شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    ترامب: الولايات المتحدة لن تعترف باستقلال "أرض الصومال" في الوقت الحالي    دوي انفجارات قوية في العاصمة الأوكرانية بعد قصف روسي    وضع حدا لسلسلة انتصاراتنا، أول تعليق من الركراكي على تعادل المغرب مع مالي    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    السحب الممطرة تزحف إليها بقوة، الأرصاد توجه تحذيرا عاجلا لهذه المناطق    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الجدة والعمة والأم يروين جريمة الأب.. قاتل طفلته    ابني بخير.. والد القارئ الصغير محمد القلاجي يطمئن الجمهور على حالته الصحية    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    منع جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس بالبحيرة    الرئيس والنائب ب"التذكية"، النتائج النهائي لانتخابات نادي الاتحاد السكندري    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    سمية الألفي.. وداع هادئ لفنانة كبيرة    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    مصطفى بكري: "إسرائيل عاوزة تحاصر مصر من مضيق باب المندب"    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    فين الرجولة والشهامة؟ محمد موسى ينفعل على الهواء بسبب واقعة فتاة الميراث بالشرقية    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    بعد تداول فيديو على السوشيال ميديا.. ضبط سارق بطارية سيارة بالإسكندرية    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    في هذا الموعد.. قوافل طبية مجانية في الجيزة لخدمة القرى والمناطق النائية    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    منتخب مالي يكسر سلسلة انتصارات المغرب التاريخية    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    لم يحدث الطوفان واشترى بأموال التبرعات سيارة مرسيدس.. مدعى النبوة الغانى يستغل أتباعه    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    الشدة تكشف الرجال    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برنارد لويس .. أصداء كئيبة لرنين قديم مألوف
نشر في التغيير يوم 30 - 06 - 2004


\r\n
كما أن كتابه «اين الخطأ» الذي حقق اعلي المبيعات ويتحدث فيه عن سبب التدهور في العالم الاسلامي يعتبر في بعض الاوساط الكتاب الارشادي للحرب على الارهاب . لويس باختصار احد رموز السياسة الاميركية الراهنة وان كان هناك من يمكن وصفه بمعطي العضلات الفكرية للسياسة الاميركية الحالية تجاه الشرق الاوسط، فإنه هو دون غيره حتماً.
\r\n
\r\n
كتاب لويس الاخير «من بابل إلى مترجمي العصور الوسطى»، هو مجموعة من المقالات التي كتبها عن موضوعات تتراوح بين مترجمي العصور الوسطى واليهود في فارس القديمة إلى صدام حسين.، لكن بالنسبة لكاتب يعتبر ملهما مهووسا للمحافظين الجدد، فإن بعض افكار لويس الواردة في كتابه هذا تعتبرمتحفظة. فهو يقول ان الغرب كان يجب في 1957 ان يقوم بأقل قدر ممكن من التدخل في الشرق الاوسط باعتبار «اننا في الغرب... يجب ان نكون حذرين من اقتراح الحلول، التي مهما كانت جيدة، فستفقد مصداقيتها لمجرد كونها مطروحة من قبلنا.
\r\n
\r\n
كما يكتب عام 1991 عن «التقاليد الاوتقراطية العنيفة» في العالم العربي وحذر من أنه «ليس هناك اي ضمانة» بأن اي محاولة للدمقرطة «ستنجح، وحتى لو نجحت فإن احداً لا يعرف متى سيحدث ذلك وبأي ثمن». وحتى وقت متأخر هو عام 2002، في لقاء مع صحيفة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية، ينقر مرة اخرى على وتر التعقل.
\r\n
\r\n
حيث قال: «الديمقراطية خطرة في اي مكان كان. اننا نتحدث احياناً وكأن الدمقرطة هي الحالة الانسانية الطبيعية، وكأن اي انحراف عنها هو جريمة تجب معاقبتها او حتى علاجها. لكن هذا ليس صحيحاً. ان الديمقراطية، او ما نسميه الديمقراطية اليوم، هو عرف للشعوب الناطقة بالانجليزية في تسييرها لشئونها العامة، والتي يمكن ان تكون او لا تكون مناسبة للآخرين».
