\r\n وعندما تبدأ هذه الحرب, فستكون بين ايران واسرائيل - وقبل ان تنتهي, فقد تشعل كلّ منطقة الشرق الأوسط بالنار, جارّة الولاياتالمتحدة اليها, ومخلّفة وراءها حالة من عدم الاستقرار ستمتدّ اجيالا, وتنهي قرن التفوّق الامريكي. \r\n \r\n وعلى الرغم من المجازفات الكبيرة, فتبدو ادارة الرئيس بوش وكأنها لاحظت وحسب, الخطر الناجم من صفقة الصواريخ الروسية التي باعتها لإيران. لكن الدلالات ماثلة أمام كل من يريد قراءتها. \r\n \r\n ففي الوقت الذي يتصاعد الضغط على البرنامج النووي الايراني, اصبح الايرانيون اكثر انشدادا للحرب ضد الولاياتالمتحدة واسرائيل. اذ صرّح الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد, في الاسبوع الماضي, بأن اسرائيل »نظام مزوّر«, وبأن هذا النظام »لا يقوى على البقاء من الناحية المنطقية«. وبعده قال الزعيم الايراني الاعلى, آية الله علي خامينئي, محذّراً من انه »اذا غامرت الولاياتالمتحدة بعدوان على ايران, فستردّ ايران بضرب المصالح الامريكية في جميع انحاء العالم«. \r\n \r\n وقد صعّدت اسرائيل, من جانبها, من هذه التصريحات الساخنة ايضا. اذ اكدّ رئيس الحكومة, ايهود اولمرت, من جديد, على تصميم اسرائيل »على التأكدّ من عدم تمكّن اي دولة او سلطة من القدرة على تدميرنا«. \r\n \r\n هذا وحده كاف لإثارة اعصاب اي مراقب اثارة شديدة. ففي حزيران من عام ,1981 شنّت اسرائيل وحدها غارة جوّية على المفاعل النووي العراقي قرب بغداد. اما المرافق النووية الايرانية فمبعثرة, ومخبأة تماما, ما يجعل توجيه ضربة استباقية اسرائيلية اكثر صعوبة من السابق بما لا يقاس. ومع ذلك, فما من سبب يدعو الى الشك في رغبة اسرائيل بالمحاولة. \r\n \r\n وبطبيعة الحال, ما من دليل متوافر على امتلاك ايران لقدرات هجومية نووية. بل انه حتى توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران, سيكون خطوة خطرة بالنسبة لاسرائيل, لأنها ستشعل عدم الاستقرار في المنطقة كلّها. وفي غياب الوساطة الخارجية, يكون بين يدي اسرائيل دافع جوهري للانتظار, ولترى ان امكن الوصول الى حلّ ديبلوماسي. غير ان الاندفاع الروسي ربما يزيل الحافز الاسرائيلي للسعي الى طريق السلام الديبلوماسي. \r\n \r\n يواصل الزعماء الرّوس التشدّق بالتفاهات الديبلوماسية الاعتيادية حول الديمقراطية والتعاون الدولي, لكن روسيا تلعب عمليا لعبة مزدوجة معقدة. فيوم الثلاثاء الماضي, اطلقت روسيا قمرا اصطناعيا تجسسيا لاسرائيل, يمكّن الاسرائيليين من مراقبة المرافق النووية الايرانية. وفي اليوم ذاته, اكد الزعماء الرّوس على معارضتهم لأية محاولة من مجلس الامن الدولي لفرض عقوبات على ايران, وعلى نيّتها بالمضي قدماً في اتمام صفقة بيع »29 تور إم 1« من نظم الصواريخ الدفاعية لإيران. وفي هذا الخصوص, اعلن نيكولاي سباسكي, نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي, بأنه »ما من ظروف ستقف في طريقنا, لتنفيذ التزاماتنا في مجال التعاون العسكري مع إيران«. \r\n \r\n ان التطورات اللاحقة لصواريخ »تور«, حول المواقع النووية الايرانية, تغيّر الحسابات في الشرق الأوسط تغيرا مثيرا, وستُعلي نسبة المخاطرة بحرب اقليمية بشكل ملحوظ. فمتى ما نشرت هذه الصواريخ, فمعنى ذلك ان الدفاعات الجوية الايرانية ستكون أكثر تقنية, وبالتالي من المرجح ان تفقد اسرائيل اية قدرة تملكها الآن لأن تدمّر وحدها المرافق النووية الايرانية. \r\n \r\n عقارب الساعة تدق بالنسبة لاسرائيل. فإن كان لها امل بالنجاح, فيجب ان تنطلق اية خطوة احادية من جانبها قبل شهر ايلول, وهو موعد انجاز نشر صواريخ »تور«. \r\n \r\n وفي احسن الاحوال, فإن نزاعا ينشب بين اسرائيل وايران (بما يترتّب عليه من اصابات بين المدنيين), من شأنه ان يزيد من التهاب المشاعر المعادية لاسرائيل في العالم الاسلامي, مصحوبا بتزايد اعمال الارهاب ضد اسرائيل وضد الولاياتالمتحدة - المؤيّد الخارجي الرئيسي لها. وفي أسوأ الأحوال, واذا ما توّرطت الولاياتالمتحدة في هذا النزاع, فقد ينفجر الشرق الاوسط كلّه, وتتضاعف الهجمات الارهابية في جميع انحاء العالم, وتلحق بالقوات الامريكية واسعة الانتشار اضرار بالغة, ويخبو التأثير الدولي للولايات المتحدة.. وربّما للأبد. \r\n \r\n اذا, ماذا تقصد روسيا? يوحي المحلّل الروسي أندريه بيونتكوفسكي, بأن أوليغاركيي النفط والغاز في روسيا, لن يذرفوا الدموع على حرب تندلع في الشرق الأوسط, خاصة إذا كانت حرباً تحرق الولاياتالمتحدة, وتبقي على أسعار النفط مرتفعة. \r\n \r\n وحتى في هذه الحالة, فليس الوقت متأخرا, ولا هو قد فات, لتفادي نشوب حرب في الشرق الاوسط. ولعلّ التهديد الأمريكي المبطّن, وإن يكن حازماً, بمقاطعة قمة الثماني, التي ستعقد في بطرسبيرغ في تموز, قد تُلهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتجميد نقل الصواريخ. كما ان تسهيل انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية, قد يدع الفرصة لأوليغاركيي النفط والغاز الروس للمشاركة في هذا الامر. ان تجميد صفقة الصواريخ سيوفر وقتاً لازماً جداً لايجاد حلّ ديبلوماسي للوضع المتجمد حول برنامج ايران النووي. \r\n \r\n على انه من سوء الطّالع, ان تكون ادارة بوش غافية في دوران هذه العجلة, ومخبلة بقضية العراق, وبأسعار الغاز والنفط الفلكية, وبالتدهور الحادّ في شعبية الرئيس بوش لدرجة انه لم يُعِرْ أي اهتمام لهذا الأذى الكارثي المحتمل من روسيا. \r\n \r\n وفي هذه الأثناء, ما تزال الساعة تدّق. \r\n