمن الذي يلعب أعضاؤه الخمس الدائمون دوراً حاسماً في العملية. وتشير المواقف الماضية إلى أن كل الأمناء السابقين جُدد لهم باستثناء الأمين العام السادس المصري بطرس بطرس غالي. إلا أن خروج غالي لم يفقد الكتلة الأفريقية المنصب، بل ظل في عهدتها باختيار الغاني كوفي انان لفترتين متتاليتين. ومن هنا فإن أفريقيا هيمنت على المنصب لمدة 15 عاماً، وهي فترة قياسية أثارت حنقاً صامتاً لدى كتل إقليمية أخرى تنتظر دورها, ولا سيما الكتلة الآسيوية الأضخم في المنظمة (56 دولة)، الأمر الذي يجعل مسألة التجديد لانان أو أي شخصية أفريقية أخرى مستبعداً. \r\n وعلى ضوء هذه الحقائق، تبدو مسارعة الدول العشر الأعضاء في تكتل آسيا في قمتها الأخيرة في لاوس إلى الاتفاق بالإجماع على ترشيح وزير الخارجية التايلاندي الدكتور سوراكيارت ساتيراتاي (46 عاماً) لشغل المنصب في هذا الوقت المبكر عملية مقصودة لقطع الطريق على مرشحين آخرين من كتل إقليمية أخرى وفق مبدأ (من يأتي أولاً يحصد أولاً)، أو كما قال مندوب الفلبين في الأممالمتحدة لورو باجا: الطائر الذي يحط أولاً يأكل كل الطعام. حيث ترددت أنباء في الفترة الأخيرة حول تطلع دول أوروبا الشرقية إلى المنصب في شخص الرئيس البولندي ألكسندر كواسنييسكي، على اعتبار أنها همشت تماماً على هذا الصعيد في الماضي. \r\n وإذا ما أخذنا في الاعتبار حقيقة أن وزراء خارجية مجموعة آسيان كانوا قد اتفقوا على الموضوع أصلاً أثناء لقائهم في نيويورك في سبتمبر الماضي على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن قرار المجموعة الأخير ليس سوى مصادقةً وتأكيداً من زعمائها على ما اتخذ قبل تأزم وضع الأمين العام الحالي، ولا علاقة له باحتمالات خروجه مبكراً. \r\n وتبدو حظوظ آسيا هذه المرة قوية لأسباب كثيرة، وإن كان من المبكر الجزم بنجاحها في ما تسعى إليه، انطلاقاً من حقيقة أن اختيار أمين عام جديد للمنظمة الدولية عملية طويلة, وعادة ما ترافقها الضغوط والمساومات والتهديدات خلف الأبواب المغلقة، وتخضع لمعايير وشروط متغيرة، ويدخلها ويخرج منها أسماء كثيرة قبل الرسو عند اسم معين. \r\n من هذه الأسباب أن المرشح الآسيوي ينتمي إلى تايلاند، وهي دولة لا تثير حساسية لأي طرف فاعل على الساحتين الدولية والإقليمية، بعكس ما لو كان المرشح هندياً أو باكستانياً أو صينياً أو إيرانياً أو حتى أندونيسياً أو فلبينياً أو سريلانكياً. فالعرف الذي ساد في الأممالمتحدة هو عدم إسناد منصبها الأعلى لشخصيات من دول غارقة في نزاعات إقليمية, أو صاحبة طموحات وأجندات عالمية, أو ذات أنظمة قمعية متوحشة, أو تكرر منها خرق مبادئ وقرارات المنظمة. وتايلاند بطبيعة الحال ليست هذا ولا ذاك. \r\n ومن هنا فإن تايلاند ترتبط بعلاقات ودية قديمة ومتينة ومتشعبة بالولاياتالمتحدة الأميركية التي تعتبر موافقتها ودعمها ورضاها شرطاً ضرورياً لمن يسعى للفوز بكرسي الأمين العام، خاصة في ظل بروزها كقطب عالمي أوحد, ومساهمتها بما يصل إلى ربع إجمالي ميزانية الأممالمتحدة، ناهيك عن وجود المنظمة على أراضيها. وفي الوقت نفسه ترتبط تايلاند بعلاقات وطيدة سياسياً واقتصادياً مع بقية الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، الأمر الذي يستبعد معه استخدام هذه القوى لحق النقض (الفيتو) ضد مواطنها. \r\n ومن جهة أخرى تبدو آسيا ممثلة بقواها الإقليمية الكبرى أو المؤثرة موحدة خلف المرشح التايلاندي، مما لا يترك مجالاً للادعاء بعدم اتفاق الآسيويين فيما بينهم كمبرر لمنح المنصب الدولي لكتلة إقليمية أخرى مثلما حدث عند انتهاء ولاية بطرس غالي في عام 1996. وأفضل دليل على صحة ما نقول أن الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وباكستان سارعت إلى تزكية قرار مجموعة آسيان فور صدوره. \r\n وإذا ما نقبنا في سيرة المرشح التايلاندي، نجد أنه يمتلك مؤهلات شغل المنصب بجدارة وتميز. فهو شاب ديناميكي واثق يجمع ما بين الخبرة الأكاديمية (عمل أستاذاً للقانون الدولي, وعميداً لكلية الحقوق في جامعة تشولالونغ كورن, ومديراً لمعهد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية في بانكوك) والخبرة الدبلوماسية (يشغل حقيبة الخارجية منذ عام 2001، وما بين العمل السياسي (يتولى منصب نائب رئيس حزب تاي راك تاي الحاكم بقيادة رئيس الحكومة تاكسين شيناواترا) والخبرة المالية والاقتصادية (عمل عضواً في مجلس الاستثمار، ورئيساً لمفوضية الأمن النقدي، وقاد لجانا برلمانية حول الميزانية العامة، وترأس مجلس إدارة هيئة النفط التايلاندية، كما عمل مستشاراً اقتصادياً لأكثر من رئيس حكومة في بلاده، قبل أن يصبح وزيراً للمالية في عام 1996). وبالنسبة للشهادات الأكاديمية، فإنه يحمل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد الأميركية العريقة، إضافة إلى درجة ماجستير ثانية من كلية فليتشير للقانون والدبلوماسية في جامعة توفتس الأميركية. \r\n ريتشارد هولبروك \r\n سفير الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة خلال ادارة كلينتون \r\n خدمة واشنطن بوست خاص ب(الوطن)