\r\n
\r\n
لكن هذه الافكار ليست هي التي تثير حماس قراء مجلة «ويكلي ستاندارد» او القراء الاكثر حماساً في البنتاغون. فهناك برنارد لويس آخر نعثر عليه في هذا الكتاب، شخص آخر اكثر شدة لا يعتقد فحسب ان الولايات المتحدة كانت متساهلة جداً في حرب فيتنام بل وان الدكتاتوريات في الشرق الاوسط يجب التخلص منها بالقوة.
\r\n
\r\n
فالتفاوض مع القادة الدينيين في ايران وغيرهم من المعادين للولايات المتحدة لا معنى له: «مثلما حدث مع دول المحور ومن ثم مع الاتحاد السوفييتي فإن السلام الحقيقي لن يأتي الا بهزيمتها او، وهو الافضل، بانهيارها واستبدالها بحكومات تختارها او تسقطها شعوبها». اما فيما يتعلق بالعواقب المباشرة لتحويل هذه الافكار إلى سياسات، فإن لويس في كتابه الاخير تحديداً شديد الفجاجة.
\r\n
\r\n
فقد قال في 2001 ان الرأي العام في العراق وايران كان شديد التأييد لاميركا لدرجة ان كلا الشعبي سيحتفل اذا ما قام الجيش الاميركي بتحرير البلدين. وبعد ذلك بعام، كرر لويس الرسالة قائلاً «اننا ان نجحت في الاطاحة بالنظامين اللذين وصفهما الرئيس بوش بانها من محور الشر، فإن مشاهد الحبور في مدن البلدين ستفوق تلك التي ظهرت في كابول». نعم ان معظم العراقيين ابتهجوا بالقضاء على الطاغية، لكن كان بمقدور لويس ان يقدم بعض كلمات التحذير عما قد يتبع الاحتفالات.
\r\n
\r\n
كما لم يكن الاختصاصي البارز في دقائق امور الشرق الاوسط حاضراً في دائرة الضوء، عندما استخدم الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك للدعوة لشن حرب على صدام حسين. وقد اقترح في مقال نشر بعد ايام من الهجوم بأن رؤية الولايات المتحدة لشن حرب على صدام «اغلى امنية» لدى الانظمة العربية الاخرى، وبالطبع فإن مشاعر القادة العرب الآخرين كانت اكثر تعقيداً من ذلك والفوضى التي احدثها الغزو الاميركي للعراق تسبب انزعاجاً شاملاً في المنطقة.
\r\n
\r\n
والنقاد الذين يهاجمون الحرب على العراق مثل رشيد الخليلي الذي يحتل مقعد ادوارد سعيد في الدراسات العربية بجامعة كولومبيا يعزون الاخفاقات الاميركية في الشرق الاوسط إلى الجهل او إلى ماهو أسوأ من ذلك» فكتاب الخليلي بعنوان «بعث امبراطورية» اثار الخطى الغربية والطريق الاميركي الخطر في الشرق الاوسط» هو اطروحة مضادة للتدخل الاوروبي والاميركي في سياسات الشرق الاوسط. وهو يحفي بقوة على الرغم من الطابع التقليدي لتناوله فيستنكر الكولونيالية الاوروبية والامبريالية الاميركية.
\r\n
\r\n
وبصدد الشئون الراهنة فهو النقيض المباشر لبيرنارد لويس حيث يقول: «ان كل التفكير الذي يكمن وراء التخطيط لحرب العراق» مثل هذه الفكرة مثل فكرة «ان العراقيين جميعاً سيرحبون بمحرريهم باحضان مفتوحة» هي فكرة موبوءة ب «جهل مفعم بالحماس وعمى أيديولوجي». وتهمة الجهل قد تنطبق على ريتشارد بيرل او حتى على الرئيس الاميركي نفسه غير انها لا يمكن ان تنطبق على بيرنارد لويس فهناك قلائل في الولايات المتحدة يعرفون عن الامبراطورية العثمانية اكثر مما يعرفه لويس وقلائل هم المتعمقون مثله في تاريخ الشرق الاوسط.
\r\n
\r\n
وفي مجادلات مع خصوم ايديولوجيين من ابرزها المجادلة الشهيرة التي دارت عام 1982 بين لويس وادوارد سعيد على صفحات نيويورك ريفيو اوف بوكس، اظهر لويس بصورة منتظمة تمكنه الفائق من التاريخ الاسلامي.
