\r\n ويبدو أن مركز لنديسميث في نيويورك، الذي يمولّه سوروس، قد نشر إعلاناً مدفوعاً في «النيويورك تايمز» بكلفة باهظة، مما لفت نظر المحرر. وكان من بين الموقعين وزير خارجية سابق وعضوين سابقين من أعضاء مجلس الشيوخ. ولكن على الرغم من أن النية كانت معقودة على أن يتزامن نشر الإعلان مع اجتماع استثنائي للأمم المتحدة حول المواد الشيطانية. \r\n \r\n \r\n فإنه لم يكن له أي تأثير على شخص واحد هو الجنرال باري مكّافري، مدير حرب الرئيس كلينتون على المخدرات، الذي وصف هذه الرسالة بأنها «رؤية تعود إلى الخمسينيات» كائنا ما كان المعنى الذي يقصده، ومهما يكن الأمر فإن استعمال المخدرات في الخمسينيات كان أقل مما هو الآن بعد أربعة عقود من الحرب المتواصلة. \r\n \r\n \r\n ومن الغريب، أن تقرير «النيويورك تايمز» جعل الموقعين يبدون كما لو كانوا قلة قليلة من ذوي الطباع الغريبة والأطوار المضطربة، في حين أن «الغارديان» اللندنية أفادت أن من بين «الشخصيات الدولية التي وقّعت الرسالة رئيس الوزراء الهولندي السابق، ورئيسي جمهوريتي بوليکيا وكولومبيا السابقين، وثلاثة قضاة فيدراليين أميركيين،. وإداريين كبار، وضباط سابقين من شرطة مكافحة المخدرات،» ولكن «النيويورك التايمز» تعرف دائماً ما يصلح للنشر. \r\n \r\n \r\n من سخرية القدر إذا جاز لي أن أستخدم أكثر الأوصاف عَرَجاً أن تبدي حكومة مستبدة قاسية الفؤاد تلقائياً مثل الحكومة الاميركية طوال سنوات عديدة مثل هذا الحرص على صحتنا، بحيث تجري الفحوص المتكررة التي لا نهاية لها على العقاقير التجارية المتوفرة في بلدان أخرى، بينما هي تعتقل أولئك الذين يتعاطون المخدرات على أساس السبب الأبوي القائل بأنها مضرة بصحة مَنْ يتعاطاها. ويتأثر المرء عاطفياً بذلك الحرص، يتأثر عاطفياً ويشعر بالشك والارتياب. \r\n \r\n \r\n وبعد كل شيء، فإن هؤلاء الأوصياء الشفوقين على ما هو خير لنا هم أنفسهم كانوا يرفضون بفظاظة سنة بعد أخرى أن يسمحوا لنا بالحصول على ما تعتبره ببساطة كل دولة أخرى تنتمي إلى العالم الأول بوصفه شيئاً بديهياً لا يقبل المناقشة نظام وطني للتأمين الصحي الشامل. \r\n \r\n \r\n عندما جاء بيل وهيلاري كلينتون إلى واشنطن، وقد علتهما نضرة العشب الأخضر من تلال أركنساس، ومسحة من التورد والتوهج من جداول المياه البيضاء السريعة الجريان، حاولا أن يقدِّما إلى الشعب الأميركي نظاماً للتأمين الصحي الشامل من هذا النوع، هدية رمزية صغيرة، في مقابل جميع أموال الضرائب تلك التي أُنفقت على «الدفاع» ضد عدو شرير كان ينطوي على نفسه عندما ندير ظهرنا له. \r\n \r\n \r\n وعند أول اقتراح آن الأوان قد حان لكي ننضم إلى العالم المتمدن، بدأت مؤامرة واسعة النطاق لمنع أي شكل من أشكال التأمين الصحي الشامل. ولم يكن السبب في ذلك يعود إلى مجرد ما اقترحته هيلاري كلينتون «الجناح اليميني». بل كان