ومحامي هذا الرجل يقول إنه لم توجه إليه تهمة رسمية، ولم يتم التحقيق معه، كما لم يتم إخباره عن الأدلة التي استندت إليها الشرطة في القبض عليه. \r\n بعد مرور ما يزيد على أربع سنوات ونصف على الحادي عشر من سبتمبر، وبعد الهجمات المدمرة التي وقعت في مدريدولندن، ازداد نطاق الجدل الدائر في الدول الديمقراطية الغربية، حول الموازنة بين ضرورات التصدي للإرهاب وبين الحريات الشخصية، وخصوصاً بعد تشديد الإجراءات القانونية التي تستخدمها الدول في التعامل مع المشتبه في علاقتهم بالإرهاب. \r\n وهذا التنازع بين الأولويات ملحوظ بشكل خاص في الولاياتالمتحدة الأميركية، حيث تجسد في السجال الداخلي الذي كان مثاراً قبل تجديد \"القانون الوطني\"، كما تجسد في الضجة العالمية المثارة ضد أميركا بسبب الانتهاكات التي ارتكبها جنودها سواء في سجن \"أبوغريب\" أو في معتقل \"جوانتانامو\". \r\n والملاحظ أن الدول الأوروبية التي كانت تنتقد الإجراءات الأميركية المطبقة لمكافحة الإرهاب، قد قامت من جانبها بتوسيع نطاق المراقبة للمشتبه بهم، وكذلك زيادة نطاق الصلاحيات القانونية اللازمة للتعامل معهم. ويقول المحامون وخبراء القانون الدولي إن أوروبا هي الأخرى تعاني من تآكل بطيء للحريات المدنية، خصوصاً في الوقت الراهن الذي تقوم فيه الحكومة بإعطاء أولوية للوقاية من الهجمات الإرهابية على المسائل الخاصة بحماية حقوق الأفراد المشتبه بهم، والذين لم تتم إدانتهم بعد بارتكاب جرائم. \r\n يذكر في هذا السياق أن معظم مواد القانون البريطاني، الذي يجرِّم أية محاولة من جانب أي شخص ل\"تمجيد الإرهاب\" -وهي عبارة غامضة الصياغة في الحقيقة- قد دخل إلى حيز التنفيذ يوم الخميس الماضي، وأن كلاً من إيطاليا ونيوزيلندا قد قامتا بدورهما بتخفيف الشروط التي يمكن بموجبها للاستخبارات ممارسة التنصُّت على مكالمات المشتبه بهم. أما في فرنسا فقد أعطى القانون المشرعين سلطات أكبر للرقابة على الهواتف وشبكة الإنترنت. وفي ألمانيا تتم في الوقت الراهن أيضاً صياغة قانون يسمح لأجهزة الاستخبارات بالاطلاع على الحسابات البنكية ودفاتر تسجيل السيارات. \r\n وحول هذا الأمر يقول \"ألفارو جيل روبليز\"، مفوض حقوق الإنسان في المجلس الأوروبي، وهو هيئة حكومية مشتركة تقوم برصد انتهاكات حقوق الإنسان: \"إننا نقوم الآن بالعبث بأشياء كانت تعتبر غير قابلة للمساس بها منذ سنوات قليلة\". \r\n وتسعى بعض الدول الأوروبية للبحث عن طرق لإبعاد المشتبه بهم إلى بلادهم حتى لو كانت تعلم أن تلك البلاد تمارس التعذيب. وهذا الأمر يتناقض مع المعاهدات الرئيسية للأمم المتحدة وتلك التي أبرمتها الدول الأوروبية والتي تمنع الإبعاد إذا ما كان هناك احتمال لأن يواجه المشتبه بهم التعذيب في بلادهم. \r\n ولكن تلك الحكومات تتبنى وجهة نظر تتماثل مع وجهة النظر التي تتبناها الجهات الأميركية الداعية إلى تشديد الإجراءات الأمنية والتي تقول إن الإرهاب الدولي يتطلب استخدام وسائل وأساليب جديدة للمواجهة، وخصوصاً أن القوانين الجنائية المطبقة حالياً لا تكفي للتعامل