غير أن بعض السياسيين البروتستانت أبدوا حماساً أقل، وأعلنوا يوم الاثنين أنهم في حاجة إلى استشارة السكان لمعرفة مدى تأييدهم لإعادة إحياء اقتسام السلطة. \r\n وقد شكل إنشاء برلمان محلي، حيث السكان الكاثوليك والبروتستانت يشرعون القوانين جنباً إلى جنب، حجر الزاوية في اتفاقات الجمعة العظيمة التي وقعت عام 1998 ووضعت إطاراً لإحلال سلام دائم بأيرلندا الشمالية. ومنذ توقيع الاتفاق، التزم الجيش الجمهوري الأيرلندي ومجموعات بروتستانتية شبه عسكرية بوقف إطلاق النار. كما شكل إعلان الجيش الجمهوري الأيرلندي العام الماضي عن نزع سلاحه دعماً قوياً للهدوء في هذا الإقليم. \r\n الجلسة الافتتاحية التي استمرت زهاء الساعة واحتضنتها إحدى قاعات المبنى المهيب المعروف باسم \"ستورمونت\"، شكلت خطوة احتفالية إضافية في اتجاه إحلال السلام. ولكن بعد أن جلس النواب المئة والثمانية في مقاعدهم الوثيرة الزرقاء اللون، طفت الكراهية التي مازالت تزهق الأرواح هنا على السطح من جديد، حيث وقف أعضاء البرلمان دقيقة صمت ترحماً على روح الطفل الكاثوليكي ذي الخمسة عشر عاماً الذي طاردته مجموعة من الشبان البروتستانت الأسبوع الماضي لمسافة نصف ميل، قبل أن تقتله ضرباً. \r\n وإذا كانت أهداف البرلمان على المدى البعيد تتمثل في السلم والرخاء وإدارة الشؤون الداخلية، فإن الجانبين يجمعان على أن هدفهما في الوقت الراهن هو إعادة إنشاء هيئة تشريعية تضم أناساً لم يتحدثوا مع بعضهم بعضاً من قبل. وفي هذه الخطوة الأولى التي خطاها الجانبان يوم الاثنين وقع النواب السجل الرسمي للبرلمان، مشيرين فيه إلى عضويتهم إضافة إلى إشارة \"وطني\" بالنسبة للكاثوليك الذين يفضلون إعادة توحيدهم مع جمهورية أيرلندا، و\"وحدوي\" بالنسبة للبروتستانت الذين يرغبون في استمرار الحكم البريطاني، و\"آخر\" بالنسبة لأقلية قليلة تقف بين الجانبين. \r\n وقد أعلنت الحكومة البريطانية أن صبرها بدأ ينفد في ظل عجز ساسة أيرلندا الشمالية عن تشكيل حكومة محلية تحل محل لندن في مجالات مثل التربية والرعاية الصحية والنقل. ومما يذكر في هذا السياق أن لندن أنفقت أكثر من 160 مليون دولار على رواتب أعضاء البرلمان ونفقات أخرى منذ انهيار البرلمان السابق في أكتوبر 2002. وقد حدد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ونظيره الأيرلندي \"بيرتي آهيرن\"، الذي تعد حكومته لاعباً أساسياً في عملية السلام بالإقليم، مهلة للبرلمان تنتهي في الرابع والعشرين من نوفمبر المقبل من أجل انتخاب وزراء الحكومة الذين سيتولون إدارة الشؤون المحلية اليومية في الإقليم. \r\n وقال الوزير البريطاني المكلف بأيرلندا الشمالية \"بيتر هين\" في رسالة بعث بها إلى المجلس التشريعي الجديد \"إننا لن نتراجع عن المسار الذي اخترناه\"، وأضاف \"هين\"، الذي دعا أعضاء البرلمان إلى \"فعل ما انتُخبوا لفعله\"، أن أولئك الذين يحاولون المماطلة وعدم احترام أجل الرابع والعشرين من نوفمبر \"سيجدون أنفسهم من دون وظيفة، ومن دون راتب، وسيضطرون إلى إغلاق مكاتبهم\". \r\n ولدى افتتاح البرلمان، كانت جميع الأنظار موجهة إلى الرجل الذي يرى الكثيرون أن بيده مستقبل المجلس التشريعي. والحديث هنا عن القس \"إيان بيزلي\"، رجل الدين البروتستانتي طويل القامة الذي طبع الحياة السياسية في أيرلندا الشمالية لأكثر من 40 عاماً، إذ يرى كثيرون من الجانبين أن \"بيزلي\"، الذي يتحكم في أكبر كتلة في البرلمان، باستطاعته أن يحكم على البرلمان بالفشل إن هو استمر على مواقفه القديمة ورفض الحكم مع زعماء \"الشين فين\". \r\n وبالرغم من إصرار الجيش الجمهوري الأيرلندي على أنه تجرد من السلاح، إلا أن \"بيزلي\" قال أمام الصحافيين بعد انتهاء الجلسة إنه ما زال يعتبر \"الجيش الجمهوري الإيرلندي/ الشين فين\" كياناً \"إرهابيا\" واحداً لم ينزع سلاحه ويقوم بأنشطة إرهابية. وبالرغم من أن مراقبين مستقلين تحققوا من أن الجيش الجمهوري الأيرلندي قد نزع سلاحه بالفعل، إلا أنهم أوضحوا أن بعض أعضاء الجيش الجمهوري الأيرلندي، إضافة إلى أعضاء جماعات بروتستانتية شبه عسكرية، ما زالوا مسلحين ويقومون بأنشطة غير قانونية. \r\n وقال \"بيزلي\" الذي كان محاطاً بأعضاء من حزبه، الحزب الديمقراطي الوحدوي، \"لن تكون لهذا الحزب أية علاقة مع أي حزب له صلة بالإرهابيين، أو القتل، أو الجريمة\". ومن جانبه، قال بيتر روبنسون، نائب \"بيزلي\"، والذي بدا أقل تشاؤماً، إن حزبه يعتزم الشروع قريباً في مشاورات داخل الطائفة الوحدوية من أجل قياس درجة تأييدها لحكومة تقوم على أساس اقتسام السلطة، مضيفاً أن العملية قد تستغرق شهوراً. \r\n \r\n \r\n كيفين ساليفان \r\n مراسل واشنطن بوست في بلفاست \r\n ينشر بترتيب خاص مع \"لوس أنجلوس وواشنطن بوست\" \r\n \r\n