بالأحرى يعود إلى شركات الأدوية والتأمين مجتمعة مع عناصر الجمعية الطبية الأميركية، أرادت أن تدمر إلى الأبد أية فكرة في أن تصبح أميركا بلداً يوفر أي شيء لمواطنيه في مجال العناية بالصحة. \r\n \r\n \r\n أجراس التحذير \r\n \r\n \r\n إحدى المشكلات في مجتمع شديد الانضباط مثل المجتمع الأميركي هي أننا نحصل على معلومات قليلة جداً، عن أفكار وأحاسيس ذلك النفر من مواطنينا الذين لن نعرفهم أو نراهم أبداً. ويبدو هذا كما لو كان مفارقة عندما يعتمد الشطر الأعظم من السياسة اليوم، على استطلاعات للرأي تؤخذ دقيقة بدقيقة عن كل موضوع يخطر على البال كما يبدو. \r\n \r\n \r\n ولكن، كما يعلم السياسيون والقائمون باستطلاعات الرأي، فإن الطريقة التي يصاغ بها السؤال هي التي تقرر الجواب. وفضلاً عن ذلك، هناك مناطق واسعة، مثل الأرياف في أميركا، هي أصقاع نائية قصية مجهولة، لم ترسم خرائطها بالنسبة إلى أولئك الذين يملكون الشركات التي تملك أجهزة الإعلام التي تنفق المليارات من الدولارات، لكي تجري استطلاعات للرأي لتنتخب المحامين من موظفيها إلى المناصب العليا. \r\n \r\n \r\n روبي ريدج، واكو ومدينة أوكلاهوما هي ثلاثة أجراس تحذير من قلب المناطق الريفية في البلاد. ومعظمنا نحن الذين نعيش في الحواضر والمدن لا يعرفون إلا القليل أو لا شيء عن تلك المناطق. السبب في الغضب العارم الذي انتاب سكان الأرياف؟. \r\n \r\n \r\n في سنة 1996، كانت هناك (471. 1) عملية اندماج بين شركات أميركية من أجل «التعزيز». وكان ذلك يمثل العدد الأكبر من عمليات الاندماج في التاريخ الأميركي، كما كان يمثل الذروة في اتجاه كان ينمو ويتصاعد في عالم الزراعة منذ أواخر السبعينيات. \r\n \r\n \r\n والشيء الواحد الذي اشترك فيه ضحايا روبي ريدج وواكو، وتيموثي ماكفي، الذي قد يكون أقدم على القتل الجماعي باسمهم في مدينة أوكلاهوما، هل كان الاعتقاد الراسخ أن حكومة الولاياتالمتحدة هي عدوهم العنيد، وأنهم لا يستطيعون إنقاذ أنفسهم إلا بالاختباء في البرية، أو بالانضمام إلى مجتمع منعزل يتركَّز على شخصية قيادية، أو كثأر لجريمة القتل بدم بارد ارتكبتها السلطة الفيدرالية، وطالت عضوين من عائلة ويکر في روبي ريدج، بتفجير المبنى الذي يضم مكاتب السلطة المسئولة عن جريمتي القتل المذكورتين. \r\n \r\n \r\n إنصافاً لأجهزة الإعلام عن استحقاق، ينبغي أن نبين أنها كانت كريمة معنا على غير العادة في موضوع المعتقدات الدينية والسياسية للمنشقين الريفيين. هناك منظمة نازية جديدة تدعى «الأمم الآرية». وهناك منظمة أصولية مسيحية تدعى «الهوية المسيحية»، وتعرف أيضاً باسم «الإسرائيلية البريطانية». كل هذا الهذر قد ضرب جذوره في أعماق الفئات التي انتُزِعَت منها مزارعها في الجيل الأخير. ومن نافلة القول، أن المحرضّين للغوغاء والدهماء يسكبون الزيت على نيران الأحقاد العنصرية والطائفية في التلفاز، وينفقون الأموال على الحملات السياسية بطريقة غير قانونية. \r\n \r\n \r\n تزدهر نظريات المؤامرة الآن في البرية مثل العَتَهْ المُبَكِّر الذي يزدهر في ظلمة الليل، وأولئك الذين تستعبدهم تلك النظريات يتعرضون على الدوام إلى سخرية المتآمرين الفعليين. استطاع جويل داير، في كتابه المعنون (حصاد الغضب: لماذا تعد مدينة أوكلاهوما هي مجرد البداية؟)