مع التهديد الذي يشكله الإرهاب. \r\n ومن الاتجاهات البارزة في هذا المجال الاتجاه إلى زيادة مدة الحبس الاحتياطي وتشديد القيود على التمثيل القانوني للمشتبه بهم. \r\n ففي شهر ديسمبر الماضي قامت فرنسا بتمديد فترة الاحتجاز للأشخاص المشتبه بعلاقاتهم بالإرهاب من 4 أيام إلى 6 أيام، كما أبقت على القانون الذي يحرم مثل هؤلاء الأشخاص من الاستعانة بمحام خلال الثلاثة أيام الأولى من الاحتجاز. \r\n أما إيطاليا فقد مددت هي الأخرى فترة الاحتجاز من 12 يوماً إلى 24 يوماً للمشتبه بعلاقاتهم بالإرهاب، كما منحت تفويضاً للشرطة للتحقيق معهم في غياب محاميهم. وفي عام 2003، قامت أسبانيا بتمديد الفترة التي يمكن خلالها حبس الإرهابيين حبساً انفرادياً إلى 13 يوماً كحد أقصى. \r\n أما بريطانيا فقد ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك. فالقانون الأخير الخاص بمكافحة الإرهاب الذي أصدرته يضاعف الفترة التي يمكن فيها احتجاز أحد المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب إلى 28 يوماً في حين أن تلك المدة لم تكن تزيد على 48 ساعة عام 2001، وقد حاول رئيس الوزراء البريطاني توني بلير جاهداً أن يجعل هذه المدة تمتد إلى 3 شهور. \r\n والقانون الجديد يأتي عقب قانون جديد آخر كان قد تم إصداره في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر يجيز احتجاز الأشخاص المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب إلى أجل غير مسمى دون تهمة، وذلك قبل أن يقوم مجلس اللوردات بتحريم ذلك في أواخر عام 2004. \r\n وقامت الحكومة البريطانية الساعية والمتلهفة للعثور على طريقة للتعامل مع 10 أشخاص محتجزين حجزا تحفظيا في سجن \"بلمارش\" في لندن بتقديم مقترح بتطبيق نوع جديد من الإقامة الجبرية الجزئية يعرف باسم \"قانون المراقبة\" وهو قانون يحد إلى درجة كبير من حرية الحركة للأشخاص الذين يطبق عليهم. ومنذ الصيف الماضي تسعى بريطانيا إلى البحث عن طرق لإبعاد ثمانية من الرجال إلى بلادهم على رغم أنها تعرف أن تلك البلاد تمارس التعذيب. \r\n وأحد هؤلاء الرجال هو الجزائري المشار إليه في بداية هذا المقال. \r\n مع ذلك يقول المحامون إن الإجراءات التي تطبقها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وأسبانيا هي نسخ مخففة من القانون الذي ينص على اعتقال \"مقاتلي العدو\" المطبق في الولاياتالمتحدة. \r\n وحول هذا الأمر يقول \"جاك ديبراي\" المحامي المتخصص في شؤون الهجرة والقانون الجنائي، والذي قام بالدفاع عن عدد من المشتبه بانتمائهم للإرهاب: \"هناك نوع من التشابه بين ما يحدث هنا وما يحدث في الولاياتالمتحدة.. الفرق الوحيد هو أنهم يعتقلون الأشخاص على أساس إداري في حين أننا نقوم بإنشاء إطار قانوني أولاً يمكننا بموجبه التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص ولكن المنطق واحد هنا وهناك وهو: الاحتجاز الوقائي \r\n \r\n كاترين بينهولد \r\n محررة- إنترناشيونال هيرالد تريبيون \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\"