\r\n ويذكر أن القادة الأميركيين العسكريين في العراق قد صرحوا بأنه إذا ما اندلعت حرب أهلية بين السُنة والشيعة في العراق، فإنهم سيتركون قوات الأمن العراقية كي تتعامل معها ولن يتدخلوا هم بين المقاتلين. ولكن الأمر الذي يؤسف له هو أن قوات الأمن العراقية تلك تتحول بشكل متزايد الآن إلى قوات شيعية، وفي حالة الشرطة تحديداً، فإنها قد أصبحت مخترقة من قبل تلك المليشيات. \r\n بناء على ذلك يمكن القول إن فحوى موقف الأميركيين هو ترك السُنة والشيعية يتقاتلان حتى النهاية إلى أن يتمكن طرف منهما من هزيمة الآخر. وهذا بدوره يطرح سؤالاً حول المعنى من الاحتفاظ بقوات أميركية كبيرة في العراق، طالما أنها لن تتدخل من أجل إيقاف الحرب الأهلية، وطالما أن قادة تلك القوات يعلمون يقينا أن البديل لعدم تدخلهم قد يكون أوخم عاقبة بما لا يقاس. \r\n وهذه الورطة ترتبت في الحقيقة على خطأين تم ارتكابهما بعد استرداد العراقيين لسيادتهم المفترضة من سلطة الائتلاف المؤقتة عام 2004. الخطأ الأول، هو أن الأميركيين والحكومات العراقية السابقة، فشلوا في تطبيق الحظر الذي تم فرضه على المليشيات، والذي تم التوصل إليه من خلال المفاوضات التي أجرتها سلطة الائتلاف المؤقتة، وتم تفعيله باعتباره قانوناً عراقياً، على الرغم من أن مختلف المليشيات التي اشتركت في تلك المفاوضات، وافقت على حل نفسها باستثناء \"جيش المهدي\" التابع لمقتدى الصدر. \r\n الخطأ الثاني أن وزارة الداخلية التي تسيطر على قوات الشرطة قد تُركت كي تسقط في أيدي منظمة شيعية أخرى هي \"فيلق بدر\". والولاياتالمتحدة مطالبة- في الوقت الذي تقوم فيه بمحاربة السُنة- أن تستخدم أي نفوذ تبقى لها في العراق في السيطرة على المليشيات الشيعية. وعلى الرغم من أن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل، فلا مفر من العمل لتحقيقه، من خلال طريق وحيد هو إحياء الحظر الذي تم فرضه عام 2004 على المليشيات أولاً، ثم العمل على تنفيذه ثانياً، وذلك من خلال صفقة تقوم على ما يلي: \r\n 1- تقديم التدريب على وظائف، ثم التعيين في تلك الوظائف لكافة مقاتلي المليشيات الذين يبدون الرغبة في إلقاء السلاح، وذلك من خلال جهد مشترك يأخذ صورة برنامج ضخم تقوم به الولاياتالمتحدة والحكومات العراقية، لإقناع هؤلاء المقاتلين أن هناك بديلا لحمل السلاح، والانخراط في حرب أهلية، يتمثل في الالتحاق بوظائف للمشاركة في إعادة إعمار العراق، وبناء مساكنه المتداعية، وإعادة بناء بنيته التحتية المدمرة. وتكلفة هذا البرنامج ومهما كانت ستكون ضئيلة بالمقارنة بفاتورة الحرب الأهلية. ويمكن مطالبة الأوروبيين ودول أخرى غيرهم بالمساهمة في تمويل مثل هذه القضية الجديرة بالدعم إذا ما دعت الضرورة لذلك. \r\n 2-السماح لمقاتلي المليشيات بالالتحاق بقوات الأمن العراقية كأفراد وليس كمجموعات يربط بينها سلسلة قيادة. يعني هذا أنه يجب نزع وزارتي الدفاع والداخلية على وجه التحديد من الأحزاب والسياسيين، الذين يرغبون في هيمنة المليشيات التابعة لهم على قوات الأمن. وما يبدو أمامنا الآن هو أن الولاياتالمتحدة والوزارة العراقية الجديدة، مصممتان على وضع هاتين الوزارتين السياديتين تحديداً تحت أيدي وزيرين مستقلين غير مرتبطين بأحزاب. \r\n 3-القيام بحل الجزء المتبقي من أعضاء المليشيات الذي لم يوافق على تلقي التدريب على الوظائف، أو الانضمام إلى قوات الأمن العراقية كأفراد كما أوضحنا. ويذكر في هذا السياق أن القانون الصادر بحل المليشيات عام 2004 ينص على ضرورة استبعاد أي حزب يحتفظ بمليشيات– مثل \"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق\" الذي يسيطر على \"فيلق بدر\"- من معادلة السلطة، بدلاً من مكافأته بالحصول على مناصب عالية. وبعد ذلك يجب على الجيش الأميركي وقوات الجيش العراقي، العمل معاً من أجل نزع- بالقوة- سلاح ما تبقى من مليشيات تصر على الاستمرار في العمل على الرغم من البدائل التي طرحها عليها الطرفان. وإذا لم يتم ذلك، فإن البديل هو استهتار تلك المليشيات بالقانون وقيامها بتصعيد العنف الطائفي كما يريد المتطرفون من السنة مثل أبو مصعب الزرقاوي. \r\n وبمقدار نجاح الخطوتين الأوليين، تتوقف سهولة أو صعوبة عملية التخلص من المليشيات المتبقية، علما بأن هاتين الخطوتين لن تنجحا، ما لم يكن هناك تهديد جدي ويحمل مصداقية تشهره القوات الأميركية والحكومية العراقية، بحل تلك المليشيات في حالة عدم قبولها بالبدائل المطروحة عليها. \r\n أما الأكراد الذين يملكون مليشيا هم الآخرون، فيجب أن يمتثلوا لقانون حل المليشيات، خصوصاً أن القانون العراقي يسمح للغالبية العظمى من تلك المليشيات بالإنضمام إلى قوات الحكومات الإقليمية الكردية. \r\n مرة أخرى أقول: لا القوات الأميركية ولا الحكومة العراقية قادرة- كل واحدة منهما بمفردها- على حل المليشيات، وبالتالي، عليهما القيام بهذا الجهد بالشراكة بينهما، خصوصاً بعد تعيين رئيس الوزراء الجديد \"جواد المالكي\" الذي يبدو أنه لن يسمح بسيطرة الأحزاب التي تمتلك مليشيات على الحكومة الجديدة. \r\n وكل ما هو مطلوب أن يعمل الاثنان على تفعيل قانون حل المليشيات. أما إذا لم يقوما بذلك، فإن الولاياتالمتحدة ستجد أن الدفاع عن قواتها في العراق سيغدو مسألة تزداد صعوبة باستمرار. \r\n \r\n ديفيد سي. جومبرت \r\n زميل رئيسي في مؤسسة \"راند\" البحثية غير الربحية، وكبير مستشاري الأمن القومي والدفاع لسلطة الائتلاف المؤقتة في العراق عامي( 2003 -2004). \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n