، أن يكتشف بعض المؤامرات الحقيقية الموجودة هناك. \r\n \r\n \r\n ولكن المتآمرين لهم باع طويلة في تحويل الاهتمام عن أنفسهم، إلى المخدرات، حسناً، لقد قيل لنا أن اللجنة الثلاثية هي مؤامرة شيوعية عالمية يتزعمها الروكفللريّون. والواقع إن اللجنة هي مثال مصغّر ممتاز يبين كيف استطاع الروكفلريّون أن يجمعوا السياسيين مع الأكاديميين في مكان واحد وعمل مشترك لكي يخدموا مصالحهم التجارية في داخل الحكومة وخارجها. وكائناً من كان الذي جعل شخصاً مثل ليندون لاروش يقول إن هذه المافيا الروكفلرية هي في الحقيقة واجهة شيوعية كان حقاً إنساناً ملهماً. \r\n \r\n \r\n ظلال التكتلات الزراعية \r\n \r\n \r\n لكن داير قد اكتشف مؤامرة دائبة حقيقية تؤثّر على كل شخص في الولاياتالمتحدة. إذ تعمل حالياً حفنة من التكتلات الزراعية على طرد البقية الباقية من المزارعين الصغار من أراضيهم بطريقة منهجية منظمة تقوم على شراء محاصيلهم بأسعار أقل من الكلفة، وإرغامهم بذلك على الاقتراض من بنوك تمتلكها تلك التكتلات، والوقوع في مصيدة الرهونات، ثم إنذارهم بالتسديد في فترة معينة، وأخيراً ببيع أراضيهم إلى شركات تمتلكها تلك التكتلات. \r\n \r\n \r\n ولكن هل هذه هي مؤامرة بالفعل، أم إنها مجرد تطبيق عملي للمبدأ الدارويني في السوق الكفؤ؟ هناك، في هذه المرة، دليل ثابت قاطع في شكل مخطط يقدم وصفاً للطريقة المثلى في تخليص الأمة من المزارعين الصغار. \r\n \r\n \r\n يقول داير في كتابه: «في سنة 1962، كانت لجنة التطوير الاقتصادي تضم حوالي (75) عضواً من أهم الإداريين في أكبر الشركات الأميركية، وكانوا يمثلون ليس فقط الصناعات الغذائية، بل أيضاَ شركات النفط والغاز والتأمين والاستثمار والشركات التي تبيع بالمفرق. وكانت تقريباً جميع الشركات التي ستكسب من عمليات التعزيز بالاندماج ممثلة في تلك اللجنة، وعرض تقريرهم (البرنامج المعدّل للزراعة) خطة ترمي إلى التخلص من المزارعين والمزارع. \r\n \r\n \r\n وكانت خطة تفصيلية ومدروسة جيداً» وفي الوقت نفسه، «ومنذ سنة 1964، كانت الشركات الصناعية العملاقة مثل بيلسبوري وسويفت وجنرال فودز للأطعمة وكامببل سوب للشوربات، تقول لأعضاء الكونغرس إن أكبر مشكلة في الزراعة هي وجود عدد كبير من المزارعين أكثر من اللازم». وكانت الهيئات المتخصصة في علوم النفس قد لاحظت أن أطفال المزارعين، الذين يرسلون للدراسة في الكليات، نادراً ما يعودون إلى مزارع عوائلهم. \r\n \r\n \r\n