\r\n
\r\n
وهناك بالطبع، صدع بين التمكن الثقافي والتمكن السياسي، فالعدوان الامبريالي الذي أسييء، توجيهه قد دعا اليه بصورة منتظمة خبراء، متكمنون في دراساتهم وعلى سبيل المثال فإن وارن هاستنفز الذي نحي من منصبه لسوء سلوكه كحاكم عام للهند في آواخر القرن الثاني عشر كان يتمتع بفهم بالغ القوة لثقافات شبه القارة الهندية والبعض من اكثر دعاة الامبريالية اليابانية في الصين في القرن 19 كانوا دارسين مجتهدين للحضارة الصينية.
\r\n
\r\n
والخبرة هي امر بعيد عن المحك الحقيقي في المجادلات السياسية. ولم يكن انتقاد ادوارد سعيد للاستشراقيين الذين ادرج بينهم لويس منصباً على انهم كانوا جهلة وانما على انهم كانوا على جانب كبير من الصلف والازدراء للمسلمين واخفوا الاجندة السياسية بثقافتهم.ومن الصعب انكار ان لويس لديه اجندة سياسية خفية.
\r\n
\r\n
اما مصدر الازدراء هذا فموضع نظر وليس هناك سبب للشك في انه محق حين كتب في مقال ذائع الصيت ان الاسلام احد الاديان الكبرى في العالم ودعني اكن صريحاً حول ما اقصده كمؤرخ للاسلام لا يعتنق هذا الدين ما اقصده بذلك هو ان الاسلام قد جلب العزاء والسلام لذهن ملايين لا تحصى من البشر ومنح الكرامة والمعنى لحياة بائسة وفقيرة، وعلم الناس من شتى الاعراق ان يعيشوا في اخوة فيما بينهم». وهذه ليست بكلمات رجل يمقت الاسلام. «من الغريب ان لويس عندما اعاد طبع هذا المقال في احدث كتبه حذف هذه الفقرة».
\r\n
\r\n
ولويس يبدو في افضل حالاته عندما يضع يده على المعايير الغربية المزدوجة في التعامل مع العالم غير الغربي حيث يشير الى ان البعض مهووس بالعنف الاسرائيلي ضد العرب، بينما يتجاهلون الوحشية الاكثر فظاعة في التعامل ما بين العرب انفسهم، وبالمثل فإن هذا البعض يدين الجنرال فرانكو لحكمه الدكتاتوري في اسبانيا، ولكنهم لا يتأثرون كثيراً بالمذابح التي ارتكبها عيدي امين في اوغندا.
\r\n
\r\n
ومن منظور لويس فإن هناك «تفسيرين محتملين لهذا الصمت، يتمثل احدهما في ان الضحايا البيضاء هي اكثر اهمية بكثير من الضحايا السوداء، وان خمسة من الاسبان يعادلون في اهميتهم ألوف الاوغنديين. والتفسير الثاني هو ان المعايير الأعلى للسلوك متوقعة من الأوروبي حتى من جانب حكومة فاشية اسبانية بأكثر مما هي متوقعة من حاكم افريقي. وأي من هذين التفسيرين من شأنه ان يشير الى موقف عنصري بالغ العمق».
\r\n
\r\n
وعلى الرغم من ذلك عندما يتعلق الامر بالسياسة فإن ذهناً اكاديمياً كبيراً يقوم بدراسة امتدادات كبيرة من التاريخ كأنما يطل من قمة جبل الاولمب كان في بعض الاحيان يتجاهل اموراً اقرب الى الارض، فقد لعبت الحدود الاستعمارية التعسفية والانقلابات التي هندستها المخابرات البريطانية والاميركية والتلاعب الغربي بالطغاة المحليين بمن فيهم صدام حسين لعب كل ذلك دوراً في انشاء دول فاشلة وطغاة مخفقين ولويس لا يستفظع هذا كله على نحو يقل عن استفظاع منتقديه للأنظمة الديكتاتورية التي دمرت الحياة المتحضرة في جانب كبير من الشرق الاوسط.
\r\n
\r\n
ولكن كتاباته تبطئ الانطباع بأن الامبريالية الفرنسية والبريطانية والتدخلات الاميركية والقهر الاسرائيلي للفلسطينيين هي مجرد اعذار لاخفاقات المنطقة السياسية وهو يشير الى ان الاسباب الحقيقية للتشوش الراهن في الشرق الاوسط هي اسباب اعمق واقدم واوسع نطاقاً.
