وعلى المجتمع الدولي أن يوحد جهوده لإخماد جذوة تلك النيران المضرمة. ولعل أفضل ما يمكن البدء به هو الكف عن تبرير تلك الرسوم على أنها تقع تحت مسمى (حرية الصحافة) وهو ما تسبب في زيادة حدة رد الفعل في أنحاء المجتمع المسلم. \r\n وخطوة أخرى بالغة الاهمية تتمثل في التوقف عن إعادة نشر الرسوم التي لا تؤدي إلا إثارة المزيد من الحنق والغضب. وبالنسبة لغير المسلمين فإن الرسوم التي تشير الى الرسول صلى الله عليه وسلم ربما لا تمثل سوى نوع من الإهتمام بيد أن الامر يختلف تماما عن ذلك بالنسبة للمسلمين في شتى انحاء العالم حيث تطال مثل هذه الرسوم جانبا روحيا بالغ الاهمية. فعلى امتداد الأربعة عشر قرنا الماضية التزم المسلمون بشكل صارم بحظر أي تصوير بالرسم للرسول صلى الله عليه وسلم. وبعد أن نشرت الرسوم الأخيرة لغرض التسلية شعر المسلمون بإهانة مباشرة بالغة ضد معتقداتهم. \r\n ثم جاءت عملية إعادة نشر الرسوم من قبيل التأكيد على الحرية التي تتمتع بها الصحافة لتزيد من تفاقم الموقف كما أنها أساءت الى معنى الديمقراطية. وكانت النتيجة هي وصول رسالة تحد الى المجتمع المسلم مفادها أنه تحت مظلة الديمقراطية يجوز إهانة الإسلام. \r\n وقد الحقت تلك الرسالة ضررا فادحا بالجهود الرامية الى إثبات ان الإسلام والديمقراطية يسيران في طريق واحد، فالمسلم العادي الذي يؤدي خمس صلوات كل يوم وليلة بحاجة الى أن يقتنع بأن الديموقراطية التي يؤمن بها والمتوقع منه أن يدافع عنها هي في الوقت نفسه توفر الحماية للإسلام وتحترم رموزه المقدسة وإلا فلن تقوم للديموقراطية قائمة عنده. \r\n ومن الفوائد التي أسفرت عنها أزمة نشر تلك الرسوم أنها ذكرتنا جميعا بأن أبواب الجحيم ربما تفتح على العالم قاطبة إذا ما تخلى عن قيم التسامح وتفشى به الجهل. والمجتمع الدولي بحاجة ماسة الى ترسيخ ديموقراطية الحرية والتسامح معا وليس ديموقراطية الحرية المخالفة للتسامح. فقيمة التسامح هي التي تحمي الحرية وتستوعب التنوع وتقوي السلام وتقود الى التقدم. \r\n ومنذ هجمات 11 سبتمبر أظهر كثيرون في الغرب إهتماما متزايدا بالعالم الإسلامي بيد ان هذا الإهتمام لم يصاحبه قدر جيد من المعرفة والفهم للدين الاسلامي. وفي ديسمبر من العام الماضي خلصت قمة منظمة المؤتمر الاسلامي المنعقدة في مكة الى القول بأن مشاعر القلق والهواجس التي انتابت البعض إزاء ظاهرة انتشار الاسلام في أنحاء العالم تمثل أحد صور العنصرية. \r\n والغرب والإسلام بحاجة الى تفادي التصادم والإنزلاق الى صراع بين الحضارت فكثير من المجتمعات الاسلامية تنهج بعض العادات الموجودة لدى الغرب. وقد أصبح الاسلام أكثر الديانات انتشارا في بعض الأقطار الغربية بما فيها الولاياتالمتحدة. وبإمكان العالمين الغربي والإسلامي أن يوحدا من جهودهما وأن يبذلا تعاونا يفرز ثقافة عالمية تستوعب قيم الاحترام والتسامح. \r\n والمجتمع الدولي مطالب ألا يخرج من ازمة الرسوم الكاريكاتورية محطما ومنقسما على نفسه، فنحن بحاجة لمد المزيد من الجسور بين الأديان والحضارات والثقافات. وبإمكان زعماء الحكومات وعلماء الدين والمواطنين العاديين ان يذهبوا الى ما هو أبعد من مجرد تأييد الحرية الدينية وذلك بتضامنهم مع هؤلاء الذين يدافعون عن سلامة معتقداتهم. \r\n ونحن بحاجة كذلك الى تقوية الحوار بين الأديان ومن ثم يمكننا أن نزيل حواجز سوء الفهم وانعدام الثقة وتلك هي المهمة التي تدعو اندونيسيا اليها. \r\n وهناك مسؤوليات تقع على عاتق المسلمين في أنحاء العالم، ولكن لا أحد بالتأكيد من غير المسلمين سوف يجني نتائج طيبة إذا ما تصاعدت الازمة ووصلت الى نزاع مفتوح ومزيد من إراقة الدماء. والطريقة المثلى للمسلمين هي محاربة عدم التسامح والجهل بالإسلام وعرض حقيقة الإسلام وهو أنه دين السلام. كما أننا بحاجة ايضا الى الصفح عن هؤلاء الذين قدموا اعتذارهم عن إساءتهم للإسلام. \r\n والحقيقة أنه في مثل تلك اللحظات العصيبة حري بالمسلمين أن يسيروا على نهج الأخلاق الفاضلة التي جسدها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي اشتهرت عنه في تعامله مع أعدائه: الحلم وتحري الحكم الصائب والشهامة والعفو. \r\n سوسيلو بامبانغ يودويونو \r\n رئيس إندونيسيا \r\n خدمة إنترناشونال هيرالد تربيون خاص ب(الوطن)