أو كما قال اقتصادي مشهور إلى عضو مشهور في مجلس الشيوخ، كان يتذمر من الفتور الذي يصيب المسافر بطائرة نفاثة من نيويورك إلى لندن بسبب فرق الزمن، «حسناً، من المؤكد أن ذلك هو الذي يهزم الزراعة». استطاعت اللجنة أن تقنع الحكومة بإرسال أطفال المزارعين إلى الكليات. وكما كان متوقعاً، فان معظمهم لم يرجع. حينذاك عرضت الحكومة على المزارعين أن تساعدهم في التحوّل إلى أعمال أخرى، مما أتاح دمج أراضيهم في مجمعات أكبر فأكبر في المساحة، تمتلكها شركات أقل فأقل في العدد. \r\n \r\n \r\n هكذا بدأ تنفيذ مؤامرة ترمي إلى استبدال المثل الأعلى الجفرسوني عن أمة يكون عمودها الفقري العائلة المستقلة التي تمتلك وتزرع أرضها، لتحل محله سلسلة من الاحتكارات التجارية في الأعمال الزراعية، حيث كما يقول داير في كتابه «أصبحت من خمس إلى ثماني شركات متعددة الجنسيات تتولى وحدها، من الناحية العملية، شراء ونقل ليس فقط إنتاج الولاياتالمتحدة من الحبوب بل إنتاج العالم بأسره». \r\n \r\n \r\n وبحلول العام 1982، «كانت هذه الشركات تسيطر على 96% من صادرات الحنطة الأميركية، و95% من صادرات الذرة الأميركية»، وهكذا دواليك من خلال الأجنحة المزدحمة للغريستيدات الأنيقة، والرالفات الوديعة والويكليات العطوفة. \r\n \r\n \r\n هل كان التعزيز بالاندماج مفيداً للزبائن؟ بوجه عام، كلا. الاحتكارات لا تتيح مجالاً للمساومة والحصول على صفقات رابحة بأسعار متهاودة، كما أنها لا تقلق كثيراً حول النوعية والجودة، لأننا لا نمتلك بديلاً للسلع التي تعرضها. ولا حاجة للقول، انها معادية للنقابات العمالية، ولا تبدي أدنى اكتراث بظروف عمل المزارعين الذين كانوا مستقلين فيما مضى، وأصبحوا الآن مستخدمين يعملون بأجور زهيدة أقل مما يستحقون. \r\n \r\n \r\n وبالنسبة إلى المواطنين الاميركيين اولئك الذين كبروا في الولاياتالمتحدة في سنوات ما قبل الحرب العالمية الثانية، كانت هناك سندويتشات لحم حقيقية. ومنذ فترة التعزيز بالاندماج، تحوّل اللحم إلى ما يشبه المطّاط إلى حد كبير، بحيث أنه أصبح عديم الطعم، بينما أصبحت كتلته شبيهة بالبلاستيك الوردي. لماذا؟ \r\n \r\n \r\n في المزارع الكبرى لتربية الحيوانات، يبقى الحيوان في مكان واحد، واقفاً على قوائمه، طوال حياته. وبما أنه لا يقلب التربة، أو حتى لا يتحرك، فإنه لا يكتسب المناعة الطبيعية في مواجهة الامراض. وهذا يعني أن جسم الحيوان السجين يُحقن بعدد كبير من الأدوية إلى أن يموت ويتحول إلى لحم غير صالح للأكل. \r\n \r\n \r\n قوانين شيرمان المعادية للاحتكارات أصبحت في خبر كان، منذ وقت بعيد. واليوم تسيطر ثلاث شركات على 80% من السوق الإجمالي لتعليب اللحوم. كيف يحدث هذا؟ ولماذا لا يجد المزارعون الذين فقدوا مزارعهم أعضاءً في الكونغرس يهتمون بهم ويقدمون العون لهم؟ ولماذا يواجه الزبائن عمليات تسعير غامضة للبضائع هي في حد ذاتها أسوأ وأردأ من تلك التي تعود إلى زمن أسبق؟. \r\n \r\n \r\n الجواب الذي يقدمه داير بسيط ولكنه قاطع. من خلال جماعات الضغط التابعة لهم، استطاع الآن الاداريون الكبار في الشركات، الذين وضعوا «البرنامج المعدّل» للزراعة، أن يمتلكوا أو يستأجروا أو ببساطة أن يخيفوا أعضاء مجالس الكونغرس ورؤساء الجمهورية، في حين أصبح رؤساء المحاكم من الأعضاء السابقين في جماعات الضغط التابعة لهم، سيل لا ينقطع من الموظفين من ذوي الياقات البيضاء، طالما أن الثلثين من جميع المحامين في كوكبنا الصغير هم أميركيون، واخيراً، فإن الشعب ككل ليس ممثَّلا في الحكومة في حين أن الشركات مُمَثَّلة على نطاق واسع. \r\n \r\n \r\n الاغتراب يجتاح الريف \r\n \r\n \r\n ما العمل؟ في رأي داير لا يوجد إلا حل واحد فقط: إصلاح التمويل الانتخابي. ولكن أولئك الذين يستفيدون من النظام الحالي لن يُصْدِروا أبداً تشريعات تزيحهم من السلطة. لذلك يتواصل تفسخ وانحطاط البلدات والقرى بين الحدود الكندية والمكسيكية، ويصاب السكان الريفيون باليأس والقنوط، أو تنتابهم موجات من الحنق الشديد والغضب العارم. ومن هنا، ظهرت مؤخراً الرؤية السوداوية في عدد من الأعمال الصحافية والتحليلية، التي توّثق برعب مفتون ظاهرة الاغتراب التي تجتاح جماعة بعد أخرى في الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n \r\n طالما أن الموسوعة البريطانية هي بريطانية وليست أميركية، لا عجب إذا اكتفت بتخصيص عمود واحد فقط للحديث عن «قانون حقوق الإنسان الولاياتالمتحدة»، وهي المساحة نفسها التي أفردتها للمادة المجاورة لها في الصفحة، «قانون البيع»، الذي من الواضح أنه أهم لدى المشرفين على إصدار الموسوعة من أبناء تلك الجزيرة. \r\n \r\n \r\n ومع ذلك، فإنهم لا يفوتون الفرصة لتذكيرنا بأن جذور حقوقنا تعود إلى الماغناكارتا، وأن نشوء قانون الحقوق الذي كان قد أضيف بوصفه عشرة تعديلات على دستورنا في عام 1791، كان إلى حد بعيد إنجازاً حققه جيمس ماديسون الذي كان بدوره ينسج على منوال إعلان حقوق کرجينيا سنة 1776. \r\n \r\n \r\n في البداية، هذه التعديلات العشرة قابلة للتطبيق على المواطنين الأميركيين بوصفهم مواطنين في الولاياتالمتحدة ككل فقط، وليس بوصفهم کرجينيين أو نيويوركيين، حيث تكون الأسبقية لقوانين الولاية بحسب «حقوق الولايات» كما جاء في التعديل العاشر والأخير من التعديلات الأصلية. ولم يحدث حتى سنة 1868 أن جاء التعديل الرابع عشر الذي منع الولايات من تشريع قوانين تخالف اللائحة الأصلية. \r\n \r\n \r\n وهكذا حصل كل مواطن في الولاياتالمتحدة، على ضمان في ولايته المحلية، بممارسة حرية «التعبير والصحافة، وحق التجمّع وتقديم العرائض بالإضافة إلى تحرره من دين وطني». ويبدو أن شارلتون هستون هو الذي كان قد أحضر التعديل الثاني من جبل ديميل، مستصحباً معه مسدسات ورشاشات