\r\n \r\n وبهذا مرت الأطراف المحافظة بأوقات صعبة أثناء محاولاتهم إثبات أنه على الرغم من تلك الانجازات التي قام بها، فإن كلينتون رئيس مفرط في إظهار عواطفه وفي إنفاقه وفي فرضه للضرائب. \r\n \r\n وانتهى بهم الأمر إلى توجيه اتهامات له بأنه زير نساء كذب بشأن نزواته الجنسية. ولكنه خرج من كل هذا وهو يتمتع بشعبية أكبر من الجمهوريين الذين وجهوا إليه اتهامات بالتقصير والخيانة. وبالمنطق ذاته جاء جورج بوش الذي يمقته اليساريون ليصيب الديمقراطيين بدرجة أكبر من الجنون والإحباط. \r\n \r\n فلننظر إلى المشهد الاقتصادي، إذ أثناء الفترة الأولى من رئاسته، تسبب الرئيس الأميركي في زيادة عجز الميزانية الفيدرالية. ولكن هذا العجز في الميزانية لم يكن يعود إلى ضآلة حجم الأموال المتدفقة إلى خزائن الدولة. \r\n \r\n فحقيقة الأمر تشير إلى أن النمو في حجم الاقتصاد تسبب في تدفق حجم أكبر من الإيرادات السنوية المعدلة التي تتلقاها الخزانة الأميركية بالمقارنة مع ما كان يتوفر قبل التخفيضات الضريبية التي قدمها بوش. وقد شهد هذا العام زيادة كبيرة في الدخل الفيدرالي بلغت 6 ,14% بالمقارنة مع العام الماضي. \r\n \r\n لا، إن المتهم الحقيقي في هذا الشأن هو أسلوب الإنفاق الليبرالي المفرط الذي أُتبع أثناء الفترة الأولى لرئاسة بوش. فمن دون النظر إلى اعتبارات الحرب واعتبارات الأمن الداخلي، عمل الرئيس أيضا على زيادة البرامج الفيدرالية التي هي من وجهة نظره تقدم فوائد معينة. \r\n \r\n وذلك بنسبة بلغت نحو 9% في العام ومرر برامج كبيرة مثل قانون الرعاية الصحية. ويتضح في هذا الصدد أن الرئيس لم يعترض على اقتراح واحد في مجال الإنفاق. \r\n \r\n إذاً كيف يمكن لديمقراطي كبير أن يكسب نقاطاً على حساب رئيس تفوق على بيل كلينتون بمقدار ثلاثة أضعاف فيما يتعلق بمعدل الإنفاق الفيدرالي؟ \r\n \r\n لقد جرب الديمقراطيون أسلوب تقليص الضرائب على الأثرياء. ولكن ماذا يقولون هم عندما يتضح أن تقريباً كل مواطن أميركي حصل على إعفاء ضريبي وأن معظم هؤلاء من أصحاب الدخول العالية ما زالوا يدفعون أكثر من 50% من رواتبهم للضرائب وذلك عند النظر إلى ما يدفعونه إلى الضرائب الفيدرالية والمحلية وضرائب الرواتب مجتمعة؟ \r\n \r\n فضلا عن ذلك ظل معدل البطالة و معدل الفائدة على مستوياتهما المنخفضة في حين ارتفعت بشدة معدلات الاستهلاك وكذلك معدل إجمالي الناتج المحلي. \r\n \r\n الديمقراطيون يواجهون حجم المأساة نفسها فيما يتعلق بالعراق، وذلك على الرغم من أن الحرب لا تتمتع بشعبية في الوقت الحالي.إنهم لا يسيرون على درب أصحاب المبدأ الانعزالي التقليدي الذي يفضل أصحابه المكوث داخل الوطن. \r\n \r\n ويُحسب لهم أن معظمهم ليسوا على نمط أصحاب المنهج الواقعي الكئيب الذي يعتقد أتباعه أنه لا ينبغي لنا إلا أن نفكر في كيفية رجال العصابات الموجودين في الخارج معنا ولا يجب علينا أبدا التفكير في كيفية تعامل هؤلاء فيما بينهم. \r\n \r\n ولذلك فإن الديمقراطيين، بينهم وبين أنفسهم، يعترفون بأن قرار الحرب، على الرغم من كونه قراراً ساذجاً أو مثالياً بشكل كبير من وجهة نظرهم، اتخذ بكل بساطة من أجل المصلحة الذاتية لأميركا. \r\n \r\n ولأن أسعار النفط قفزت بشكل كبير بعد حرب العراق، فإن الديمقراطيين لم يعد بإمكانهم استخدام شعار «لا للدماء مقابل النفط». فمنذ أن انسحبت إسرائيل من غزة كثر الحديث عن وجود حرب بديلة لإسرائيل. ومنذ أن غادرت القوات الأميركية السعودية كثر الحديث أيضا حول أن الإدارة الأميركية تسعى إلى هيمنة دائمة على منطقة الخليج الغنية بالنفط. \r\n \r\n ومن منطلق العقلية التقدمية هل يمكن للديمقراطيين أن يزعموا أن العرب، لكونهم مختلفين عن شعوب أوروبا الشرقية وآسيا وأميركا اللاتينية، غير مستعدين للديمقراطية؟ وباعتبار الديمقراطيين من المعجبين بجون إف كيندي، هل يمكنهم الشكوى بالقول إننا في حاجة إلى التعامل مع العالم كما هو وليس كما نحلم به أن يكون؟ \r\n \r\n نحن يمكننا أن نتفهم الورطة التي يعاني منها الديمقراطيون بشأن القضايا الداخلية والخارجية عن طريق النظر إلى النقد المتنامي الذي توجهه القاعدة المحافظة للرئيس. المتشددون من تلك القاعدة يرون أن الرئيس جانح بشكل غير مريح إلى الليبرالية والمثالية غير المطلوبة، بعبارة أخرى يقول هؤلاء إنه يتصرف كالديمقراطيين. \r\n \r\n وعلى الساحة الداخلية يتهم دعاة مذهب الحرية الرئيس بأنه مفرط في الإنفاق و أنه خُدع بفكرة أن الحكومة الفيدرالية يمكنها حل المشكلات الاجتماعية عن طريق تخصيص مزيد من الأموال لتلك المشكلات. \r\n \r\n وعلى الساحة الخارجية يرى المحافظون القدامى من أمثال بات بوكانان أن بوش شخص إمبريالي من المحافظين الجدد، في حين أن أصحاب المذهب الواقعي من أمثال برينت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي في عهد جورج بوش الأب، يزعمون أن بوش الابن ينتمي لفئة المثاليين الحالمين غير الواقعيين. \r\n \r\n لكن نظراً لأن جورج بوش يبدو بشكل غريب وكأنه يعمل كثيرا من الأشياء التي كان سيفعلها ديمقراطي في موقعه ، فإن المؤيدين من قاعدته يظلون على مساندته. فهم يرون تقدما حاصلا على الأرض في العراق ( وهي الحرب التي صوت لصالحها معظم الديمقراطيين في الكونغرس) ويدركون أن الاقتصاد قوي و أن عجز الميزانية بدأ في الانخفاض، وبالتالي فإنه ليس لديهم مجال للمعارضة. \r\n \r\n إذاً ماذا يملك الديمقراطيون المصابون بالحيرة دائما؟ إنهم يطالبون بالسلام ولكن ليس لديهم بين أيديهم مرشح سلام حقيقي في المستقبل يتقدمون به. إن الديمقراطيين يشيدون بشجاعة جون مورثا، عضو الكونغرس عن ولاية بنسيلفانيا، و لكنهم لا يصوتون من أجل دعم تقدمه. إنهم يتحدثون عن الانسحاب من العراق و لكنهم لا يتقدمون بجدول زمني للانسحاب أو بجدول لخفض تكاليف الحرب. \r\n \r\n البعض منهم لا يزال يملأ الدنيا صراخا بالشكوى من أن الأثرياء أصبحوا أكثر ثراءً وأن الفقراء أصبحوا أكثر فقراً، ولكن لا يوجد لديهم إلا القليل من المطالب الحقيقية بزيادة الضرائب أو زيادة برامج الرعاية الفيدرالية. \r\n \r\n وبدلاً من أن نجد أمامنا نقاشاً حقيقياً أو أجندة بديلة، فإننا نجد تلك الشكاوى من الفيضانات في نيو أورليانز والأكاذيب ذاتها التي يروجها سكوتر ليبي بحثا عن فرصة كي تتحول أي جُنحة بسيطة إلى ما هو بحجم جناية على نمط قضية مونيكا لوينسكي، وبهذا يتم تعويض عجز الديمقراطيين عن التقدم بأجندة بديلة متكاملة. \r\n \r\n فإذا كان كارل روف قد استنسخ كتاب المسرحيات الخاص بديك موريس، مستشار كلينتون السابق، فإن الديمقراطيين المحبطين في مجلسي النواب والشيوخ بدورهم سيكونون قد تبنوا المنهج ذاته الذي كان يسير عليه ذلك الكونغرس الديمقراطي المليء بالتناقضات والمشاحنات في 1998 وكلنا نعرف من فاز في النهاية بالمواجهة. \r\n \r\n في الوقت ذاته فإن الاقتصاد يواصل تقدمه والعراقيين يواصلون عملية الانتخاب والديمقراطيين المنهكين يواصلون الانحدار. \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n خاص ل«البيان» \r\n \r\n