\r\n يبدو ظاهريا أن الجميع فوجئ بالقضية بعد أن أبرمت موانئ دبي بالفعل صفقة شراء مجموعة بي اند او البريطانية. بيد أن أي إنسان يلقي نظرة عابرة على أخبار الاقتصاد العالمية لابد انه علم منذ أسابيع بأن بي اند او معروضة للبيع وأن هناك عرضين وحيدين للشراء ، لشركتين حكوميتين هما شركة موانئ دبي وشركة تيماسيك السنغافورية القابضة ، التي تسيطر على ميناء سنغافورة. فلماذا لم تثر الضجة في ذلك الوقت؟ \r\n قد يكون هناك عنصر تحيز في المسألة ، حيث انه ربما كان المعارضون الآن يتوقعون ، وإن شئت الدقة ، يأملون في أن تحصل سنغافورة ، وهي حليف غير مسلم للولايات المتحدة ، على الصفقة. إلا أن المرجح هو أن أعضاء الكونغرس الثائرين اليوم كانوا في غفلة عن العالم الخارجي ، وان الطريقة الوحيدة التي يعارضون بها حاليا الصفقة من دون أن يشتم منها رائحة العنصرية هي الإصرار على انه لا ينبغي السماح للحكومات الأجنبية بتملك موانئ أميركية. \r\n الضرب الثاني من الجهل الذي فاح من معظم التغطيات الإعلامية للقضية هو انعدام أي إشارة للانتشار العالمي لأنشطة موانئ بي اند او ، حيث إنها تملك منشآت في معظم الموانئ الرئيسية في بريطانيا (لندن وساوث هامتون) ، بلجيكا (انتويرب) ، فرنسا (مرسيليا) ، الهند (مدراس) ، الصين (شيكاو) ، أستراليا (سيدني وملبورن) ، الأرجنتين (بيونس أيرس) وغيرها. فهل كانت هناك احتجاجات من السياسيين أو وسائل الإعلام في هذه البلدان؟ هل أعلنت أجهزتها الأمنية حالة التأهب؟ \r\n يصح القول أن البريطانيين امتعضوا بعض الشيء لخسارة ملكية واحدة من اكبر شركاتهم ، ولكن لا أحد قال بأن الأمن بات في خطر بسبب الملكية العربية. لا يوجد اعتراضات إلا في الولاياتالمتحدة على تلك الصفقة التجارية المحضة ، التي دفعت فيها دبي مبلغا كبيرا من المال كي تبني لنفسها مركزا كمحور تجاري دولي ، وهو أمر تجهد في عمله بنجاح منذ سنوات. \r\n كما أن الجهل الواضح فيما يخص دبي نفسها يثير الدهشة. ذلك أنها كإمارة تجارية صغيرة لم يكن لديها خيار آخر غير التعامل مع جيرانها بنفس الطريقة التي تتعامل بها سنغافورة وهونغ كونغ ، بصرف النظر عن الجانب السياسي. بالتأكيد هي ليست نموذجا مثاليا للديمقراطية ، لكنها مجتمع منفتح على الثقافات المختلفة والتجارة من أي نوع اكثر من أي دولة في منطقة الخليج. (حتى أنها تملك صحيفة ناطقة بالانكليزية تغطيتها الصحفية اكثر شمولا من اي صحيفة أميركية). \r\n المستوى الرابع من الجهل هو أن ملكية هذه الأصول الأساسية غير القابلة للنقل مثل الميناء هو لا علاقة لها بعملياته ، والتي تندرج جميعها تحت القوانين والتشريعات الأميركية وإشراف وزارة الأمن الداخلي ، وأي تهديد إرهابي قد تشكله الموانئ على أميركا إنما هو عبر الحاويات التي تصل إلى هناك ، وليس عملية التفريغ ؛ فضلا عن أن بي اند او لا تسيطر على الموانئ الأميركية المختلفة التي لها فيها عمليات. هي فقط واحد من العديد من ملاك الموانئ. \r\n ولو انه لسبب ما اعترضت الولاياتالمتحدة على الملكية الأجنبية ، لماذا لم تفعل ذلك عندما كان البريطانيون يسيطرون على بي اند او؟ انه امر غريب بشكل خاص ان نرى اليوم الاميركيين يتذمرون ليس على صفقة شراء من المصالح الاميركية ولكن فقط على نقل الملكية بين مستثمرين أجانب. \r\n \r\n من دون شك ان الرفض الاميركي سينظر له في العالم العربي كمثال آخر على العنصرية المؤسسية في الولاياتالمتحدة. وبالنسبة لآخرين في باقي أنحاء العالم ، سيكون مجرد مثال جديد على الرفض الاميركي لاتباع ألف باء العولمة ، التي تدعي أنها تحبذها. ياله من ثمن أن يكون لكوكا كولا وسيتي كورب الحق في العمل في كل مكان تقريبا ماعدا كوبا وكوريا الشمالية. \r\n إن إدارة بوش تستحق الثناء الآن على وقوفها في وجه شوفينية هيلاري كلينتون عضو مجلس الشيوخ وزمرة السياسيين والكتاب الآخرين المعارضين للصفقة. فهذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها هذه الإدارة إحساسا ما بالحقائق العالمية ، تلك الحقائق التي أحدها أن الأجانب سيواصلون رغبتهم في شراء أصول حقيقية في الولاياتالمتحدة بفائض أموالهم وليس بورق قليل الإنتاج من وزارة الخزانة الأميركية أو مجموعة شركات فاني ماي. \r\n \r\n *كاتب متخصص في الشئون الآسيوية ومقيم بهونغ كونغ \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون - نيويورك تايمز- خاص بالوطن \r\n \r\n