تعطف على الأطفال. في الأصل، كان حق حمل السلاح للمليشيات التي يقوم المواطنون بتشكيلها، يُقصد به عدم تشكيل جيش نظامي تابع للولاية أو للسلطة الفيدرالية، ومحاولة تجنب جميع المساويء المؤذية التي قد تسببها دولة مسلحة للمواطنين، الذين لا يريدون أن يعيشوا تحت شبح مسدس، بل يريدون أن يعيشوا بسلام على قطعة من الأرض يملكونها. \r\n \r\n \r\n حالياً، يتعرض التعديل الرابع إلى عملية انحلال، بذريعة «الضرورة العسكرية» اللغة الدستورية التي استخدمها لينكولن لكي يشن الحرب الأهلية، بتعليق قانون الهابياس كوربس وإغلاق الصحف والجرائد، وتحرير العبيد الجنوبيين، والتعديل الرابع يضمن «حق المواطنين في أن يأمنوا على أشخاصهم وبيوتهم وأوراقهم ومتعلقاتهم ضد عمليات التفتيش والقبض والمصادرة غير المبررة. . . \r\n \r\n \r\n وأن لا تصدر أوامر التفتيش إلا على أساس سبب محتمل، مدعومة بالقَسَم أو التأكيد، وتنطوي بوجه أخص على وصف للمكان الذي سيتم تفتيشه، والأشخاص الذين سيقبض عليهم أو الأشياء التي ستتم مصادرتها». التعديل الرابع هو الدفاع الرئيسي للشعب ضد الحكومة الشمولية. وهو دفاع يتم خرقه الآن يومياً بالفعل والقانون معاً. \r\n \r\n \r\n الحقوق الضائعة \r\n \r\n \r\n في كتاب جيمس بوارد الصادر سنة 1994 والمعنون (الحقوق الضائعة)، جمع المؤلف مواد كثيرة جداً حول ما يفعله منفذو قوانيننا في الحروب، التي لا يمكن كسبها أبداً ضد المخدرات والإرهاب، في سياق معركتهم اليومية مع المواطنين الأميركيين، في بيوتهم وسياراتهم، وفي حافلاتهم وطائراتهم، بل في أي مكان يستطيعون فيه النيل منهم، بأية وسيلة، بالقوة أو بالحيلة أو باللدغة، الضرورة العسكرية هي مفهوم ينم عن ثقافة رفيعة بعض الشيء، لا يصلح اليوم للمسئولين الفيدراليين والمحليين في تبرير تحطيمهم للأبواب عند منتصف الليل عادة بدون تحذير أو إذن لكي يردعوا السكّان سيئي الحظ. \r\n \r\n \r\n وهذه الهجمات والمصادرات غير القانونية يتم تبريرها في كثير من الأحيان بوجود محتمل في الأماكن المستهدفة للمرافق الصحية التي يجري تنظيفها بالمياه المتدفقة. (إذا لم يستطع المقاتلون ضد المخدرات أن يأخذوا مدمني المخدرات بمفاجأة كاملة، فإن المدمنين سيلقون بالأدلة في المرافق الصحية ويجرفونها بالمياة المتدفقة). وهذا ما لا يطيقه أولئك المتلهفون على إبعادنا عن الخطيئة وإبقائنا على الطاعة. وهكذا في السمة الكبرى للاختراع العطوف الذي أبدعه السيرتوماس كرابر، فإنهم يقومون بتعليق التعديل الرابع، ويتغلبون. \r\n \r\n \r\n السنة 1992، بريدج بورت، كونيتيت. أفادت جريدة «الهارتفورد كورانت» أن الفريق التكتيكي المحلي لمكافحة المخدرات يقوم روتينياً بتخريب البيوت والمحلات التجارية التي «يفتشونها». رجال شرطة بالملابس المدنية يقتحمون محل رجل من جامايكا يملك بقالية ومطعماً، ويطلقون صرخة بهيجة: «ارفعوا