\r\n
\r\n
وفي مقال شهير نشره ليرن رودلويس في مجلة «اتلانتك مونثلي» في 1990 واعيد طبعه في احدث كتب لويس، نراه يتحدث عن حنق المسلمين والحجة التي يختزلها هذا الاصطلاح تمضي على النحو التالي بشكل تقليدي: «ان الصدام بين المسيحية والاسلام قد استمر منذ دخل المسلمون سوريا وشمال افريقيا والاندلس.
\r\n
\r\n
والمسلمون في قمة مجدهم في القرن العاشر في القاهرة او القرن الثالث عشر في طهران او القرن السادس عشر في اسطنبول نظروا الى انفسهم باعتبارهم اسمى كثيراً من المسيحيين واليهود الذين يعيشون بينهم والذين تم التسامح معهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، غير انهم، كما يقول لويس، اي المسلمين «تعرضوا لعدة مراحل من الهزيمة». الاتراك وصلوا فيينا عام 1683 لكنهم لم يتمكنوا من تجاوزها الى ما بعدها.
\r\n
\r\n
وحين وسع الغرب الناشط امبراطورياته، تفشت الافكار الغربية وهيمنت وسحبت البساط من العالم الاسلامي. وكان شيئاً بالغ الاهانة للمسلمين ان يتعرضوا للهزيمة على يد المسيحيين واليهود (الصليبيين و«الصهاينة»). والاساليب التقليدية التي حققت مجداً سابقاً في الماضي تداعت وقضت عليها التجارب التي اسيء توجيهها في الماركسية والفاشية والاشتراكية القومية. ومن قلب الفشل السياسي والثقافي جاء حنق المسلمين هذا الموجه ضد الغرب.
\r\n
\r\n
ومن قلب هذا الحنق جاءت المحاولات العنيفة لانشاء خلافة حديثة من خلال ثورة عنيفة (كان لويس وليس هنتنغتون هو الذي اخترع اصطلاح «صدام الحضارات»). وقد قال لويس بعد هجمات 11 سبتمبر: «بمعنى ما من المعاني فإنهم كانوا يكرهوننا منذ قرون ومن الطبيعي للغاية انهم ينبغي ان يكرهونا فهناك هذا التنافس الذي دام ألف عام بين دينين عالميين والآن من منظورهم فإن الديانة الخاطئة هي التي تفوز».
\r\n
\r\n
هذا التحليل العريض يثير اسئلة معينة. فأولاً من هو على وجه الدقة «المسلم»؟ لقد كانت آخر ثورة اسلامية هي تلك التي كانت في ايران ولكن الحنق الذي يصفه لويس يبدو انه مقتصر بصفة اساسية على العرب. وتركيا وايران لا يمكن حقاً ان توصفا بأنهما دولتان فاشلتان والحكم الحالي في ايران لم ينبع من غضب ديني عميق وانما كما يقول لويس من حركة ثورية حديثة ساندها الايرانيون الذين لم يكونوا متدينين بصفة خاصة. فهنالك شيء في تحليل لويس لنزعة التطرف الاسلامية يذكر المرء بالنظريات التي تدور حول الرايخ الثالث والتي تشدد على وجود خط ممتد من لوثر الى هتلر.
\r\n
\r\n
ويزعم لويس ان نقص الفصل بين المؤسسة الدينية والدولية هو اساس الثورات الاسلامية. ولكن في الدول الاسلامية غير العربية. مثل اندونيسيا وماليزيا فشل المنظرون الايديولوجيون حتى الآن في تحقيق مثل هذا الانطلاق قدماً. بل ان المسلمين الاكثر براغماتية في اندونيسيا حريصون على فصل الدين عن السياسة.
\r\n
\r\n
وتشبث لويس بأن الصدام الذي يدوم الف عام بين الاسلام والمسيحية يدفعه الى مد طروحاته على نحو تتجاوز معه العقول. فهو يركز على تقارير الصحف اليوغسلافية التي تتحدث عن المسلمين الشبان في سراييفو الذين يحاولون انشاء جمهورية اسلامية في البوسنة مستلهمين التجربة الايرانية، غير انه اياً كان ما قالته الصحف اليوغسلافية فإن معظم مسلمي البوسنة قد اثارت حميتهم النزعة الوطنية ولم يكونوا يرغبون في ان يسحقهم الصرب ووصف هذا التوجه بأنه حنق اسلامي هو امر غريب تماماً كوصف النزعة القومية الصربية بأنها حنق ارثوذكسي.
