وقد ظهر هذا التحسن في المواقف العربية تجاه أميركا في استطلاع للرأي أجرته ''مؤسسة زغبي الدولية'' خلال شهر أكتوبر من عام 2005 بتكليف من المعهد العربي الأميركي وشمل شعوب ستة بلدان عربية، حيث أخذت عينة تتكون من 3600 عربي من دول المغرب ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة ولبنان ثم الأردن. \r\n ومن خلال دراسة متأنية للنتائج التي تضمنها استطلاع الرأي تبين بجلاء أن ما يقرب من ثلث المواطنين الذين خضعوا للمسح في المغرب والأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة عبروا عن مواقف إيجابية تجاه أميركا. ولم يستثنَ من هذا المنحى سوى مصر والسعودية اللتين سجلتا نسبا منخفضة في المواقف الإيجابية لمواطنيهما تجاه الولاياتالمتحدة، حيث لم تتعد تلك النسب 9% في السعودية و14% في مصر. لكن الملاحظ أن النسبة الإجمالية من المواقف الإيجابية في البلدان الستة ارتفعت عما كانت عليه في .2002 واللافت للنظر أيضا أن الولاياتالمتحدة تحتل مرتبة متأخرة بالمقارنة مع باقي الدول التي استطلع رأي المواطنين العرب تجاهها، مثل الصين وروسيا والهند، حيث احتلت الصين موقعا متميزا في العالم العربي. وفي الوقت الذي يبدو فيه الموقف الإيجابي من أميركا هشا، تزداد المشاعر السلبية ترسخا. \r\n وكما المرات السابقة أظهر استطلاع الرأي بوضوح أن السبب الرئيسي لهذا الموقف السلبي هو السياسات الأميركية في المنطقة. أما عندما طلب من المستجوبين تحديد القضية الأهم التي تسهم في تشكيل موقفهم السلبي من أميركا فقد توحدت الردود حول موضوع العراق الذي احتل المرتبة الأولى لدى الدول الست مجتمعة، ثم تلاه في الأهمية المعاملة الأميركية للعرب والمسلمين. ومن ناحية أخرى يبدو أن سياسة دعم الديمقراطية في المنطقة التي تتبناها إدارة بوش لم تحظ بالتأييد سوى لدى المسيحيين في لبنان الذين عبروا عن مواقف إيجابية من الولاياتالمتحدة وصلت إلى 57%. وبعكس ذلك كان موقف المسلمين في لبنان سنة وشيعة سلبيا للغاية من أميركا ووصل إلى 80%. وبالرغم من أن مصر والسعودية كانتا الدولتين الأكثر استهدافا من قبل حملة بوش للتغيير الديمقراطي، إلا أن التأييد الشعبي في هاتين الدولتين للمبادرات الأميركية في هذا الاتجاه محدود. وعلى سبيل المثال فإن 4% فقط من المستجوبين في مصر قالوا إن سياسة بوش الرامية إلى دعم الديمقراطية تحدد موقفهم من أميركا، في حين وصلت تلك النسبة في السعودية إلى 9%. وبعبارة أخرى فقد أبدى أغلب المستجوبين في مصر والسعودية مواقف سلبية من سياسات بوش لأنهم يعتبرونها تدخلا سافرا من قبل الولاياتالمتحدة في شؤونهم الداخلية. \r\n ولعل أهم خلاصة يمكن الخروج بها من استطلاع الرأي هذا هي أن المواقف السلبية من أميركا مازالت مرتفعة لدى شرائح واسعة في العالم العربي، رغم التحسن الطفيف الذي طرأ على تلك المواقف خلال السنة الجارية. ومما لاشك فيه أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى السياسات الأميركية في المنطقة التي قليلا ما تحظى بقبول الشعوب العربية. \r\n \r\n