أيديكم في الهواء، أيها السود، لا تتحركوا!». \r\n \r\n \r\n ويسقطون ما يوجد على الرفوف. ويتلفون السلع والبضائع. ولاحظت الصحيفة «أنهم لم يقوموا أبداً» بتعريف أنفسهم كرجال شرطة. وعلى الرغم من أنهم لم يعثروا على أي شيء سوى مسدس برخصة رسمية، فإنهم ألقوا القبض على المالك بتهمة «مقاومة اعتقاله»، وهكذا جرى توقيفه. وفي وقت لاحق، رفض قاض أن ينظر في القضية. \r\n \r\n \r\n ويفيد بوفارد، «في سنة 1991، وفي غارلاند في تكساس، قام رجال شرطة يرتدون ملابس سوداء، ويغطون وجوههم بأقنعة سوداء من النوع الذي يستخدمه المتزلجون على الثلج، باقتحام عربة مبيت مقطورة، ولوحّوا بمسدساتهم في الهواء، وكسروا باب غرفة النوم حيث كان كينث بولتش نائماً إلى جانب ابنه الذي يبلغ السابعة عشرة من عمره. وادعى شرطي أن بولتش كان مصدر تهديد مميت لأنه كان يمسك بمنفضة سجائر في يده اليسرى، مما يوضح لماذا أطلق رصاصة على بولتش أصابته في ظهره وقتلته. (أجرت الشرطة تحقيقاً داخلياً فوجدت أن تصرّف الشرطي لم يكن خاطئاً). \r\n \r\n \r\n \r\n وفي مارس 1992، قام فريق من القوة الخاصة التابعة للشرطة بقتل روبين برات، وهي أم من سكان إفيرت بواشنطن، في سياق غارة على مسكنها لتنفيذ أمر بإلقاء القبض على زوجها. (وقد أطلق سراح زوجها في وقت لاحق بعد أن ظهر أن التهمة التي صدر بموجبها أمر إلقاء القبض كانت باطلة). وبالمناسبة، فإن هذا الأسلوب الذي كان معمولاً به لدى الشرطة السرية السوفييتية اعتقال شخص بسبب جريمة، ثم إطلاق سراحه بعد ذلك إذا وشى بشخص آخر متهم بجريمة أكبر يؤدي في أحيان كثيرة إلى اتهامات باطلة وحتى عشوائية لا يجوز اتخاذها أساساً لعمل قاتل إلى هذا الحد قبل التثبّت أولاً. \r\n \r\n \r\n وقد نشرت «السياتل تايمز» وصفاً للّحظات الأخيرة في حياة روبين برات. كانت مع ابنتها التي تبلغ السادسة من عمرها وابنة شقيقتها التي تبلغ الخامسة من عمرها، عندما اقتحمت الشرطة مسكنها. وعندما اقترب منها أشجع الجنود العاصفة، ويدعى آستون، شاهراً مسدسه، صرخ الشرطيون الآخرون، «اجلسي!»، وبدأت تجثم على ركبتيها. ورفعت عينيها إلى آستون وقالت، «ارجوك، لا تؤذ أطفالي..!» وصوب آستون مسدسه نحوها وأطلق رصاصة أصابتها في عنقها. \r\n \r\n \r\n وبحسب ما أفاد محامي عائلة برات، ويدعى جون موينستر، فإنها «بقيت حية لدقيقة أو دقيقتين، ولكنها لم تستطع أن تتكلم لأن الرصاصة كانت قد حطّمت حنجرتها، ووضعت القيود الحديدية في يديها، وهي منبطحة ووجهها على الأرض». لا شك أن آستون كان خائفاً من يوم القيامة وما يلازمه من حساب وعقاب. وليس سراً أن الشرطة الأميركية نادراً ما تلتزم بتطبيق القوانين الاميركية، عندما يخرج أفرادها يصخبون ويعبثون مع بعضهم بعضاً. وسيخبرك أي قاض صريح فيما ينظر في القضايا الجنائية أن شهادة الزور هي في الأغلب من الأحيان لغتهم الأم في المحكمة. \r\n \r\n