\r\n
\r\n
وحتى اذا طبق مفهوم الحنق الاسلامي على العرب فإنه لا تمكن مسايرته في العديد من حركات التمرد ضد الهيمنة الغربية، كانت حركات علمانية تنتمي الى القومية العربية على الرغم من انها غالباً ما ارتبطت بالاسلام وفي بعض الاحيان نجدها في تضارب معه. وقد كان الوعي القومي في العالم العربي بطيئاً في نموه لأن الدولة القومية نادراً ما وجدت في السابق والحدود الحالية كانت في معظمها نتاج رسومات الضباط الانجليز والفرنسيين.
\r\n
\r\n
اما الاسلام فكان الشيء الوحيد الذي يشترك فيه العرب من سوريا وحتى السودان، كما ان الدين يمكن ان يكون مصدراً للهوية المشتركة. ان ما قدمته القومية العربية، وبعض مؤسسيها كان من المسيحيين، كان بديلاً اكثر علمانية وليس بالضرورة اكثر ديمقراطية لتحقيق الانسجام. وفشل القومية العربية فتح الباب امام انبعاث الاحلام الاسلامية.
\r\n
\r\n
ومع ان لويس قد يكون محقاً بأن التدخلات الغربية، ذات الطبيعة الامبريالية السافرة او المتسترة، لا يمكن لها ان تفسر بما يكفي لوحدها الحركات الاسلامية المعادية، فإن اطاحة الاجهزة الغربية الرسمية لحكومات منتخبة بحرية ودعم الغرب للطغاة لا يمكن له ان يكون قد ساعد في قضية التغيير الديمقراطي.
\r\n
\r\n
ويقوم لويس بتحديد الاوعية التي يستقر فيها حنق المسلمين واحدها يتمثل في حكم غير ذوي الملة للمؤمنين الحقيقيين. فهذا في اعتقادهم أمر غير طبيعي ويقود الى فساد الدين والاخلاق في المجتمع. اما الوعاء الثاني فهو كما يحدده لويس اكثر عمومية ويتمثل في العلمانية الحداثية حيث ان الحرب على الحداثة توجه ضد عملية التغيير بكاملها التي حدثت في العالم الاسلامي في القرن الماضي والتي ترتبت عليها بنى سياسية واقتصادية واجتماعية بل وثقافية مختلفة في الدول الاسلامية.
\r\n
\r\n
ومن المؤكد ان الحنق الاسلامي يبدو مفهوماً ومبرراً لكن تحليل لويس تحول ودون وضوح نقطة جوهرية هي اقرب الى المفارقة او اللغز. فمن منظور لويس فإن هؤلاء الغاضبين المهانين بحشودهم الكبيرة يجتذبون بعمق الى غواية العالم الحديث وهم يرغبون في السلع الاستهلاكية والموسيقى الحديثة وغيرها حسب رؤيته.
\r\n
\r\n
وهكذا فإن الجماهير ليست هي في حقيقة الامر التي يفترض انها ستحب ان تحرر على يد الولايات المتحدة وانما القادة المتشددون هم الغاضبون. وكذلك ايضاً بعض المتشددين المسيحيين الذين ينتظرون رؤية احداث يوم الدينونة بشكل او بآخر. وفي حقيقة الامر ان الحرب على الحداثة التي غالباً ما تربط باليهود او بالغرب او بالولايات المتحدة تعود بجذورها الى قرون مضت. فالرومانسية الالمانية قد بدأت كرد فعل على التنوير الفرنسي الذي اطلقته من عقاله الثورة الفرنسية.
\r\n
\r\n
ومن الممكن استنتاج ان المتشددين الاسلاميين كانوا ينهلون من النبع ذاته الذي نهلت منه الرومانسية الالمانية ومن هنا تجيء اشارة لويس ان اهدافهم تتمثل في الحكومات العلمانية الفاسدة الطاغية وكذلك في الرموز الغربية. ومن هنا ايضاً يثور السؤال لماذا دفع لويس باتجاه شن الحرب على النظام العراقي الذي يكرهه المتشددون المسلمون كل هذه الكراهية؟
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.