دعنا نتأمل العناوين الرئيسية للصحف الصادرة أخيراً، فرئيس الوزراء العراقي الجديد إبراهيم الجعفري سافر إلى إيران من أجل تقوية التحالف الأمني مع القادة الإيرانيين، وأشاد علي شمخاني، وزير الدفاع الإيراني بالاتفاق وقال إنه يمثل «فصلاً جديداً في العلاقات مع العراق» على حد تعبيره. \r\n \r\n \r\n هل أنفقت الولاياتالمتحدة 200 مليار دولار وضحت بحياة نحو 2000 شخص وتسببت في إلحاق إصابات جسيمة وتشوهات جسدية بألوف أخرى من أجل أن يتمكن قادة إيران الذين يبغضون أميركا من كسب حليف في العراق ودعم تصورهم لمستقبل منطقة الخليج؟ من الصعب تخيل وجود نتيجة أكثر إثارة لعدم الاستقرار من تلك التي حدثت في تلك المنطقة الحساسة من العالم. \r\n \r\n \r\n إنه كابوس يطارد الإدارة الأميركية الحالية بصورة ملموسة. ولذلك فإن سيمور هيرش، ذلك الصحافي المعروف من مجلة «نيويوركر» والذي بذل جهداً يفوق أي شخص آخر ليوضح حقيقة تلك الحرب، يقول إن الإدارة تبنت ما وصفه بجهد «سري» استهدف إلى تزوير الانتخابات في العراق بغية حرمان الأحزاب الشيعية الدينية من الحصول على غالبية تمكنها من حكم البلاد. \r\n \r\n \r\n لقد أشاد البيت الأبيض بالانتخابات واصفاً إياها بأنها نجاح كبير وتعبير حر وغير مقيد للديمقراطية. ولكن بحسب المصادر الاستخبارية لسيمور هيرش، فإن عمليات الفشل مورست بكثرة من الجانبين. وقام البيت الأبيض بإنجاز عملية سرية تهدف إلى الوقوف بجانب الطرف المساعد لإياد علاوي القائم بأعمال رئيس الوزراء وقتها، وهو الشخص الحليف للولايات المتحدة والعميل السابق ل «سي آي إيه». \r\n \r\n \r\n وفيما يبدو نجحت تلك العملية. فقد كان أداء حزب علاوي في الانتخابات أفضل بكثير مما كان متوقعاً. كما كان أداء الأكراد الموالين للولايات المتحدة أفضل مما كان متوقعاً. وعلى الرغم من ذلك كله فإن إبراهيم الجعفري، زعيم حزب الدعوة الشيعي والأصولي الذي قضى عقداً من الزمن في منفاه بإيران، أصبح هو الشخص الذي يتولى رئاسة الحكومة العراقية. \r\n \r\n \r\n وبطبيعة الحال أصدرت الإدارة الأميركية بياناً تُنكر فيه وجود أي عمل سري لتزوير الانتخابات. ولكن البيان كان مصاغاً بشكل جيد يفيد إنكار وجود «أي عملية سرية لمساعدة أي مرشح فردي لرئاسة الحكومة». ولم يذكر البيان أي شيء متعلق بالأحزاب السياسية. ولا يُنكر البيان وجود أي عملية سرية مستقلة مثل تلك التي نسجت خيوطها إدارة ريغان بعد انكشاف فضائح إيران كونترا في الثمانينات. \r\n \r\n \r\n وحتى إذا أنهى المتحدث باسم البيت الأبيض حديثه منكراً هذا كله، فمن الذي سيصدقه فيما يقول؟ فهذا هو البيت الأبيض الذي وصف بأنها «سخيفة» تلك التقارير التي أفادت أن السياسي المخضرم كارل روف كان متورطاً في محاولة للإساءة إلى سمعة السفير السابق جوزيف ويلسون عن طريق فضح أمر زوجته التي كانت تعمل بشكل سري مع «السي آي إيه». لقد قيل لنا وقتها الآتي : «إن البيت الأبيض لا يعمل بهذه الطريقة». ولذا فإنه إذا كان هناك أي مساعد للبيت الأبيض في الانتخابات العراقية فإنه سيجري إنكار الصلة به في الحال. \r\n \r\n \r\n والآن أصبح من الواضح أن الإنكار كان كذبة. وأن هذا البيت الأبيض يعمل بتلك الطريقة. لقد كان روف غارقاً حتى أذنيه في تشويه صورة ويلسون. ومن الواضح أن وعد الرئيس بالتخلص من أي فرد يكون متورطاً في هذا الشأن هو وعد لا يصلح للتنفيذ. إن الجمهوريين الذي يسيطرون على الكونغرس قد وضعوا مصالح الحزب فوق مصلحة أميركا، وشنوا حملة دعائية غريبة لمهاجمة ويلسون من أجل إلهاء الشعب الأميركي عن أكاذيب البيت الأبيض. \r\n \r\n \r\n هذه فضيحة للرئيس بوش والكونغرس الجمهوري، ولكن الأمر في الوقت نفسه يمثل مأساة بالنسبة لنا. فنحن تورطنا في مستنقع حرب قمنا بشنها بناءً على ادعاءات كاذبة قدمتها إدارة قامت، كما خلص حلفاؤنا البريطانيون، بتلفيق معلومات استخبارية تفيد سياستها. إن القوات الأميركية متورطة في مستنقع من الاحتلال تقول عنه «السي آي إيه» إنه يولد عناصر لتنظيم القاعدة. فالقيادة الجديدة للعراق آخذة في تكوين تحالف وثيق الصلة بحكام إيران، الذين يمثلون أكبر أعدائنا في المنطقة. \r\n \r\n \r\n وبشكل لا يدعو إلى الدهشة فإن هناك حرباً أهلية آخذة في الاشتعال داخل العراق، وذلك لأنه لا السنة ولا الأكراد سيقبلون بحكم الشيعة.نحن في أمس الحاجة إلى قيادة حكيمة موثوق بها تخرجنا بسلام من تلك المأساة. غير أن الأميركيين بدأوا تدريجياً في إدراك أن هذا الرئيس وإدارته ينقصهما الصراحة والمصداقية. \r\n \r\n \r\n إن الكونغرس الجمهوري الجبان والفاسد يقدم سياسته الحزبية فوق مصلحة الأمن القومي للدولة ويُبعد البيت الأبيض عن أي مساءلة جماهيرية. فثقافتنا السياسية الحزبية المتصدعة بشكل قاس ومؤلم تتسبب في تحويل القضايا الحيوية والصعبة المتعلقة بالحرب والسلام إلى مشاجرات سياسية مثل تلك التي تقع في مباريات البيسبول. \r\n \r\n \r\n إن الشباب من الرجال والفتيات الذين يعيشون الخطر في العراق يستحقون من أميركا بالتأكيد ما هو أفضل من ذلك. الجمهوريون يسيطرون على البيت الأبيض والكونغرس. هل يوجد بينهم من لديه من الشجاعة ما يكفي لمساءلة إدارة بوش. \r\n \r\n \r\n خدمة : «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n