والتوقعات في تزايد مستمر حول تداول المحكمة العليا لأدلة ثبوتية في القضية وانها قد تصدر ادانات بحق بعض كبار المسؤولين في ادارة بوش وستكون عواقب هذه الادانات على فعالية البيت الابيض عميقة جدا‚ وقد شبه بعض كبار صانعي الرأي العام مشاكل ادارة بوش الحالية بتلك التي اثرت على الولاية الثانية للرئيسين رونالد ريغان وبيل كلينتون - الاول بفضيحة ايران كونترا والثاني بفضيحة مونيكا- فقد تراجعت شعبية ريغان واما شعبية كلينتون فقد ازدادت‚ \r\n ولكن هذه المقارنات تغفل ثلاثة فوارق هامة بين فضائح الماضي والفضائح الحالية وتقلل من حجم الطاقة الكامنة في التحقيق بقضية بليم وتأثيرها على السياسات المحلية والدولية أولا: على عكس التحقيقات في ادارتي ريغان وكلينتون تذهب التحقيقات الحالية الى قلب النزاع العسكري الأميركي الحالي فقد بدأت فضيحة بليم عندما شكك السفير الأميركي السابق جوزيف ولسون - زوج بليم - علنا باستقامة مبررات بوش لغزو العراق‚ ومن غير المعقول ببساطة ان تنشغل المحكمة العليا طوال هذا الوقت في التحقيق في فضيحة بليم وتطلبت شهادة عدد كبير من مهندسي السياسة الخارجية لو ان التحقيق تركز فقط على الكشف عن هوية عميلة ال «سي‚اي‚ايه»‚ وفي الواقع تقول التقارير ربما تعيد التحقيقات التركيز على لفت اهتمام الجمهور الى وثائق مزورة استعملتها الادارة لتدعيم قضيتها لغزو العراق وتوريطها في مستنقع ما زال هدفها غير الموثوق يكلف ارواحا في صفوف الأميركيين‚ \r\n ثانيا: الولاياتالمتحدة اليوم منخرطة بصورة مباشرة اكثر في ادارة نزاعات دولية حيوية وهامة مما كانت في عام 1987 وعام 1998‚ ففضيحة ايران كونترا تركزت على عملية سرية في مياه خلفية في اطار الحرب الباردة في أميركا الوسطى في الوقت الذي كانت تجرى فيه تغييرات ضخمة خلف الستار الحديدي بقليل من التدخل الأميركي‚ واما فضيحة مونيكا فلم تؤثر على دور أميركا في الانضمام لجهود فرنسا في مواجهة سلوبودان ميلوسوفيتش بخصوص الاعتداء على كوسوفا‚ \r\n لكن التدخل المباشر لادارة بوش في العديد من الجبهات الدولية - من الصين والعراق الى ايران وكوريا الشمالية - يعتبر حيويا وحاسما في الاستقرار السياسي الدولي فقد انخرطت الادارة مع القيادة الصينية حول تشكيلة واسعة من القضايا الشائكة‚‚ وفي العراق توجد القوات الأميركية من اجل تمكين الحكومة العراقية الجديدة لتطوير قدرات للدفاع عن نفسها ضد اعدائها المحليين والخارجيين والولاياتالمتحدة فقط هي القادرة على دفع المفاوضات مع ايران وكوريا الشمالية حول برامجها النووية‚ ولذلك فإن الاضطرابات داخل الادارة التي سوف يتعرض المسؤولون الرئيسيون عن السياسات بها للتشتيت وفي بعض الحالات للضغوط من اجل اجبارهم على الاستقالة‚ وستكون النتيجة تغيرات دراماتيكية وانعدام الثقة على جميع الجبهات‚ \r\n ثالثا: تشير استطلاعات الرأي حول شعبية بوش الى ارقام اقل بكثير مما كانت شعبية ريغان وكلينتون في ذروة الفضيحة‚ ففي ابان التحقيقات بفضيحة ايران كونترا ظلت شعبية ريغان في حدود 45 بالمائة في معظم استطلاعات الرأي العام‚ واما شعبية كلينتون خلال فضيحة مونيكا فقد ارتفعت الى اكثر من 60 بالمائة خلال محاولة اقالته‚ واما شعبية بوش فقد هبطت الى 39 بالمائة‚ واذا ما تمت ادانة بعض مسؤولي الادارة فإن الطريقة التي سيعالج بها الرئيس الأزمة سوف تقرر ما اذا كانت شعبيته المنخفضة سترتفع أو تهبط‚ \r\n بالاضافة الى ما تقدم تواجه ادارة بوش درجة اعلى من التشاؤم وحتى المقاومة من داخل حزبها‚ وهذا اكثر تأثيرا فبينما واجه ريغان وكلينتون معارضة مسيطرة على الكونغرس يواجه بوش الجمهوريين - حزبه - الذين يسيطرون على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ وبالمقابل كان كلينتون وريغان يراهنان على حلفاء موثوقين لهم في الكونغرس لدعم الترشيح للرئاسة لنائبيهما ولكن انتخابات عام 2008 باتت مفتوحة لجميع الطامحين الجمهوريين والديمقراطيين‚ \r\n يعتبر التوقيت مهما في السياسة واحيانا يعتمد عليه كل شيء‚ فالنتائج المترتبة على فضيحة بليم وصلت في وقت صعب جدا بالنسبة للجمهوريين عموما وللادارة بشكل خاص ووسائل الاعلام الأميركية بدأت تركز فعليا على المشاكل التي لا تجتذب في العادة اهتماما ويقومون بربطها بالبيت الابيض ومن هنا تنبع التوقعات في واشنطن من الدهشة المتوقعة للفضيحة الكبيرة التالية والمتعلقة بالتحقيق المزور في قضية جاك ابراموف المعروف ب «المصلح» في قضية توم ديلاي زعيم الاغلبية في مجلس النواب الذي اطيح به مؤخرا‚ وقد تحولت التحقيقات في الدور الضاغط الذي مارسه ابراماوف الى وجود اتصالات مع البيت الابيض عبر الزعيم السابق للتحالف المسيحي رالف ريد ونفوذه لدى كارل روف المستشار السياسي لبوش‚ كما توجد شكاوى بخصوص ترشيح بوش لهاريت مايرز للعضوية في المحكمة العليا والتي لقيت انتقادات من قبل معارضة شملت الحزبين الجمهوري والديمقراطي واجبرتها على الانسحاب‚ \r\n ان تضافر نتائج هذه المشاكل لتصبح نوعا من «العاصفة السياسية» يثير احتمال ان تؤدي الادانات المتوقعة الى خلق أزمة دائمة في قلب الادارة‚ مع هذه المسائل وكيف سيحكم الجمهور على تحركاته التالية هو الذي سيقرر ما اذا كان الرئيس سيكون قادرا على انجاز أي شيء قبل نهاية ولايته في عام 2008‚ وفي غضون ذلك ستكون التحديات المتمثلة في اعادة بناء العراق وتوسع الصين الحثيث والبرامج النووية لكوريا الشمالية وايران ليست في حالة تراجع كما ان السكاكين يجري شحذها منذ الآن في واشنطن وهذه مجرد بداية‚ \r\n \r\n