كما ان المشاركين فيها مختلفان ايضا وهما روسيا واوكرانيا. حيث عندما اعترض المسئولون في اوكرانيا على الارتفاع الكبير في المبالغ التي كان عليهم دفعها لروسيا مقابل الغاز الطبيعي قطعت شركة غازبروم وهي الشركة المملوكة للدولة التي تحتكر هذه السلعة الامدادات في مطلع هذا العام الى ان تم ابرام اتفاق فيما بعد ثلاثة ايام تم بمقتضاه رفع ما ستدفعه اوكرانيا من 50 دولارا الى 230 دولارا للالف متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي. \r\n وان كان ذلك ليس بالقاصمة الكبيرة بالنسبة لاوكرانيا كما يتراءى للوهلة الاولى.حيث ستتجه الى تركمانستان لتكون المزود الرئيسي لها بالغاز كما ستشتريه ايضا من كازاخستان واوزبكستان بسعر 95 دولارا للالف متر مكعب لمدة 5 سنوات وهو ما يعادل ثلث السعر الذي تدفعه غرب اوروبا تقريبا. \r\n ومن خلال مضاعفة سعر الغاز الروسي الى نحو اربعة اضعافه حاولت موسكو توجيه ضربة قوية للرئيس فيكتور يوتشينكو الذي يرى فيه الزعماء الروس بانه موال لاميركا ومعاد لروسيا وللتاثير على نتيجة الانتخابات البرلمانية الاوكرانية في مارس المقبل.وسوف تتكبد اوكرانيا ثمنا فادحا حيث ان ما يتراوح بين 5 الى 10%من ناتجها المحلي الاجمالي سيتجه الى تغطية النفقات الجديدة للطاقة ويمكن ان يقلل ذلك نموها الاقتصادي. \r\n ومع ذلك فان مثل هذا التصرف ربما يكون خطوة خاطئة من قبل روسيا. ذلك لان عزمها على التسييس المبالغ فيه لامدادات الطاقة قد اضر بصورتها بوصفها منتجا للطاقة يعول عليه. حيث ان عشرات البلايين من الدولارات في شكل استثمارات اجنبية مستقبلية وعقود قد باتت معرضة للخطر وهو ما يزيد في قيمته كثيرا على قيمة واردات الغاز الاوكراني. \r\n ونتيجة لهذه المناورة غير المدروسة من قبل موسكو فانه من المرجح ان يتحول الاوروبيون الى تركمانستان واذربيجان والجزائر ونيجيريا وقطر وايران لتنويع امداداتهم من الغاز.حيث سيغدون قلقين من الاعتماد على غازبروم. \r\n وان كانت اوكرانيا تتحمل قسطا من اللوم.حيث انها تجاهلت مشكلة الغاز المدعوم ولم تعد اقتصادها لارتفاعات الاسعار الحتمية من خلال زيادة الكفاءة في الطاقة وتحسين الادارة.حيث كان سعر الغاز الروسي الذي يتم تزويد اوكرانيا به خلال عامي 2004 و2005 هو اقل من ثلث السعر الذي يدفعه الاوروبيون وكان من الواضح ان البئر يمكن ان ينفد بعد الثورة البرتقالية التي كانت تنتقد روسيا بشدة. \r\n وكان على الزعماء الاوكرانيين اتخاذ خطوات من قبيل إيجاد احتياطي غاز اكبر ورصد اموال لتيسير الانتقال الى الاسعار الاعلى والتوقيع على عقود مع مزودين اخرين. لكن بدلا من ذلك فان حكومة يوتشينكو وجدت نفسها عاجزة عن صنع سياسة اقتصادية مع عجزها عن اصلاح علاقاتها مع روسيا.حيث تتهم روسيا اوكرانيا بانها تاخذ من الغاز الروسي المنقول عبر اراضيها الى اوروبا وهو الشيء الذي تدعي اوكرانيا بانه من حقها.كما يتم اتهام الشركات الاوكرانية والمسئولين الاوكرانيين حسب الادعاء باعادة ببيع الغاز المدعوم الى اوروبا بسعر السوق. \r\n والتسوية الجديدة تجعل الاشياء اكثر تعقيدا حيث انها تسلم كل واردات الغاز الاوكرانية الى شركة روس اوكرانيرجو التي مقرها سويسرا والتي يخص نصفها غازبروم والنصف الاخر يديره بنك ريفسين النمساوي نيابة عن حملة الاسهم غير المعلنين.وثمة ادعاءات معلنة بان شركة روس اوكرانيرجو لا تتمتع بالشفافية بل انه ربما تكون ذات صلة بالجريمة المنظمة. \r\n والولاياتالمتحدة من جانبها من مصلحتها الاستقرار السياسي والشفافية والنمو الاقتصادي في اوكرانيا ووسط اوروبا.حيث انها تدعم بشكل كبير حكومة يوتشينكو ولن تتنتظر لترى فشلها قبيل الانتخابات التشريعية الحاسمة في مارس المقبل.ومن المرجح ان يلقي النخابون باللائمة على يوتشينكو الذي لا يتمتع بالفعل بشعبية في العجز عن الحفاظ على اسعار الغاز منخفضة. \r\n كما انه لدى الولاياتالمتحدة رهانات كبيرة ايضا في النجاح على دمج روسيا بوصفها مزودا رئيسيا بالطاقة في الاقتصاد العالمي،اذا كان ذلك لايزال ممكنا مع التسليم بقبضة الدولة الحالية على مصادر الطاقة.ان تحويل النفط والغاز ليستغلا كأدوات سياسية كما فعلت من قبل منظمة اوبك في السبعينات يضر بالمصالح الغربية.فضلا عن ذلك فان شركات الطاقة الاميركية تامل في توسيع شراكاتها في مجال الطاقة مع روسيا بما في ذلك تطوير حقل غاز شتوكمان العملاق في بحر بارنتس والاستثمار في حقول جديدة مثل المشاريع الثلاثة في جزيرة سخالين في المحيط الهادي. \r\n ولعله من المصلحة الكبرى لروسيا واوروبا الولاياتالمتحدة الانتقال الى جدول متدرج للزيادة في الاسعار وكفاءة الطاقة والادارة الجيدة والشفافية في اقتصاد اوكرانيا.كما انه من مصلحة روسيا كما هو من مصلحة الولاياتالمتحدة تماما ان تركز كل الاطراف المعنية على اقتصاد الطاقة الذي يفيد البلدين.اما الاعمال الاستفزازية والتصعيد فانها لا تفيد احدا. \r\n *باحث بارز في دراسات روسيا واوراسيا وامن الطاقة العالمي في مؤسسة التراث بواشنطن.خدمة\"كيه ار تي\"خاص ب(الوطن). \r\n \r\n